لم تكتف دولة الاحتلال بأن تكون سيناء مرتعا لهجماتها الجوية طيلة الأشهر الماضية، فرفعت سقف أطماعها بجعل الساحة المصرية مصيدة لمن تريد اعتقاله من الفلسطينيين أو على الأقل اخذ المعلومات المطلوبة منه بواسطة غياهب سجون الأمن المصرية.
فلا يخفى على عاقل أن المنتفع الأول من خطف الشبان الأربعة في سيناء هي (إسرائيل)؛ نظرا لتوجهات الشبان وطبيعة عملهم وخاصة بعد أن تبنتهم كتائب القسام، فـ(إسرائيل) استغلت العداء الذي تحمله النفوس الأمنية المصرية ضد حماس، لتحقيق مبتغاها ومخططاتها، والتي ابتدأت بتشديد الخناق على غزة سواء بإغلاق المعبر أو الأنفاق وليس انتهاء بخطف أبناء غزة.
وبهذه الحادثة، يرى المراقبين أن النظام المصري يكون قد ضرب عصفورين بحجر، الأول أن حاز على رضا (إسرائيل) وما لذلك من نتائج سياسية واقتصادية يتنعم بها النظام، والآخر محاولة جديدة لجر حماس لساحة سيناء؛ لتحقيق أهداف عدة على رأسها إضعاف المقاومة وتشتيت أعمالها، وإدخالها في معارك مع التنظيمات الجهادية التي يتألم منها النظام.
وكان قد أكد موقع "واللا" العبري قبل فترة، وجود تنسيق ميداني بين الجيشين المصري و(الإسرائيلي) على كافة المستويات لمنع تهريب السلاح عبر الأنفاق لغزة، ومحاربة الجماعات الجهادية في سيناء وفق زعمه.
المواقع الإخبارية (الإسرائيلية) كانت السباقة في نشر أخبار عملية الخطف، مع تأكيدها الحازم بأن المختطفين أعضاء في كتائب القسام، مما يثير الريبة عن مصدر تلك المعلومات، وعلى النقيض تماما صمت الإعلام المصري حين جرى الحديث عن هذه الحادثة، ليضع علامات استفهام جديدة.
وبغض النظر عن الأيادي المنفذة للعملية، فإن المؤشرات تؤكد بالدليل الدامغ تورط الجهات الأمنية المصرية فيها، ويؤكد ذلك تصريح مصدر مطلع في حركة حماس بأن عناصر في جهاز أمني مصري متورطة في حادثة اختطاف الشبان الأربعة.
ويشار إلى أن دولة الاحتلال تستبيح الأراضي السيناوية منذ سنوات فقد اخترقت الحدود لمسافات كبيرة في أكثر من مرة من أجل تصفية كوادر جهادية مثل إبراهيم عويضة في قرية خريزة وسط سيناء، صيف 2012، ومهدي أبو دراع في قرية جوز أبو رعد بجنوب رفح في عام 2013، كما قصفت سيارة تقل 4 جهاديين في منطقة العجراء جنوب رفح في صيف 2013، فيما اعتقلت الناشط الفلسطيني وائل أبو ريدة من سكان غزة خلال رحلة علاجية بمصر.
وفي مطلع العام الجاري أكدت القناة العبرية العاشرة أن "الجانب المصري يوافق على كل طلب تتقدم به (إسرائيل) حول سيناء"، فيما ذكر معلق الشؤون العسكرية ألون بن دافيد أن "التعاون بين الجيشين يمتد لتنفيذ عمليات ضد العدو المشترك للبلدين".
ومن جهتها لم تنف القاهرة على الإطلاق بيانات منسوبة للجماعات المسلحة في سيناء، والتي اتهمت فيها النظام المصري بالتنسيق مع (إسرائيل) في مواجهتها عبر أعمال مشتركة بين الجيشين (الإسرائيلي) والمصري.
ويرى مراقبون أن إنشاء المنطقة العازلة بين سيناء وغزة، وقيام (إسرائيل) بعمليات عسكرية ضد المسلحين يأتي في مقابل مساهمتها في إقناع واشنطن وحلفائها لدعم الانقلاب العسكري في القاهرة، والسماح له بإدخال قوات عسكرية لسيناء وهو أمرٌ مخالف لمعاهدة كامب ديفيد التي تقيد الوجود العسكري المصري في المنطقة المذكورة.
المفكر المصري محمد الجوادي رأى أن ما يجري في ساحة سيناء، وتأثيراته المباشرة على قطاع غزة هو تحصيل حاصل؛ نظرًا لنوعية العلاقة القائمة بين النظام المصري و(إسرائيل)، بينما قد تكون أكثر صرامة خلال الفترة المقبلة؛ تبعا للأوامر (الإسرائيلية).
وفي أسباب التدخل (الإسرائيلي) المباشر في سيناء برغم وجود قوات مصرية تقوم بعمليات عسكرية مستمرة، قال الجوادي في حديثه لـ"الرسالة نت" إن عدم ثقة (إسرائيل) بالجيش المصري في تنفيذ بعض المهمات وضعف قدرة الجيش على مواجهة التنظيمات الجهادية في سيناء دفعه للتدخل.