قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: لماذا رائد صلاح؟

صورة "أرشيفية"
صورة "أرشيفية"

بقلم: أحمد الحاج

الشيخ رائد صلاح استطاع إنجاز ما لم يستطعه غيره من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948؛ فهو إضافة إلى وصفه بأنه حارس الأقصى، حطّم الحلم الإسرائيلي بأسرلة الفلسطينيين هناك، وهو خلق جسر تواصل، كان شبه مقطوع، بين هؤلاء الفلسطينيين وأشقائهم في الضفة الغربية وقطاع غزة. وسافر فيهم إلى اللاجئين الفلسطينين على مستوى العالم، وكان صلة وصلهم مع العالم العربي والإسلامي.

هو الأكثر جذرية في رؤيته للعلاقة مع الصهاينة: لا تطبيع مع الاحتلال، لا دخول للكنيست، استرداد المقدّسات في الأراضي المحتلة عام 1948، إنقاذ المسجد الأقصى المبارك، لا لرفع علم "إسرائيل"، نعم لإيقاظ الهوية الفلسطينية.

إذن بالنسبة للاحتلال هو يدمّر عشرات السنين من عمل الصهاينة للأسرلة الكاملة "لعرب إسرائيل"، ويعيد بناء حاجز نفسي كانت تظن مراكز الأبحاث الصهيونية أن أثره في الطريق إلى الزوال. عادت الهوية الفلسطينية للظهور في تلك المدن المحتلة؛ من العلم الفلسطيني، حتى النشيد، وصولاً للتضامن، شعوراً واحتجاجاً، مع كل القضايا الفلسطينية.

ذاك الشيخ العائد من جامعة الخليل، لم يدرس هناك الشريعة فقط، بل درس الواقع، عايش الناس بتفاصيل حياتهم، وعاد بتلك المعايشة إلى أم الفحم والأراضي المحتلة عام 1948، ليبني جسراً مع الضفة الغربية، وسرعان ما اتسع. تلاقت المشاعر والرؤى، وأصبح صندوق الأقصى، الذي أسسه، يعيل آلاف الأيتام، حتى اتُهم الشيخ رائد صلاح عام 2003، من قبل سلطـــــات الاحتلال، أنه يبيّض الأموال لصالح حركـــــة (حماس).

لا يريد الاحتلال لهذا الجسر أن يبقى، وهو الذي رسم خطاً فاصلاً سمّاه "أخضر" ذات يوم. لا يريد لتظاهرة في الخليل أن تجد نظيراً أو صدى في شوارع أم الفحم وكفركنا، أو لعملية فدائية في جبل المكبّر أن تحاكيها عملية مماثلة في النقب. لهذا كان الشيخ رائد صلاح خطراً على الاحتلال.

كان الأكثر حضوراً، بين فلسطينيي المناطق المحتلة عام 1948، في المؤتمرات التي تُعقد في العالم العربي، بل كان نجم تلك المؤتمرات، نجماً بالقضية التي يحملها، وبالعرض الذي يقدّمه، والثقة التي آلته إياها الجماهر العربية. يمسك خريطة للحفريات، ويحدّث عن مسيرة البيارق، وإعمار المصلى المرواني، وإحياء دروس المصاطب، ثم يقودهم إلى أسطول الحرية حيث غزة المحاصرة.

حمل القضية إلى العالم العربي، ليضرب خطة الفصل بين فلسطيني 48 والعالم العربي، وليوجّه أنظار ذلك العالم إلى فلسطين والمسجد الأقصى، فاستحق جائزة الملك فيصل العالمية عام 2013 "لما قدمه من حماية للمقدسات الإسلامية".

لكل ذلك، أزال الاحتلال كل أدوات التجميل "الديمقراطية" عن وجهه، واعتقل الشيخ رائد صلاح الذي ما برح يردد منذ عام 2010 "إننا سوف ندافع عن المسجد الأقصى حتى من داخل السجون، وإن السجن لن يزيدنا إلاّ قوّة".

كاتب فلسطيني

البث المباشر