أثار قرار استقالة رئيس السلطة محمود عباس وتسعة آخرين من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ردود فعل فلسطينية متباينة، فهناك من اعتبرها تهدف لترتيب الأوضاع على الساحة، بينما يراها البعض وتحديدا حركة حماس دليلا واضحا على حالة التفرد والتنكر للتوافق وعدم وجود أي نوايا حقيقية لتحقيق المصالحة.
وقدمت هذه الاستقالات أثناء اجتماع للجنة التنفيذية مطلع الأسبوع الجاري وذلك بهدف الدعوة لعقد اجتماع طارئ للمجلس الوطني الذي لم يعقد رسميا منذ 1996، وفق لمصادر اعلامية.
عباس يؤكد أن الهدف من الاستقالة هو تفعيل دور وعمل اللجنة التنفيذية لتحقيق رغبة في جعلها حكومة فلسطين، بينما حماس ترى إعادة تشكيل اللجنة بهذه الطريقة يؤكد على استمرار حالة التنكر للتوافق الوطني وسياسة التفرد في القرار السياسي على الساحة.
المتحدث باسم حركة حماس سامي أبو زهري في تصريح له أوضح أن هذه خطوة استباقية لمنع أي جهد حقيقي لإعادة بناء المنظمة وتمثل تراجعا وانقلابا على اتفاق المصالحة، ودعوة صريحة لإبقاء الانقسام انسجاما مع سياسة نتنياهو.
وعلى ضوء هذه التطورات أكد أن حركته تدرس خياراتها للمرحلة القادمة دون أن تكشف عن طبيعتها في مواجهة سياسة تفرد رئيس السلطة بالقرار السياسي وإدارة ظهره للاتفاقات الوطنية.
مراقبون بالشأن الفلسطيني رأوا أن حماس تملك ادوات لمواجهة سياسة تفرد عباس بالقرار السياسي، في الوقت ذاته شددوا على أن نجاح أي خطوة ستقدم عليها الحركة تتطلب وتستوجب اجماع الكل الفلسطيني.
فمواجهة تفرد عباس بالسياسية الفلسطينية كما يرى المحلل السياسي حسام الدجني يجب ألا أن تقابلها حماس بخطوة متفردة، قائلا:" التفرد لا يمكن أن يواجه بالتفرد لاسيما وأن اي خطوة تكتب لها النجاح يجب أن تعبر عن الأغلبية الفلسطينية".
كما ويعتقد بضرورة وجود التفاف من قبل الحركة على الفصائل ومكونات المجتمع المدني والنخب الثقافية والفكرية لمواجهة التفرد والهيمنة والاحتقار الذي يمارسه رئيس السلطة في القرارات السياسية والمؤسسات السياسية.
وهنا أكد أن حماس بمشاركة الكل الوطني لديها فرصة كبيرة على مواجهة سياسات عباس التفردية بالقرار والمشروع الوطني من خلال صياغة مبادرة تستند على حالة الاجماع لإفشال ما يقوم به عباس.
وتتشكل اللجنة التنفيذية من مختلف الفصائل الفلسطينية، باستثناء حماس والجهاد وهي بمثابة القيادة السياسية المخولة باتخاذ قرارات مصيرية فيما يتعلق بالوضع السياسي والصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وفي سياق هذه التطورات يوسف رزقه المستشار السياسي السابق لإسماعيل هنية يرى أنه لا مخرج من المشهد الضار بالكل الفلسطيني إلا باستعادة مؤسسة المنظمة ممن اختطفها وجيّرها لخدمة مصالحه.
ويقول في مقال له نشره عبر صفحته على الفيس بوك: "أول اجراءات الاستعادة تتمثل بإخراج عباس من المشهد بالقانون ثم تفعيل الإطار المؤقت للمنظمة، ثم الانتخابات المتوازية والمتزامنة وتحرير مال السلطة والمنظمة من يد الفرد ووضعه في يد المؤسسة ".
المحلل السياسي خالد العمايرة من الضفة يشير إلى أن السيناريو الأبرز للمرحلة المقبلة يتمثل في عقد مؤتمر تأسيسي بمشاركة القوى الوطنية بالداخل والشتات يؤسس لمرحلة جديدة لسحب بساط الشرعية من يد أعضاء اللجنة التنفيذية للوصول إلى تطوير منظمة التحرير ومحاولة احيائها من جديد.
هذا المؤتمر وفقا للعمايرة من شأنه أن يعالج كافة الأزمات السياسية سواء المتمثلة بالقرارات الأخيرة من ضمنها بيان التنفيذية أو بإنهاء الانقسام والذهاب للانتخابات لاسيما وأن الحالة الفلسطينية بات يرثى لها، قائلا: "من يقرر اختيار اعضاء اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني هو الشعب الفلسطيني ".
ويتابع العمايرة:" يستوجب اعادة احياء المنظمة كون هذه الاشكالية متعلقة بأن يكون هناك حالة اجماع وطني للضغط على عباس للعودة لحالة الاجماع واجراء انتخابات للمجلس الوطني ثم التشريعي والرئاسة بشكل متزامن".
كما وشدد على ضرورة البدء بصياغة مبادرات سياسية من أجل تحريك المياه الراكدة وانقاذ الوضع الراهن في ظل وجود عملية انقلاب على مؤسسات المنظمة من قبل طرف عباس.