"قنبلة" عباس تنفجر بالساحة الفلسطينية وتغرق غزة!

الرئيس عباس في الأمم المتحدة
الرئيس عباس في الأمم المتحدة

الرسالة نت - محمود هنية

لم يأبه الشارع الفلسطيني بتصريحات رئيس السلطة محمود عباس حول قنبلته التي هدد بإلقائها في الأمم المتحدة، إذ سخرت منه أغلب الفصائل الفلسطينية ولم تأخذه على محل الجد، بل أن قيادات فتحاوية ذهبت للتقليل من أهمية هذا التصريح وتأويله إلى غير مساره في محاولة لنزع فتيل السخرية التي اثارها التصريح في الشارع الفلسطيني.

وبدا واضحًا من اللحظة الأولى أن عباس ليس بمقدوره تجاوز الخطوط الحمراء التي ترسمها الولايات المتحدة، وبدت تصريحاته وفق مراقبين أشبه بطريقة استعراضية، خالية المضمون والهدف، في ضوء غياب وجود رؤية استراتيجية لديه حول مستقبل القضية الفلسطينية، واصراره على بقاء العلاقة السياسية والأمنية مع الاحتلال.

مستشارون مقربون من عباس تنصلوا من مواقفه، فعباس زكي مفوض العلاقات العربية في حركة فتح قال لـ"الرسالة نت"، "إن عباس وحده من يسأل عن قنبلته".

أما تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية عن اليسار، سخر من خطوة عباس بالقول "إن ساحة الامم لا تلقى فيها قنابل، خشية على مصير الزعماء"، وكذلك تهكمت الجبهة الشعبية.

وكشف محمد صبيح الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، أن الرئيس عباس لم يكن اصلا في وارد أن يلقي قنابل سياسية، معتبرًا أن ما حدث هو تضخيم صحفي فقط، إذ لم تتفق المجموعة العربية على حالة من التصعيد في الأمم المتحدة، بل إن مجمل ما تم الاتفاق عليه لا يتعدى دائرة التحذير من تمادي الاحتلال وضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته.

وقال صبيح لـ"الرسالة نت" إن ما طرحه الرئيس متفق عليه بين المجموعة العربية المعنية بمبادرة السلام، وينحصر في نطاق حث المجتمع الدولي على وقف اعتداءات الاحتلال وإلزامه بعملية السلام.

وإزاء ما سبق يبدو أن قنبلة عباس ليست سوى "نفخة ريح"، رغم محاولته إظهار وجود ضغوط سياسية مورست عليه لإبطال مفعول القنبلة المزعومة، إلا ان القنبلة الحقيقية فجرها فعلًا في ساحته الداخلية عندما أعلن مسؤوليته عن فكرة اغراق غزة بالممر المائي، ووقوفه خلف خنق القطاع سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا من خلال دوره في افشال جهود التهدئة وتحريضه المتواصل ضد الفلسطينيين في غزة.

وأراد عباس أن يجعل من غزة حلبة الصراع التي يفرغ خلالها مخزون قنابله، بينما غابت عنه مرتكزات وأسس القضية ومستقبلها، وغياب أفق المعالجة لأزمات وقف هو خلف عدد كبير منها.

سياسيًا، لم يجد الساسة الغربيون فيه سوى محبط ومثير للأزمات، وهو ما عبرت عنه صحيفة

"لوفيغارو" الفرنسية في تقرير لها عن الوضعية الحرجة التي يمر بها عباس، اعتبرت فيه أن سياسته القائمة على التمسك بخيار المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي وصلت لأفق مسدود، ما ينبئ بقرب انتهاء مسيرته السياسية.

وقالت الصحيفة في تقريرها إن عباس البالغ من العمر 80 عاما يحاول منذ عدة أسابيع إخفاء فشل مقارباته السياسية.

وذكرت الصحيفة أن الرئيس الفلسطيني سبب صدمة لكل زائريه في مقر المقاطعة برام الله خلال المدة الأخيرة، بسبب حالة الكآبة واليأس التي ألمت به. ويلاحظ المقربون منه في الفترة الأخيرة أنه يعاني من حالة إنهاك حاد ويعاني من إحباط كبير، ما أدى لانتشار الأحاديث والتكهنات بشأن اعتزامه الاستقالة من منصبه والتنصل من اتفاق أوسلو.

ورغم محاولات عباس للخروج بموقف المنتصر، الا انه يدرك حقيقة الخيبة التي مني بها جراء فشل مشروعه المفاوض، الذي اعتمده على مدار عدة عقود، عدا عن نفاد فعاليته الوطنية والاقليمية من خلال فقدانه لمرتكزات القوة السياسية الداخلية والخارجية، وفق ما رأته الصحيفة.

ولهذه اللحظة ما نجح فيه تحريضه على غزة وخنقه لها، في وقت يصر فيه على رفض كل المقترحات والاتفاقات التي تعنى بتنفيذ ملف المصالحة، إذ يصر على رفض انعقاد الاطار القيادي الا في مدينة رام الله على عكس ما ترغب به جميع الفصائل، وفق ما اكده زياد الظاظا القيادي بحماس لصحيفة الرسالة.

أمّا حسن يوسف القيادي في حركة حماس، فنصح عباس بإعلان استقالته والانسحاب من المشهد السياسي الذي يحاول تضييعه بكل ما أوتي من وقت وجهد.

وأجمع مختصون في الشأن السياسي الفلسطيني والعربي، على أن تجاهل الرئيس الأمريكي باراك أوباما وعدد من قادة العالم، القضية الفلسطينية في خطاباتهم أمام الجمعية العمومية في نيويورك، وتقديم ملفات أخرى على هذه القضية، كانت رسالة صادمة وضربة موجعة لعباس.

ولم يستبعد الدكتور محمد نصري الباحث في الشأن السياسي من بيروت، أن يكون هذا التجاهل نابعًا من تفاهم عربي أمريكي، خاصة في ظل تقدم الملف السوري، وهو ما يعني أن السلطة هي تحصيل حاصل في المعادلة.

وقال نصري لـ"الرسالة نت"، إن عباس مني بهزيمة سياسية منذ البداية عندما جاء متفرقًا مشتتًا داخليًا، ومثيرًا للمعارك الجانبية التي كان بأمس الحاجة لتنحيتها ما أضعف موقفه على عكس الموقف الاسرائيلي المدعوم سياسيًا من كافة الاطراف.

أما الباحث السياسي الدكتور على هويدي، أكد أن الأطراف العربية لم تطرح أي موقف تصعيدي ضد (إسرائيل) منذ البداية ومفعول القنبلة كان فعليًا متجهًا نحو الساحة الفلسطينية من خلال التصعيد على حدود غزة وخنق حركة حماس.

البث المباشر