يتفنن الاحتلال الإسرائيلي في تعذيب أهالي شهداء انتفاضة القدس بابتداع ممارسات وأساليب جديدة تزيد من معاناتهم وتعمق من حزنهم على أبنائهم الشهداء.
أسلوب قديم جديد تتبعه (إسرائيل) منذ عشرات السنين وهو احتجاز جثامين الشهداء وعدم تسلميها لذويهم دون أي سبب أو مسوغ قانوني يشرع لها ذلك.
ومنذ بداية انتفاضة القدس، استشهد 74 فلسطينيا في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا يزال الاحتلال يحتجز جثامين 24 شهيدا منهم.
وبحسب الأرقام المسجلة لدى الحملة الوطنية لاسترجاع جثامين الشهداء، بلغت النسبة الأكبر من مدينة الخليل بـ 13 شهيدا بينهم فتاة، و9 شهداء من القدس، وشهيدين من العيزرية والنقب.
محاولات الاحتلال لكسر إرادة الفلسطينيين لم تقلل من عزيمة وصبر أهالي الشهداء، الذين عبروا عن فخرهم بشهادة أبنائهم فداء للأقصى وفلسطين، وشددوا على حقهم في الحصول على جثث الشهداء حتى يتمكنوا من مواراتهم الثرى.
تعذيب ذوي الشهداء
ويقول والد الشهيد شادي دويك الذي أعدمه الاحتلال بدم بارد الأسبوع الماضي، إن الاحتلال وعد بإخراج جثامين الشهداء وخاصة الفتيات في القريب، وحتى اللحظة سلم 5 شهداء فقط.
وأضاف في حديثه لـ"الرسالة نت"، ننتظر ماذا سيفعل القائمون على الحملة الوطنية لاسترجاع الشهداء، ووجهاء ومخاتير الخليل، الذين تكفلوا بالتواصل والحديث مع الاحتلال من أجل الإفراج عن جثامين الشهداء".
وفي هذا السياق تحديدا، تقول سلوى الحماد منسقة الحملة الوطنية لاسترداد جثمانين الشهداء وكشف مصير المجهولين، إنه يجري التواصل مع الاحتلال من خلال اجراءات قانونية بتقديم التماس لاستلام جثامين الشهداء، بعد أخذ توكيلات من ذويهم للتحرك قانونيا في هذا الملف.
وبينت الحماد لـ "الرسالة نت"، أن الحملة تمكنت من الحصول على توكيلات من أهالي 11 شهيدا لتقديم التماس باستلام جثامين أبنائهم للذهاب إلى المحكمة الإسرائيلية العليا ، إلا أنها رفضته.
وبالاستعلام عن سبب رفض الالتماس قال أهالي شهداء القدس، انه أخبرنا بشكل صريح بأنه يهدف إلى تعذيبنا باحتجاز أبنائها، وسيفرج عن جثامينهم وقتما يشاء.
وفيما يتعلق بتقديم التماس للمحكمة العليا، أكدت الحماد أن الحملة تقدمت بالطلب للمحكمة في انتظار الرد، مشيرة إلى أنه حتى اللحظة لم يرد الاحتلال عليهم بشكل رسمي، إلا أنه أخبر بشكل شفوي مخاتير ووجهاء مدينة الخليل بأنه سيعيد الجثامين خاصة الفتيات، لكن حتى صياغة هذا النص لم يفعل.
خرق للقوانين والأنظمة
وفي حال رفضت المحكمة الطلب الذي قدمته الحملة، يجري تقديم التماس ثاني لوزارة العدل الاسرائيلية، وفق ما أوضحت الحماد، مضيفة "في حال كان القرار سلبي، نتوقف عند هذا الحد، لأنه لا يوجد أي وسيلة أخرى بعد ذلك إلا بالتوجه إلى القانون الدولي ومحكمة العدل العليا"، لكن ذلك لن يحقق لنا شيئا على أرض الواقع من خلال تجارب سابقة.
وفي الإطار القانوني، بينت منسقة حملة استعادة جثامين الشهداء، أن جيش الاحتلال تعهد في 13 يوليو 2015 بعدم احتجاز جثامين الشهداء والإفراج عن الجميع، إلا أنه في 13 أكتوبر الحالي أصدر الكابينيت الإسرائيلي قرارا باحتجاز جثامين الشهداء كنوع من الضغط على الشعب الفلسطيني لوأد الانتفاضة.
وهذا ما أكده المحامي في مركز القدس للمساعدة القانونيّة وحقوق الإنسان محمد أبو اسنينة، أن المركز تقدم بطلب مستعجل للمستشار القضائي لجيش الاحتلال بسرعة تسليم الجثامين لذويهم، مستندا إلى تعهد جيش الاحتلال في شهر تموز من العام الحالي، بتسليم ما لديه، وتأكيده أنّه سيتوقف عن احتجاز الجثامين، وسيعيدها بعد التعرف عليها، بواسطة فحوصات الحمض النووي.
وفي الإطار، طالب المركز بِإطلاق سراح جثامين الشهداء المحتجزة لدى سلطات الاحتلال، الذين قتلتهم القوات منذ بدء انتفاضة القدس من بداية أكتوبر الجاري.
وأشار أبو اسنينة إلى أن احتجاز الجثامين خرق للقوانين والأنظمة المعمول بها في دولة الاحتلال نفسها، ومجموعة من قرارات المحاكم بهذا الشأن، كما أنه يعارض مبدأ "كرامة الميت"، الذي يؤكّد أهميّة دفن الجثمان كاملا، وبالطريقة التي يراها المُقربون مناسبة، وأنّ كرامة الميّت هي جزء أساسي من كرامة الإنسان التي يتمتع بِها وهو حيّ.
تجدر الإشارة إلى أن الاحتلال يحتجز جثامين 268 شهيدا منذ بداية الاحتلال على فلسطين، منها ما هو موجود في مقابر الأرقام، وأخرى مجهولة لم يعرف مصيرها حتى اللحظة.