غزة/ مها شهوان
توقع رئيس اللجنة الاقتصادية في المجلس التشريعي الفلسطيني النائب عاطف عدوان أن تعلن سلطة رام الله إفلاسها قريبا إذا استمرت الأزمة المالية التي تعانيها، مؤكدا أن هذه أزمة حقيقية وليس مصطنعة على الرغم من الدفعات المالية الأخيرة التي وصلت للسلطة من أكثر من طرف دولي وعربي.
وكان سلام فياض قد أعلن عن عجز بقيمة 1.45 مليار دولار في ميزانية حكومته، على الرغم من استلامها أكثر من 600 مليون دولار مؤخرا، والتي من ضمنها المساعدة الأميركية البالغة 200 مليون دولار،معتبرا أن هذه المبالغ أقل بكثير من احتياجات السلطة لمواجهة التزاماتها.
غياب الشفافية
وقال د . محمد مقداد أستاذ الاقتصاد بالجامعة الإسلامية أن السلطة الفلسطينية سواء في حكومة غزة أو رام الله هي سلطات قائمة على المعونات والدعم الخارجي ، مضيفا :" في الوقت الذي يتوقف فيه الدعم سواء من الجانب العربي أو الإسلامي أو الدولي عن الضفة أو القطاع ستتوقف الحكومة عن دفع الرواتب".
وأضاف أن الأزمة التي تعاني منها حكومة رام الله موجودة فعلا ، مدللا على ذلك بأنها بدأت بالاقتراض الفعلي لصالح دفع رواتب الموظفين على أمل أن تسدد الدول المانحة تلك القروض ، موضحا أن السلطة الفلسطينية باتت مرهونة للدعم الدولي.
ووافقه الرأي الخبير الاقتصادي نبيه النونو قائلا:" سلطة عباس على وشك الإفلاس وهذا الموضوع بالرغم من غرابته فهو غير جديد لأنه مع قيام السلطة منذ عام1993حتى مؤتمر باريس 2007 كان قد وصل للسلطة الفلسطينية أكثر من 10مليارات دولار لم يذهب منها أي شي يذكر للتنمية "، وعبر عن خشيته أن يكون هناك خلل إداري وغياب للشفافية" .
ولفت النونو إلى انه كان يخصص من تلك المنح للمصاريف العامة كالرواتب لـ160 ألف موظف منهم 50% تابعين للأجهزة الأمنية ، موضحا أن إجمالي الرواتب كان لا يتعدى 1.5مليار دولار يفترض أن ينخفض هذا الرقم بإيقاف رواتب موظفي قطاع غزة لتتحمل حكومة حماس دفع رواتبهم.
وتابع :"إنقاذ السلطة من العجز الدائم أصبح مرهوناً بالدول المانحة ودون ذلك تصبح فاقدة لقرارها ، وبذلك تكون السلطة سلمت قرار تحرير أرضها الفلسطينية للدول المانحة".
كما أوضح مقداد أن المشكلة لدى رام الله تكمن في أن عدد موظفيها في القطاع العام اكبر من قدرة الحكومة على دفع الرواتب لاسيما أن عدد الموظفين يفوق حجم الضرائب التي تفرضها الحكومة ، مشيرا انه لا يمكن تسديد رواتب الموظفين من الضرائب لأنها لا تتناسب مع حجم الاقتصاد والإيرادات الفلسطينية.
ونوه إلى أن عدم تسديد الرواتب سيحدث إضرابات في صفوف الموظفين يؤدي إلى فشل في عمل الوزارات وتوقف الحياة الاقتصادية وحياة الموظفين ، إضافة إلى عدم وجود انجازات وابتكارات لتطوير الأعمال.
وطالب مقداد بضرورة الفصل بين الحكومة والفصائل معربا عن أن الفصيل لابد أن يمول من خزينته ، مشيرا إلى انه لو حدث ذلك في الدول الغربية لتغطية نفقات مؤتمر على حساب السلطة يسمى ذلك فضيحة كبرى ، داعيا إلى الشفافية الواضحة ومسايرة النظام والقانون المفروض.
إفشال التخطيط الإداري
وحول مماطلة إسرائيل في دفع الضرائب المفروضة عليها السلطة في رام الله قال مقداد" لابد لإسرائيل أن تدفع الضرائب المفروضة عليها وانه في حال عدم دفعها يجب أن يكون للحكومة الفلسطينية قرارات للضغط على إسرائيل لدفع الضرائب لأنها ليست تبرع أو منحة بل مستحقات وذلك بناءا على اتفاقيات أوسلو، وانه من حق السلطة أن توقف التزامها مع إسرائيل إلى أن تلتزم الأخيرة بالاتفاق".
وفي السياق ذاته ذكر النونو أن موقف إسرائيل ليس مستغربا بالنسبة لتوريد هذه الأموال للسلطة في غزة، بينما عدم توريدها لسلطة رام الله فهذا الأمر يتطلب تحرك فوري من قبل محمود عباس واللجنة الرباعية.
وارجع سبب توقيف هذه الأموال للسلطة إلى فوز حركة حماس بالانتخابات واستلامها السلطة ، موضحا أن هذا المبرر غير موجود بالنسبة لحكومة عباس فإسرائيل تحاول ابتزازهم للحصول على تنازلات وقرارات لصالحها .
كما وأكد النونو على أن إنهاء الانقسام السياسي سيكون له تأثير واضح على الوضع الاقتصادي بشكل كبير لتحريك الاقتصاد ، إضافة إلى أن إنهاء الحصار سيسمح بدخول مساعدات الاعمار لتعمير ما خلفته الحرب من دمار، مشيرا إلى أن إعادة اللحمة الوطنية وإنهاء الانقسام ستكون اللبنة الأولى لحل تلك الأزمة .
وشاركه الرأي مقداد من خلال مناشدته الحكومتين الفلسطينية في رام الله و غزة للسعي من اجل تحقيق وحدة وطنية لصالح الشعب الفلسطيني بغض النظر عن المصالح الحزبية لان مصلحة الشعب اكبر من مصلحة أي فصيل ، موضحا أن الشعب الفلسطيني تنهك حرياته وقضيته تداس حيث تستغل إسرائيل تلك الأوضاع لتحقق مصالحها بالمنطقة.
وكان عدوان قد قال في تصريح سابق له أنه لو كانت مسؤولية سلطة رام الله عن قطاع غزة مسؤولية كاملة من الناحية المالية لانهارت السلطة منذ فترة زمنية طويلة، مبينا أن قطاع غزة يشكل جزءا كبيرا من الاستهلاك المالي، ومؤكداً في الوقت ذاته أن سلطة رام الله قد أوقفت جميع المشاريع الاستثمارية في غزة منذ فترة طويلة بسبب سيطرة حركة حماس عليه.
وختم أن ذلك اضطراباً كبيراً في إدارة الموازنة والأمور المالية في سلطة رام الله، وبالتالي مثل هذه القضايا هي التي تؤدي إلى إفشال التخطيط الإداري والتطويري والمالي في السلطة.