اندفعت بعض الدول الاوروبية في الآونة الأخيرة نحو طرح مبادرات جديدة، خوفا على حليفتها (إسرائيل) في محاولة منها لتوفير غطاء يحميها ويبرئ جرائمها ضد الفلسطينيين.
ومن الواضح أن تلك المبادرات تسعى إلى تحقيق اهداف عدة أهمها السيطرة على الاوضاع الراهنة في المنطقة من جهة، وحماية (إسرائيل) وتحقيق مصالحها الخاصة وما يتناسب مع اهوائها من جهة اخرى.
وقدّمت وزارة الخارجية النيوزلندية للأمم المتحدة مؤخراً، مبادرة جديدة تهدف إلى عودة المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، وتنص على تجميد الاستيطان وتجميد أوامر هدم منازل منفذي العمليات، وفي المقابل عدم قيام السلطة الفلسطينية بتقديم شكاوى قضائية ضد الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية، كخطوات أولية لبناء الثقة بين الطرفين.
فيما ابلغت (إسرائيل) رفضها للمبادرة لاستئناف المفاوضات، مبررة ذلك بالقول "إن توقيت طرحها غير مناسب، في ظل موجة العنف الحالية".
ويرى مراقبون أن الدول الراعية للمبادرات تلهث وراء وأد الانتفاضة وحرف البوصلة عن مسارها الحقيقي.
الكاتب والمحلل السياسي وسام عفيفة، قال إن هذه المبادرات تسعى إلى تهدئة الأوضاع ونزع فتيل الأزمة، وعودة الأمور في الضفة إلى مجاريها كما كانت سابقاً.
وعند الحديث عن المبادرات لا بد من الاشارة إلى المقترح الأردني الذي ينص على وضع كاميرات في المسجد الأقصى تشرف عليها وزارة الاوقاف هناك، وهو ما رفضته (إسرائيل) ايضاً، في حين سارع وزير الخارجية الامريكي جون كيري لإقناعها، لكنه فشل في ذلك.
وفي هذا الإطار، عقّب عفيفة على ذلك بأنها إحدى المبادرات الرامية لإيجاد غطاء عربي لجرائم الاحتلال في انتفاضة القدس.
وأشار إلى أن (إسرائيل) تخشى أن تتسع حدة المواجهات في الضفة وتخرج عن السيطرة، خاصة وأن جزء من المواجهات الدائرة معها تقع على أراض يكثر بها وجود قواتها.
وأضاف أنها لم تحقق أهدافها التي انطلقت من أجلها وأبرزها السيطرة على الاوضاع الراهنة ووقف الانتفاضة واخمادها، متوقعاً أن تفشل كل المبادرات التي ربما تُطرح في المرحلة المقبلة.
وأيّد ذلك د. عبد الستار قاسم استاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، بالقول إن تلك المبادرات هدفها اسكات الفلسطينيين، "إذا بقيت المواجهات مستمرة مع الاحتلال ستشكل مادة إعلامية ضده، وضد الدول الداعمة له".
ولفت قاسم إلى أن استمرار الانتفاضة يشكل تهديدا لـ(إسرائيل)، "وهذا ما لا تريده الدول الغربية"، منوهاً إلى أن كل الدول التي تقدم المبادرات هي من تدعم (إسرائيل).
ومن الملاحظ أن نصوص المبادرات تتمحور جميعها حول ضبط الاوضاع واستقرارها دون التطرق إلى بند ينص على انسحاب الاحتلال من أراضي الضفة، "وهذا ما يدلل أن تلك المبادرات لصالح (إسرائيل) فقط"، وفق قاسم.
ونبّه إلى أن (إسرائيل) لا تقبل المبادرات بسهولة، على عكس الجانب الفلسطيني الذي يوافق عليها دون تردد، "(إسرائيل) واضحة وتصارح شعبها، في حين ان الفلسطينيين يتخذون قراراتهم بالخفاء".
قرارات عباس
وبالعودة إلى عفيفة، فقد بيّن أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، يسعى إلى أن تكون الأوضاع تحت السيطرة، وعدم ارتفاع وتيرتها.
كما رأى أن هدف عباس هو تدويل القضية، وعودة المفاوضات عبر الامم المتحدة وتحديد سقف زمني لها، مشيراً إلى أن الأطراف الدولية و(إسرائيل) يتعاملون مع الهبة الجارية بحذر.
أما قاسم فاستبعد أن يتخذ عباس قراراً لصالح الشعب الفلسطيني واستمرار الانتفاضة، واصفاً إياه بأنه "ليس رجل قرارات"، ولا يجرؤ على اتخاذ قرار يغضب (إسرائيل).