قائد الطوفان قائد الطوفان

في البرنامج الدوري للرسالة

قراءة في أحداث الضفة والسيناريوهات المتوقعة

جانب من الورشة
جانب من الورشة

الرسالة نت- شيماء مرزوق

اشتعلت ساحة الضفة الغربية خلال الأيام الماضية وشملت المواجهات بين الشباب الفلسطيني الغاضب وقوات الاحتلال عدة مدن في مشهد وصف بانه انتفاضة ثالثة لطالما حذر الجميع منها في حال استمرار تغول الاحتلال (الإسرائيلي) وخاصة على صعيد القدس المحتلة التي تشهد انتهاكات واقتحامات يومية بحق المسجد الاقصى.

وامام التغول (الإسرائيلي) وغياب الافق السياسي والكبت والضغط الذي تمارسه السلطة على الفلسطينيين جاءت هذه الهبة لتعيد الامل بتحريك ساحة الضفة بعد ان حاول الاحتلال والسلطة معا القضاء على المقاومة فيها الا ان الاحداث التي تشهدها الضفة منذ ايام تؤكد ان سنوات الهدوء الذي نعم به الاحتلال انتهت.

الرسالة حاولت الوقوف على ما يجري في الضفة والبنى التحتية للمقاومة ومناقشة فرص نهوضها والسيناريوهات المتوقعة للهبة الشعبية"، وذلك من خلال برنامجها الدوري "في قاعة التحرير" بعنوان "قراءة في احداث الضفة والسيناريوهات المتوقعة".

12108271_978273835528536_1015171203106350489_n

حماس تتصدر

المختص في الشأن (الإسرائيلي) والاسير المحرر محمود مرداوي أكد أن ما يجري في الضفة هبة شعبية قوية قد تمتد لتصبح انتفاضة.

وأوضح أن الحركة الوحيدة التي أُريد لها ان تكون غائبة عن احداث الضفة هي حماس رغم انها تحوز على أكبر نسبة تأييد وذلك من خلال حضورها وقدرتها على التجييش والتنظيم، كونها لا تحكم في الضفة ولذلك فإن بعض النقد الذي يوجه لها في غزة غير موجود في الضفة وهذا يرفع من نسب التأييد لها.

وشدد على ان حماس تقف على ادق تفاصيل ما يجري هناك، مشيراً إلى أن الجيل الذي يقود الاحداث في الضفة هو جيل الشباب الصغير في عمر 16 والذي لم يشهد احداث انتفاضة الاقصى وخضع لكل محاولات التدجين لمسخ شخصيته وقتل انتمائه لوطنه ودينه لكن كل هذه الحملات فشلت.

وبين مرداوي ان بعض الشباب من حيث الشكل تأثروا بمحاولات تغريبهم لكن من حيث المضمون لم يتأثروا ولديهم وعي بقضايا الوطن ولديهم قدرة واستعداد للتضحية.

وأكد ان الفصائل عامة بما فيها الحركة الاسلامية تريد ان تستمر الهبة الشعبية لتتحول بعدها لانتفاضة مع المحافظة على اقل قدر من الخسائر في صفوف الشباب الفلسطيني، معتبرا أن المهم هو اشغال الاحتلال وتهيئة الظروف للانتفاضة وتجاوز السلطة.

من جانبه المختص في الشأن (الإسرائيلي) علاء الريماوي أكد أن الاحداث متسارعة جداً في الضفة، وهناك قرار بوقف الهبة الشعبية والدليل الانتشار الواسع لأجهزة امن السلطة بعد صدور قرار من الرئيس محمود عباس بضرورة اخلاء مناطق الاحتكاك تدريجياً.

مرداوي: اشتعال الضفة سيستنزف جيش الاحتلال وحماس حاضرة بقوة

وبين ان القوى الاسلامية وتحديدا حماس والجهاد هي من تتصدر مناطق الاحتكاك وتتصدر المواجهات مع الاحتلال وهذا يشكل خطر على الاحتلال والسلطة.

وفي البعد السياسي أشار إلى وجود اتصالات أمريكية وأوربية بدأت تجري مع المقاطعة لإنهاء الهبة الشعبية واحتوائها والعودة لحالة الهدوء.

وأوضح الريماوي أن هناك عوامل عديدة ساهمت في هذه الهبة الشعبية لكن عملية ايتمار أدخلت القرى والمدن الفلسطينية في مواجهة مباشرة مع المستوطنين ودفعت الناس الى الرد مباشرة على الاعتداءات التي يتعرضون لها.

12105704_978273832195203_8998322397880450000_n

خرجت عن السيطرة

متغيرات عديدة دخلت على الساحة ساهمت في هذه الهبة أهمها ان الشارع الفلسطيني لمس ان السلطة تريد تحريك الساحة الضفاوية وهذا كان مدخل للهبة ولكن الاحداث تجاوزت الحد الذي أرادته السلطة وفق المختص (الإسرائيلي) مرداوي.

وبين أن السلطة بدأت بمحاولات قمع الهبة واحتواءها حيث قامت ليلة الاثنين الماضي بإطلاق النار على المتظاهرين بعد منتصف الليل في طولكرم ونابلس في ظل وجود أكثر من 80 جيبا (إسرائيليا) في نابلس شنت حملة اعتقال.

وذكر مرداوي أن السلطة غيرت قراءتها للأحداث وفهمت ان الامور بدأت تخرج عن السيطرة لذلك تحاول احتواء الهبة قبل وصول يوم الجمعة الذي يعتبر مفصلي فإما أن يدفع باتساع وتجذر حالة الغضب وامتداداها لتصل كل مدن وقرى الضفة او انتهاءها.

وقال مرداوي "وصول الهبة للأرياف مهم جداً لأنها هي من تمثل حقيقة الضفة لأن المدن عبارة عن رموز، موضحا أن الارياف والتي هي عبارة عن تجمعات كبيرة من السكان حول المدن والمناطق الجغرافية الأمر الذي يمكن السكان على الحركة والمناورة".

بدوره لفت الريماوي إلى ان اللجنة المركزية لحركة فتح اعطت رأي بضرورة المشاركة على الارض لحماية الشارع من المستوطنين وخلق حالة مغايرة بعد خطاب الرئيس في الامم المتحدة، لكن تعامل السلطة وانتشارها الامني يؤكد وجود قرار بوقف الهبة.

ولفت إلى وجود ثلاث جماعات تعمل في الضفة الاولى وهي حركة فتح والقيادات الوسيطة التي تنشط والثانية هي باقي الفصائل وعلى رأسها حماس والجهاد الاسلامي والثالثة هي الحضور الطلابي والذي يخبو احياناً لكنه يبقى حاضرا.

واكد ان الايام التي تسبق الجمعة هي الفاصلة وستحدد طبيعة المرحلة والاختبار الحقيقي الذي يمكن من خلاله ان تتضح مجريات الامور خاصة في وجود مؤشرين خطيرين الاول هو وجود غطاء لدى الاجهزة الامنية بوقف هذه الحالة.

12096174_978273838861869_2032151245764653594_n

خيارات صعبة

اشتعال ساحة الضفة الغربية يضع جيش الاحتلال امام خيارات صعبة خاصة انه محاط بجبهات عديدة ملتهبة وامكانية انفجارها وارد جدا خاصة على حدوده مع سوريا ولبنان وهذا ما يجعله يسعى لتهدئة اوضاع الضفة بقدر المستطاع.

وهنا قال مرداوي " جيش الاحتلال بحاجة لقوات كبيرة ليصل الارياف وقوات هائلة أخرى لحمايتها وهذه يعني أنه سيضطر لسحب عدد من الالوية الموجودة على الحدود وهنا سيقع في حيرة هل يسحب القوات من الحدود الشمالية او من حول غزة وهي مناطق متفجرة ولذلك ستضع هذه الحالة الجيش امام اختبار صعب".

وأضاف قبل الانتفاضات السابقة لم تكن الحالة مسلحة ومشتعلة بهذا الشكل فأحداث سوريا خطيرة وقابلة للانفجار وكذلك جبهة لبنان وغزة ولذلك فإن انفجار ساحة الضفة سيكون له تداعيات خطيرة. 

وبين أن الاجهزة الامنية والعسكرية في (إسرائيل) لها وجهة نظر مختلفة عن السياسيين فالجيش يرفض الإجراءات التي يتخذها نتانياهو مثل هدم البيوت والاعتقالات والتضييق وإطلاق النار لأنها اجراءات قديمة واستخدمت لفترات طويلة ولم تنجح في منع الانتفاضات.

ولفت إلى أن ما يجري غير مهني والعامل الاساسي في نجاح الانتفاضة حتى الان هو في كيفية تجاوز السلطة، موضحاً أنها ما زالت تقف صامتة فهي لا تريد ان تتحول الثورة من الاحتلال وتنفجر في وجهها، لكن السؤال الاهم في حال استطاعت السلطة احتواء الهبة الى متى يمكن منع الانفجار طالما عوامله ودوافعه باقية.

الريماوي: السلطة قررت وقف الهبة الشعبية والأيام القادمة حاسمة

من ناحيته وصف الريماوي التعاطي (الإسرائيلي) مع المشهد في الضفة بـالـ "غبي" لأنه اتخذ اجراءات متسارعة وتزيد من موجة التصعيد مثل إطلاق النار وهذا اظهر حالة ارتباك في كيفية التعامل على الارض من قبل الاحتلال والسلطة.

وأشار إلى وجود معطيات مهمة في البعد (الإسرائيلي) وهي ان (إسرائيل) معنية بالتهدئة وهذا واضح من خلال سحب القوات من المدن وعلى عكس التوقعات لم يشن الاحتلال حملة اعتقالات واسعة في كل مدن الضفة وذلك مرده لنصائح تلاقها من الاجهزة الفلسطينية بضرورة تأجيل الاعتقالات منعا لتأزيم الموقف.

وقال الريماوي "الاجراءات (الإسرائيلية) بعد اجتماع الكابينت توضح جملة من المتغيرات اهمها انه لم يتخذ قرارات خاصة بعقوبات على السلطة مثل مسألة المقاصة والبطاقات vip وهناك تهدئة في الاتهامات الموجهة للسلطة من الشخصيات المؤثرة في حكومة الاحتلال".

وتابع " حالة الاعتقال موجهة وتتركز في نطاق معين لان الاحتلال لا يريد الدخول في حالة مواجهة مجتمعية كما ان عمليات الهدم ضد بيوت الشهداء لم تجري حتى الان", مضيفاً أن معظم الفصائل لها وجود على الارض لكن الحراك الشعبي يسبقها.

وشدد على وجود عدة مفارقات في الساحة الضفاوية منها غياب القيادات الفاعلة على الارض فالشارع يفتقد للقيادة الميدانية.

واكد الريماوي وجود فريق من حركة فتح مقاوم ويعمل في ساحة الضفة ويدعم الهبة الشعبية وهذا يجب تعزيز التعاون المشترك معه والتنسيق مع الاطراف المؤمنة بالمقاومة في فتح.

12088022_978273825528537_6799443116754609813_n

تسليم الخلية

وحول قدرات المقاومة وفرص نهوضها في الضفة قال المختص في الشأن (الإسرائيلي) مرداوي "المقاومة في الضفة وخاصة حماس تتعرض لحالة قمع واعتقالات مهنية بامتياز لأن ما يجري ليس اعتقالات عشوائية وانما من اجل منع اي تقدم عسكري في الضفة.

وأوضح أن اعتقال كرم المصري وهو العمود الفقري لفك لغز عملية ايتمار جاء بإيعاز من السلطة، قائلاً "خلال العملية أطلقت النار على يده وذهب للمستشفى للعلاج وأول من ظهر في المشهد هي اجهزة السلطة التي حققت معه الساعة التاسعة صباحاً، فيما دخلت القوات الخاصة (الإسرائيلية) المستشفى الساعة الواحدة ظهرا واعتقلته، وهذا يعني ان السلطة هي من سلمت الخلية للاحتلال".

شهدت الضفة عدة جولات تصعيد في الفترات السابقة لكنها لم تكن بهذه القوة وهو ما يطرح تساؤل حول المتغير الجديد الذي ساهم في اشتعال هذه الهبة وامكانية تطورها الى انتفاضة، وهنا تحدث المختص في الشأن (الإسرائيلي) الريماوي بأن مصطلح الهبة الشعبية بدأ يأخذ مساحة واسعة وما شهد في الفترة الاخيرة ليس مألوف ولم يحدث منذ العام 2007 وهناك مشاركة شعبية واسعة من جميع فئات الشعب خاصة الجيل من عمر 18 إلى 28 عام.

وبين ان حماس أصبح لديها الجرأة على مشاركة بشكل اوسع الى جانب حضور فتح والتي غالباً ما كانت تتحفظ على المشاركة في هذه الهبات.

وأوضح انه لو استطاعت السلطة قمع الهبة الحالية فإن هذه المرحلة ستكون قد اسست للانفجار الكبير وحالة تحولات جذرية في الضفة ومنظومة ثقافية ثورية لم تكن موجودة سابقاً.

بدوره اعتبر مرداوي أن السلطة تحاول نزع الصفة الشعبية عن الاحداث وربطها بحماس والجهاد وذلك للتشكيك بها.

ولفت الى ان ما يجري في الضفة ليس معزل عن غزة خاصة ان تجربة غزة في المقاومة زرعت في هذا الجيل روح المقاومة.

البث المباشر