جلست أم محمد عثمان وابنتيها أمام مواقع التواصل الاجتماعي تحادث الشق الآخر من عائلتها المنقسمة بالتساوي بين غزة والسعودية، تعايد زوجها وأبنائها المتواجدين في الرياض.
وفشلت محاولات "لم شمل" العائلة خلال عيد الأضحى بسبب إغلاق معبر رفح بشكل شبه دائم، بينما تردد الزوج بالعودة إلى غزة في الأيام القليلة التي يُفتح فيها المعبر؛ لتخوفه من عدم مقدرته العودة في الوقت المحدد.
مخططات أم محمد لاستقبال العيد بحضور زوجها وابنيها للسنة الثالثة على التوالي باءت بالفشل، بعد أن حجبت "البوابة السوداء" النور عن غزة.
وتقول أم محمد: "غصة في قلبي، منذ 3 سنوات ما قضينا ولا عيد مع بعض، أشعر وكأني في سجن حقيقي"، فهي تقدمت بطلبات للسفارة الفلسطينية والمصرية والسعودية في البلدان الثلاثة، إلا أن محاولاتها لم يكتب لها النجاح.
آلاف المواطنين انقطعت بهم السبل في أن يجتمعوا خلال العيد، عائلات انقسمت بين غزة والعالم الخارجي، حال إغلاق المعبر بينهما، فالمتواجد في غزة لا يستطيع السفر للخارج، والمغترب يخاف عذابات زيارة غزة؛ لصعوبة عودته لبلاده.
الخمسينية أم محمد انشغلت طيلة الأيام الماضية في تزيين بيتها، وتضيف لـ"الرسالة نت": "جئت مع بناتي اللاتي يدرسن في جامعات غزة، بينما بقي زوجي وأبنائي في السعودية للعمل، فنحن لا نريد أن نلتقي كل شهر أو فترة قصيرة، فقط المناسبات السعيدة كالأعياد، ولكن يبدو أنه مُحرّما علينا!".
السلطات المصرية أصمت أذنيها عن سماع آلاف المناشدات الصادرة من قطاع غزة المحاصر من جميع جهاته، فلم تراعِ الحالات الانسانية منها ولا المرضى، بإغلاقها المعبر هذا العام مدة 247 يوما في مقابل تشغيله لمدة 19 يوما فقط.
أما الحاجة أم إياد التي تفتقد إبنها الذي يدرس في ألمانيا مع قدوم كل عيد، قالت لـ"الرسالة نت": "لو أن المعبر يعمل بشكل طبيعي كما بين الدول، كان إبني بقضي معنا كل المناسبات الجميلة كالأعياد والأفراح، لكن ابتلينا بظلم إخوتنا المصريين".
وإمعانا في الظلم، رفضت السلطات المصرية عودة الغزيين العالقين في الخارج إلى أهليهم خلال فترة فتحه لسفر الحجاج قبل أسبوعين، ما يضع علامات استفهام كبيرة على المعاملة القاسية التي يلقاها الفلسطيني على وجه الخصوص.
واعتادت أم إياد جمع الأسرة في كل عيد بغرفة ابنها ياسر المغترب منذ 6 سنوات، ويجتمع معهم عبر الانترنت لدقائق تذهب كالريح، بينما يترك والدته في بحر اشتياقها لاحتضانه، بعد فراق دام سنوات.
وتغلق السلطات المصرية معبر رفح بشكل شبه دائم؛ بحجة الأعمال العسكرية في سيناء، إلا أن الظروف الأمنية غالبا ما تكون مناسبة لتشغيله، لتعلو المناكفات السياسية على آلام مليوني محاصر في قطاع غزة منذ عقد من الزمن.