قائد الطوفان قائد الطوفان

كيف يمكن استثمار الانتفاضة في ترتيب البيت الفلسطيني؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

غزة-أحمد الكومي

معلوم أن نجاح أي انتفاضة مرتبط بوجود أهداف رئيسية لها وإطار قيادي يتابع ذلك، وفي حالتنا الفلسطينية فإن أهداف انتفاضة القدس حاضرة، وهي في أساسها مطالب شعب تحت احتلال، لكنها تفتقد الحاضنة القيادية التي ترتبط بها ديمومة الانتفاضة، وإن كان من المفيد هذه المرة أن تتواصل بطابعها الشعبي البعيد عن الحزبية، لكن ليس لوقت طويل، خصوصا أن تطورها مرتبط بتخطيط وأجندة، وقيادة خلف الضوء.

ولا يبدو ذلك ممكنا في ظل وجود السلطة الفلسطينية، التي تربطها اتفاقيات أمنية مع (إسرائيل) فيما يتعلق بالوضع بالضفة المحتلة، التي ضيّقت هامش الفعل أمام المقاومة هناك، إلى جانب الانقسام الفلسطيني الذي فتت وحدة البيت الداخلي، وعمّق الفصل الجغرافي فيه، والأهم اختلاف خصوصية كل فصيل فلسطيني في التعامل مع الانتفاضة الحالية.

وإن كان ذلك غير ممكن في الوقت الراهن لكنه ليس مستحيلا في المنظور القريب، إذا ما علمنا أن الأمر مرتبط بواقع متغير وعوامل ذاتية، أولها التسليم بأن ترتيب البيت الفلسطيني من خلال الانتفاضة، هي مهمة مرتبطة بما يمكن أن تقدمه الانتفاضة للفصائل المنضوية ضمن الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير، الذي يضم (اللجنة التنفيذية)، وممثلي الفصائل بما فيها حركتي حماس والجهاد، والذي تم تشكيله ليكون خطوة أولى نحو إعادة بناء المنظمة.

وهي مهمة تعتمد أيضا على الفصائل نفسها إذا ما اهتمت بتطوير الانتفاضة، بما يعود عليها بالوسائل والمشروعية التي تمكنها من الضغط على رئيس السلطة محمود عباس؛ لإنهاء استفراده بالقرار السياسي الفلسطيني، الذي يعطّل من خلاله الإطار المؤقت، الذي من المفترض بانعقاده أن يعيد بناء المجلس الوطني الفلسطيني، ثم إعادة صياغة البرنامج السياسي للمنظمة، وهيكلة اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي، والخروج من دائرة المراوحة القائمة.

ولا يمكن استبعاد المتغير الإقليمي الذي يمكن أن يخدم هذا التوجه، على ضوء إحباط المجتمع الدولي من تعثر المفاوضات بين السلطة و(إسرائيل)، وثبات الطرفان عن مطالبهما للاستئناف، إضافة إلى الانزعاج الدولي من الجرائم الإسرائيلية في الضفة والقدس، وما يمكن أن تنتجه الانتفاضة من متغيرات تسهم في تغيّر تعامل الإقليم مع القضية الفلسطينية، التي عادت إلى دائرة الضوء رغم زحمة القضايا الدولية، ويمكن ملاحظة ذلك من عدد المبادرات التي تقدمت بها حديثا دول غربية، لمنع تفاقم ما يسمونه "العنف في الأراضي الفلسطينية".

والعامل الأهم، هو توفر الإرادة السياسية لدى الرئيس عباس لترتيب البيت الداخلي، إلا أن سلوكه السياسي ينافي ذلك، وليس أدل على ذلك تصريحاته الأخيرة للقناة العبرية العاشرة بأن المصالحة الفلسطينية لا يمكن أن تتم إلا بوجود سلطة واحدة وسلاح واحد ومقاومة شعبية غير عنيفة، لكن "العناد" لا يمكن أن يدوم طويلا إذا ما بلغت الانتفاضة نقطة الحسم، وجرف سيلها كل من يقف في طريقها.

في المحصلة، فإنه لابد من الإجماع فلسطينيا على أن إنجازات الانتفاضة بحاجة إلى مظلة وإطار إداري يوظفها ويحافظ على مكتسباتها، ويحصنها من الصنف الثاني من الناس، الذين أشار إليهم نابليون في قوله: "في الثورة هناك نوعان من الناس، من يقومون بها، ومن يستفيدون منها".

البث المباشر