نعيش في زمن العجائب، الزمن المبكي المضحك، زمن يتحول فيه السجينان في سجون الاحتلال، إلى وزير سجان وسجين مسجون في حكومة الوزير السجان، ومثال ذلك السجين في سجون حكومة رام الله (فياض فتح)، والتي يشغل فيها عيسى قراقع وزيرا للأسرى، وفي سجون حكومته يقبع الآن رفيق برشه وزنزانته الأديب والكاتب وليد الهودلي، دون أن يحرك قراقع ساكنا، والذي يتباكى على الأسرى في سجون الاحتلال، وفي نفس الوقت يعتقل الأسرى المحررين من سجون الاحتلال في سجون حكومته، حيث تشير المعلومات أن هناك أكثر من 350 أسيرا محررا يقبعون في سجون عيسى قراقع وحكومته.
كيف يمكن لنا أن نصدق أن قراقع يمكن له أن يحمل ملف الأسرى، وهو الآسر للأسرى المحررين؟، كيف يمكن لنا أن نقتنع أن قراقع هو المدافع عن الأسرى والكاشف لجرائم التعذيب في سجون الاحتلال، وفي سجنه وسجن حكومته يعذب الأسرى ويشبحون ويتعرضون للمهانة والسباب وللمحاكمات.
قد يقول البعض هذا تجني على أسير محرر عانى من ويلات السجون الإسرائيلي سنوات طوال، وعانى من التعذيب، لا أحد ينكر ذلك، ولكن مشاركته في حكومة تعتقل وتعذب الأسرى وتحاكمهم، تجعل النظرة إليه فيها شك وريبة، فلا يمكن أن يتحول السجين الحر إلى سجان لرفاق دربه وسجنه، ولو قيل أنه لا يقدر على تغيير شيء كون الأمر ليس بيده، أو بيد حكومته، فأقل ما يمكن أن يفعله لو كان صادقا مع نفسه ورفاقه أن ينسحب من هذه الحكومة ويقف معلنا رفضه هذه الاعتقالات للأسرى المحررين، ولكنه لا يقدر، وهو يوافق على ما يجري، وهذا دليل واضح من خلال استمراره في حكومة تعتقل الأسرى المحررين من سجون الاحتلال في سجونها.
وليد الهودلي الأسير المحرر من سجون الاحتلال والذي اعتقل لعدة سنوات والتي أفرج عنه من الاعتقال الأخير قبل نحو عام، يعاد اليوم اعتقاله من قبل أجهزة امن حكومة قراقع، ويداهم بيته من قبل قوات الاحتلال، ومن قبل أجهزة امن حكومة (فتح فياض)، وربما يتعرض الآن للتعذيب و التحقيق على أيدي زبانية سجن بيتونيا في رام الله، أو أحد فروع سجونها المختلفة.
الهودلي هو كاتب وقاص، فهل بتنا نخاف من الكلمة كما نخاف من الرصاصة، هل باتت القصيدة أو القصة صاروخا يحمل رأسا نوويا قد يدمر عرش الاحتلال ومن يتعاون معه؟، لماذا أذن يعتقل الهودلي، ويداهم بيته ويحقق معه؟، هل بات يشكل خطرا على أمن سلطة رام الله، أو انه يهدد أمن سلطات الاحتلال؟.
إن ما تقوم به حكومة( فياض فتح) هو جريمة بحق الكلمة، وحرية التعبير، ومحاولة لتكميم الأفواه الحرة، وتضيق للحريات العامة ومنها حق الرأي والتعبير، عبر الكلمة أو الشعر أو القصة أو الرسم أو الصورة.
هذا الإرهاب لأصحاب الكلمة الحرة، والرأي لن يثنيهم عن المضي في طريق الدفاع عن الحقوق، وفضح جرائم الأجهزة الأمنية وكشف عورتها، وتعاونها مع الاحتلال، لأنه ليس من باب الصدفة أن يداهم منزل الهودلي من مخابرات الاحتلال وقواته، ومن أجهزة أمن رام الله في آن واحد، لأنه من الملاحظ أن الهودلي اعتقل بناء على تعليمات من الاحتلال الإسرائيلي، ومداهمة بيته من أجهزة امن رام الله أيضا جاء بأمر من قوات الاحتلال التي داهمت البيت ولم تصل إلى ما تريد فأصدرت أوامرها لهم بمداهمة البيت فقد يحصلوا على ما لم يحصلوا عليه.