كتب غيديون راشمان أن "الحروب بالوكالة" يمكن أن تكون في غاية الخطورة للدول التي تؤجج الصراعات، وذكر في ذلك الحرب الأهلية الإسبانية في ثلاثينيات القرن الماضي، وكيف تورطت فيها قوى خارجية، حيث كانت ألمانيا النازية تدعم القوميين والاتحاد السوفياتي يدعم الجمهوريين، وكان المثاليون الأجانب يتدفقون إلى البلاد للقتال على جانبي الصراع.
وقال راشمان في مقاله بصحيفة فايننشال تايمز إن "حربا بالوكالة" مماثلة تدور رحاها في سوريا اليوم، حيث تقوم القوات الجوية الروسية والأميركية بقصف أهداف في البلاد، والمقاتلون الأجانب يتدفقون إلى سوريا.
ويرى الكاتب أن تحول الحرب الأهلية إلى حرب بالوكالة بين القوى الخارجية يشكل تطورا خطيرا ومأساويا، وأنه في الحالة السورية جعل الحرب أطول وأكثر دموية وأشد خطورة على بقية العالم وزاد صعوبة وضع حد لها.
ويضيف أن أوضح خطر على الدول التي تدور فيها رحى الحروب بالوكالة هو أن الحرب التي تُخاض في البداية من خلال وكلاء تقود في النهاية إلى صراع مباشر، مثلما حدث مع الدول التي كانت تدعم طرفي الصراع في إسبانيا في الثلاثينيات وجعلها تقاتل بعضها البعض بشكل مباشر في الأربعينيات.
وفي هذا الأمر لا يستبعد الكاتب أن يقود الصراع السوري إلى صدام مباشر بين الإيرانيين والسعوديين، أو حتى بين الروس والأميركيين، خاصة عندما تعمل القوات الجوية المنافسة قريبا من بعضها.
وفي السياق بالصحيفة نفسها، أشار باحث روسي بارز إلى أن عملية روسيا في سوريا تمثل حقبة جديدة في تطورها السياسي، إذ إنه للمرة الأولى منذ أكثر من ربع قرن يقوم الكرملين بعملية عسكرية خارجية واسعة النطاق ليس لأسباب حفظ السلام أو فرضه، ولكن بسبب اعتبارات إستراتيجية.
وتساءل الكاتب عن سبب هذا التحول، ورأى أن القيادة الروسية أدركت أنه نظرا لدورها في الشؤون العالمية تمثل أوكرانيا تطورا هامشيا لا يقود إلى أي مكان، وأن الشرق الأوسط يمثل ظاهرة أكثر من ذلك بكثير بالرغم من كل اليأس الذي تشعر به، بل إنه تقاطع إستراتيجي وليس طريقا مسدودا مثل أوكرانيا.
وأشار الكاتب إلى أن موسكو دخلت الحرب الأهلية في سوريا إلى جانب الرئيس بشار الأسد وحلفائه لأنها ترى أن السبيل الوحيد لمحاربة "الإرهاب" هو من خلال دعم الحكومة الشرعية رسميا في حملتها ضد أعدائها.
وأضاف أنه من وجهة نظر روسيا فإن القوة الوحيدة التي يمكن أن تتمسك بالأرض هي نظام الأسد والحديث عن تشكيل حكومة ائتلافية في وقت يكون فيه وجود الدولة ذاته على المحك سيكون لا معنى له.
وختم الكاتب بأنه إذا لم تسر الأمور في مسار السيناريو الليبي وسارت في المسار العراقي، أو أسوأ المسار الفيتنامي، فإن روسيا ستواجه مشاكل كبيرة داخليا وخارجيا، وسيسعد الكثيرون بالشماتة فيها.
الجزيرة نت