أجمع محللون سياسيون على أن خطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم يأت بجديد سوى التلويح بإلغاء الاتفاقات الموقعة مع (إسرائيل)، طالما استمرت في عدم الالتزام بها.
ووصف المحللون تهديد عباس بالفارغ، وأنه لا يستطيع تنفيذه على أرض الواقع، معتبرين إياه "استجداءً للأمم المتحدة والمجتمع الدولي للتحرك من أجل إحياء المفاوضات مع الإسرائيليين".
المحلل السياسي مصطفى الصواف أكد أن تهديد عباس بوقف الاتفاقات مع الاحتلال يتطلب استحقاقات عدة، أهمها أن تكون هناك وحدة وطنية فلسطينية في المرحلة المقبلة، وأن يتوقف والتعاون الأمني، موضحا أن عباس لا يبدي استعدادا لذلك.
وقال الصواف لـ "الرسالة نت" إن الاختبار الحقيقي لما يطرحه عباس هو أرض الواقع، وعليه أن يثبت إن كان بالفعل سيوقف التعامل باتفاق "أوسلو" أم انه مجرد كلام.
وأشار إلى أن عباس أفسد خطابه بتأكيد اعترافه بـ"إسرائيل" و"الشعب الإسرائيلي"، رغم عدم اعترافهم بفلسطين وشعبها، رغم كونه جزءًا من الاتفاقات الموقعة بين السلطة والاحتلال.
واستهجن المحلل السياسي تحذير رئيس السلطة بأن الصراع في الأقصى سيتحول إلى ديني إذا تصاعدت انتهاكاته، مؤكدا أن الصراع تجاوز هذه المرحلة، وأن الاحتلال بدأ بتنفيذ مخططاته دون التفات السلطة أو رئيسها.
ويوافقه الرأي، المحلل السياسي فايز أبو شمالة، الذي قال إن "خطاب عباس لم يحمل شيئا جديرا بأن يثير الانتباه، وليس أكثر من أكذوبة تعودنا عليها".
وأضاف أبو شمالة لـ "الرسالة نت" أن تهديد الرئيس بوقف الالتزام بالاتفاقات مع الاحتلال "لا يعني تنفيذ ذلك فعلا، إنما ترك عباس الباب مفتوحا للتهديد بأنه في لحظة من اللحظات سيتوقف الالتزام بالاتفاقات، وعلى المجتمع الدولي أن يتدخل ليعيدنا لطاولة المفاوضات".
واعتبر أبو شمالة أن من يتوجه إلى "الشعب الإسرائيلي" بالتوسل والرجاء بأن اقبلوا لنا نحن الشعب الفلسطيني ما تقبلوه لأنفسكم وحافظوا على الأمن والسلام معنا، لا نية لديه ولا جدية لانتهاج ما يغير مساره الذي دأب عليه منذ أكثر من 30 عاما.
وتابع: "عباس لم يأت بجديد في خطابه، كما أنه سبق أن طلب حماية دولية للشعب الفلسطيني، وهو الأمر الذي لا يجرؤ عليه المجتمع الدولي ما لم توافق عليه إسرائيل وأمريكا".
وأكد أبو شمالة أن عباس توجه للأمم المتحدة تاركا خلقه مجتمعا منقسما وأرضا فلسطينية منقسمة، "كما ترك قرارا سياسيا تائها وراح يستجدي المجتمع الدولي بأن يمنحه دولة وحماية وأن يعطيه حقوقه".
شاركه الرأي المحلل الصواف، معتبرا أن عباس كان ضعيفا جدا في خطابه ولا يملك أي خيارات، كونه ذهب إلى الأمم المتحدة منفردا وبدون وحدة صف تدعم موقفه، ولن يعيره أحد اهتمام.
وحول حديث الرئيس عن الأوضاع الداخلية، وقوله بأنه لن يقبل بأي حدود مؤقتة أو دويلات مجزأة، وأنه يجب تشكيل حكومة وحدة وطنية تلتزم ببرنامج منظمة التحرير، اعتبر الصواف أنها بداية الفشل، وأن المنظمة لم تعد تمثل الكل الفلسطيني.
وتابع الصواف: "تسمية أي حكومة بأنها حكومة وحدة وطنية، يعني أن تكون للكل وليس لمحمود عباس، والبرنامج السياسي لمنظمة التحرير لم يعد مناسبا ولا يمثل الفلسطينيين كافة، وإن كان هناك من عمل سياسي فلا بد من الجلوس وبناء استراتيجية سياسية موحدة".
وشدد على أن عباس يجب يعي أن الأمور تغيرت وأن برنامج المنظمة ليس مقدسا وكان جزءًا من مشروع التصفية للقضية الفلسطينية وفشل، معتبرا أن اشتراطه التزام الحكومة ببرنامجها أنه لا يريد المصالحة، إنما يريد تنفيذ ما هو على قناعة به.
في الوقت ذاته، رأى المحلل السياسي أبو شمالة أن عباس تنصل اعلاميا من حصار غزة واتهم الاحتلال بذلك، إلا أنه يمارس ذلك فعليا من خلال عدم صرف رواتب لموظفيها والتفاخر بأنه كان صاحب فكرة إغراق حدود غزة بالمياه.
وخلُص المحللان إلى أن الخطاب لم يكن بالمستوى الذي توقعه المواطن الفلسطيني، وليس بالصورة التي حاول عباس تصويرها في الفترة الماضية ووصفه إياه بـ "القنبلة"، مؤكدين أن الباحث في مضمونه يجد أن الرئيس استخدم كلمات السلام والاعتراف بإسرائيل أكثر من التطرق للفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم ونيل حقوقهم.