قائد الطوفان قائد الطوفان

بعد بيانهم الأخير

في غزة..الرفاق ألقوا "العوسج" في طريق الحكومة

أبو شمالة:الجبهة تعيش تباينا بين موقفها في الداخل والخارج

الصوّاف:موقف الشعبية الاصطياد بالماء العكر

مزهر: لدينا شهادات على ملاحظاتنا ولم نستند لأي شائعة

الرسالة نت- محمد بلّور              

سكبت الحكومة الفلسطينية بغزة الماء على بيان الجبهة الشعبية مؤكدة أن ما ورد فيه من اتهامات لها ليس إلا محض افتراءات وإشاعات غير موثقة تفتقد للدليل والبرهان .

وقرأت حماس بيان الشعبية على أنه تناغم مع مقطوعة قديمة ومكررة يعزفها "المايسترو" محمد دحلان المسئول الأول عن حرب الدعاية والأكاذيب الموجهة ضد حماس والحكومة الفلسطينية.

بيان الشعبية كان بعين واحدة فلم تشر الشعبية من قبل وبذات الحدة لما يحدث من انتهاكات في الضفة المحتلة من اعتقالات يومية لأنصار حماس ومنع نواب كتلتها البرلمانية من ممارسة حقوقهم المشروعة أو حتى التعاون المباشر مع الاحتلال.

وكانت الجبهة الشعبية وزعت بيانا الأسبوع الماضي حمل "رطلا" من الانتقادات للحكومة في غزة اتهمه فيها بالتضييق على الناس وملاحقتهم بفرض الضرائب على أصحاب الحرف والمركبات وارتكاب انتهاكات بحق بعض المعتقلين والحد من الحريات والتضييق على بعض المؤسسات .

موقف قديم متجدد

انتقادات الرفاق كانت هذه المرة بلونهم "الأحمر" بينما قرأت حماس المسألة بطريقة أخرى, فردت وزارة الداخلية بالنفي وكتبت الصحف والمواقع الالكترونية قصيدة "المدعي والمدعى عليه" .

المحلل السياسي مصطفى الصوّاف أكد أن موقف الجبهة الشعبية من الحكومة في غزة ليس بالجديد , قائلا:"هذا أمر متكرر وهدفهم الاصطياد في الماء العكر وأن يثبتوا لبعض الجهات الفلسطينية أنهم على عهدهم في معاداة حماس لأن بيانهم جاء بعد أيام طويلة من الإشاعات فخرج بيان مليء بالافتراءات ولا يعتمد الحقيقة" .

 أما عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية جميل مزهر فبرّر موقف جبهته بأنه في إطار الدفاع وتبني هموم الناس وتعزيز صمودهم في ظل ما يتعرضون له من حصار وعدوان وقال:"ارتأت الجبهة الشعبية توضيح أن هناك قرارات ليست في مقدرة المواطن لذا دافعت وطالبت الحكومة في غزة بالتراجع عن القرار" .

لكن المحل السياسي د.فايز أبو شمالة أشار للفرق الواضح بين ظروف الحكومة في غزة والضفة منوّها أن الأولى تعمل في ظل حصار وعدوان وتتحلى بالشرعية من مجلس منتخب قائلا:"الأصل أن اليسار عموما و الجبهة الشعبية التي تطرح شعار التحرير أن تصطف لجانب حكومة غزة" .

وكانت وزارة الداخلية في غزة اتهمت جهات مختلفة لم تسمها ببث ما قالت عنها "إشاعات ومغالطات كثيرة" تهدف إلى تشويه الحكومة, مفنّدة تفاصيل بعض الشائعات المتعلقة بالضريبة والشقق السكنية ومركبات الأجرة منوّهة أن الأمر يأتي في إطار تفعيل قانون الضريبة والعمل بالنظام .

توترات على الساحة

وبينما كانت الحكومة بغزة ترد على الشعبية ومن لحقها كانت حكومة فياض بالضفة تضحك ملء شدقيها حتى أن "جدعان" الدعاية على الانترنت بدؤوا في نسج قصص جديدة مستغلين موجة الكلام .

وأبدى المحلل أبو شمالة أسفه من موقف الشعبية حين وصفه بغير المنسجم عمليا مع ممارساتها وتأييدها على الأرض مضيفا,: "وجودها في منظمة التحرير يعطي غطاء للاعتراف بكثير من قراراتها لذا لا بد أن تنسجم كثير من مواقفها لكن الهجوم على ضرائب غزة لا ينسجم مع موقفها العام فحكومة فياض تأخذ ضرائب مضاعفة ولم نسمع لهم احتجاج !" .

لكن مزهر أكد أن جبهته لا تسعى لإثارة مشاكل وخلق توترات مع الحكومة وأنها رأت أن تقف لجانب المواطن وصموده مضيفا:"الأمر ليس بحاجة لهذه الزوبعة من الحكومة وكان الأجدر أن تتفهم الأمر بعيدا عن كيل الاتهامات" .

وانتقد المحلل الصواف الشعبية مشيرا أنها تستغل الأجواء لإثبات الذات وأن مواقفها من حماس أسوأ من حركة فتح خاصة ما يتعلق بسمعة حماس وحكومتها وان توقيت الاتهامات جاء بعد أن هدأ الشارع من موجة الإشاعات" .

الأدلة والتوقيت

وطفت على السطح مسألة التوقيت والأدلة لإثبات أو نفي ما قالته الجبهة الشعبية ولحقت بها الجبهة الديمقراطية من بعد .

 ونفى مزهر أن يكون موقفهم مرتبط بأي توقيت , وقال:"إطلاقا ليس التوقيت في حسابنا بل نحن صرحنا في إطار ضغوط على المواطن وجدل الشارع وبالتالي باشرنا بالأمر كخطوة للتصويب !" .

وأشار أن لدى الجبهة الشعبية بعض الأدلة التي وثقتها مؤسسات بخصوص بعض التجاوزات.  أما الصواف فأكد أن ما طرحته الشعبية في وقت هدأت فيه موجة الشائعات هو معلومات غير حقيقية وأن المجتمع بغزة يكفيه ما يتعرض له من ضغوط خارجية ! .

ورفض أبو شمالة التعليق على توقيت انتقاد الجبهة الشعبية للحكومة في غزة , وقال:"هذه علاقة بين الفصائل وأقول أننا في مرحلة مواجهة مخطط ميتشل واستئناف المفاوضات بتأييد اللجنة الوزارية العربية ولا أفترض أن الشعبية مخطأة بالمطلق لكن كان بوسعهم التوجه للتشريعي والحكومة لتسجيل انتقادهم" .

ورجع أبو شمالة ثلاثين عاما للوراء, مشيرا إلى شعبية اليسار حينها وحصته من الجمهور التي تراجعت بالتدريج بسبب مثل هذه المواقف غير السليمة المتنافية مع فهم المجتمع مضيفا:"بدأ تراجع تدريجي لهم حتى حصلوا على 2% في المجلس التشريعي مؤخرا وهي نسبة حزينة بالفعل" .

التدخين والمقاومة

أكثر من علّق على الضرائب هم عاشقو السجائر بألوانها فكالوا في الشوارع والجلسات طنا من الشتائم للحكومة التي نغصّت "كيفهم" وقلّصت ميزانية التدخين خاصتهم.

وتفرض حكومة فتح بالضفة ضرائب على السجائر ضعف ما تفرضه الحكومة بغزة المقدرة بـ30% من الضريبة القديمة المعمول بها في الضفة .

وقد وجدت قبل كتابة هذا التقرير وبعد قراءة كثير من الملاحظات أن بقية الوارد من قبيل استيلاء حماس على شقق أو منع البعض من ممارسة حقهم في التعبير مسألة لا ترتقي لدرجة ملاحظة يكتب ويصرّح عنها بينما شكّلت السيجارة مثارا لحديث يومي ! .

عن ضريبة التدخين قال المحلل الصواف إن ضريبة التدخين أثارت الجبهة الشعبية ودفعتها لإصدار موقف فشريحة كبيرة من اليسار الفلسطيني أزعجها موضوع السجائر الزائرة لشفاهها بين دقيقة وأختها .

ورأى أن الحكومة بغزة تصرّفت بشكل حكيم مع موقف الشعبية فهما لنواياها وتحركاتها مضيفا:"سيكون الأمر أكثر سهولة للحكومة لأنها ظاهرة إعلامية ملا تملك الشعبية أن تقوم بأفعال " .

أما المحلل السياسي أبو شمالة فألمح إلى التباين بين موقف الجبهة في كل من سوريا وفلسطين وتضارب التصريحات بين الداخل والخارج منوّها أن الجبهة في الداخل قد تكون متأثرة بحكومة فياض .

وعقب على مقال كتبه الباحث إبراهيم الحمامي قبل أيام يتساءل فيه عن موقف المقاومة بالضفة مضيفا:"لماذا يطالبون بالمقاومة في غزة إن كانوا لا يمارسونها في الضفة بينما ما يحدث في غزة من إعداد المقاومة نفسها يعكس ما هو قادم" .

وقال أبو شمالة إن رد حماس على الجبهة الشعبية لم يكن عنيفا عبر وسائل الإعلام وأن الشارع الفلسطيني معظمه مسيّس حسب فهم الشارع نفسه .

أما القسم الآخر من الشارع فلديه حراك مع قضايا جوهرية مثل حق العودة والمقاومة وغيرها من الثوابت مشيرا أن حركة فتح أسندت موقف الشعبية بصورة غير مستغربة يبررها إجراءات آخر الشهر من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير-يقصد الراتب- .

 وحول قيامه بتوزيع البيان شخصيا أكد جميل مزهر عضو اللجنة المركزية للجبهة أن ذلك كلام غير دقيق وأنه "شرف لا يدعيه" وأن حماس وناطقيها تحدثوا بذلك لتركيز المسألة في شخصه وأن الجبهة تحدثت عما ورد في بيانها في اجتماع فصائلي مع حماس قبل إصدار البيان بأيام  .

ونفى أن تكون الشعبية صامتة عن جرائم الضفة, وقال:"تحدثت في اليومين الماضيين عبر فضائيتي القدس والعربية وانتقدت السلطة برام الله لكن كل واحد يرى من زاويته كما تحدثت عن رفضنا العودة للمفاوضات مع الاحتلال".

ويرى مراقبون للمشهد الفلسطيني أن طبول الحرب والتصعيد العسكري قد تقرع قرببا في فضاء غزة ما سيدفع الكل الفلسطيني لتنظيف فوهات البنادق استعدادا للمرحلة القادمة .

 

البث المباشر