تركت انتفاضة القدس مؤشراً كبيراً وانعكاسات سلبية على بنية الاقتصاد (الإسرائيلي)، فكشف خبراء في الاقتصاد عن واقع الأمن الاقتصادي المنهار للاحتلال.
فيما عبرت الأرقام والإحصائيات التي ذكرها الاعلام العبري عن الشلل الذي أصاب غالبية القطاعات الاقتصادية لدولة الاحتلال، وأصبح هناك تخوف في حال استمرار انتفاضة القدس من انهيار وركود عام.
وتشهد مدن الضفة والقدس المحتلة، عمليات طعن ودعس ومواجهات مستمرة بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال وقطعان المستوطنين، رفضا لانتهاكات الاحتلال واقتحامات الأقصى.
وأظهرت نتائج استطلاع أجراها ما يسمى "مؤشر السلام" من المعهد (الإسرائيلي) للديمقراطية وجامعة (تل أبيب) أن ما يقارب من 38 % من (الإسرائيليين) تغيّر نمط حياتهم نتيجة أحداث الانتفاضة في الضفة والقدس.
وبيّنت الدراسة أن 74% من سكان الأراضي المحتلة عام 1948 يرون أن التدهور الأمني في الضفة جاء نتيجة مباشرة لليأس الفلسطيني؛ لعدم إحراز تقدم في الساحة السياسية.
ويعتقد غالبية (الإسرائيليين) أن سياسة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بشأن صلاة اليهود في الأقصى سيئة جدا، فيما يرى معظم الجمهور اليهودي أن الواقع الحالي لا يسمح بأداء الصلاة في الحرم القدسي الشريف.
وأوضحت دراسة جامعة (تل أبيب) أن 56% من (الإسرائيليين) يظنون أن أداء حكومتهم ضد الأحداث الأمنية الحالية هو الأسوأ.
ويشير مراقبون إلى أن الانتفاضة ألقت بظلالها بشكل أكبر على القطاع السياحي (الإسرائيلي) والسلع وبورصة (تل أبيب)، كما امتدت لتشمل الأسواق التجارية والمطاعم والمقاهي التي شهدت انخفاضاً حاداً في حركة المستهلكين.
فعبر صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية العبرية، قال الكاتب (الإسرائيلي) دبيرت مزريتس في مقال تحت عنوان "المدينة فارغة، وتراجع في النشاط التجاري" إن معدلات التراجع في المبيعات في التجمعات التجارية الكبرى، وفي المقاهي، والمطاعم آخذة بالتزايد، وانخفضت نسبة المبيعات في الأيام الأخيرة بنسبة 12.7%، مقابل انخفاض أقل من 12% في الأسبوعين الماضيين منذ بدء الانتفاضة.
وأضاف مزريتس: "مدينة القدس تمثل نموذجاً لعملية الانهيار في المبيعات، ففي الأسبوعين الأخيرين، انخفضت نسبة المبيعات فيها بحوالي 13.4%، ولكن عندما ننظر إلى الأيام الخمسة الأخيرة، نرى انهيارا حقيقيا في المبيعات تصل نسبته إلى 21.5%".
كما وصل الهبوط في مبيعات المقاهي والمطاعم إلى (30 -70%)، وفق احصاءات رسمية لدولة الاحتلال.
في حين، حذّر البروفيسور آفي بن باست، مدير وزارة المالية السابق، من أن الكيان يواجه "خطرا وضررا اقتصاديا كبيرا"، قائلاً إن آثار الانتفاضة والعمليات التابعة لها أخطر على الاحتلال من الآثار الاقتصادية للانتفاضة الثانية.
وأكد بن باست أن الموجة الحالية من زعزعة الأمن سوف توقف استعداد المستثمرين لعمل مشاريع، مما سيلحق ضرراً بالاقتصاد لسنوات طويلة.
من جهتها، أكدت صحيفة "مكور ريشون" العبرية أن ثمن شهر من الانتفاضة سيكون خسارة 5 مليار شيقل من الدخل القومي العام، وغالبيته سيكون من قطاع السياحة الذي تلقى ضربة قاسية بالقدس المحتلة مع انخفاض الحجوزات الفندقية بنسبة وصلت إلى 50% منذ بداية شهر أكتوبر الماضي.
وذكر الباحث والمختص في الشأن الاقتصادي الدكتور نائل موسى أن انتفاضة القدس أثرت على اقتصاد الاحتلال بشكل كبير، مؤكداً أن هذا التأثير شمل قطاعات السياحة والتجارة والخدمات.
وقال موسى: "إن التأثير جاء بسبب التكلفة العسكرية المباشرة لانتفاضة القدس، حيث عمل الاحتلال على استدعاء جزء من قوات الاحتياط بالإضافة الى التعزيزات الأمنية التي اتبعها في كثير من المواقع، وهذا أثّر بشكل مباشر على النفقات العسكرية (الإسرائيلية).
وأضاف أن من بين المحاور التي أثّرت على اقتصاد الاحتلال خلال الانتفاضة إلغاء عدد من التصاريح (الإسرائيلية) للعمال الفلسطينيين؛ الأمر الذي أدّى لارتفاع تكاليف العمالة في (إسرائيل)، إضافة الى استمرار وتزايد المقاطعة الأوروبية لبضائع ومنتجات المستوطنات، لا سيما في ظل هذه الانتفاضة وزيادة التعاطف الدولي مع الفلسطينيين في ظل ما يواجهوه من انتهاكات من قِبل الاحتلال.