رغم تكرار قضايا النصب التي انتشرت في الآونة الاخيرة، إلا أن المعلمة الثلاثينية "ك" لم تتعظ وتحمي نفسها ومالها من جشع شخص أوهمها بالربح الوفير مقابل استثمار أموالها التي ورثتها عن والدها.
يوميا تذهب "ك" برفقة زميلتها إلى المدرسة مع زوجها سائق السيارة، ومع مرور الأيام توطدت علاقتها مع العائلة وباتوا يتزاورون في المناسبات مما أوجد الثقة بينهما.
في إحدى المرات كانت تتحدث عن الثروة التي ورثتها عن أبيها، ورغبتها في عمل مشروع مربح لكنها لا تعلم من أين تبدأ، فأشقاؤها الأربعة يعيشون في الخارج بينما هي ووالدتها تقيمان في غزة.
حينما أفصحت عن إرثها الذي يقدر بخمسين ألف دولار لمعت عينا زوج صديقتها، وراح يقترح عليها بعض المشاريع ومن بينها شراء سيارات أجرة للعمل عليها، فذلك مشروع ناجح اعتبره كونه سائق وصاحب خبرة.
لم تتردد "ك" في الأمر فهي باتت تعتبره كأخيها وتثق به، لذا من وجهة نظرها لن يغدر بها أو ينهب مالها، فقررت منحه المال الذي يحتاجه لشراء سيارتين بداية الامر.
بعد مرور أربعة شهور على شراء السيارتين كان يجني السائق أرباحا ويعطيها اياها، فتثق به أكثر، ولم يكتف بذلك بل كان يحاول التلميح لها بالزواج منها لكنها كانت ترفض كونه زوج صديقتها ولا تريد هدم أسرة بسببها.
أوحى السائق بأنه احترم رغبتها بعدم الزواج منه، لكن مع مرور شهرين لم يسلمها شيئا من المال بحجة أن ما يكسبه يدفعه مقابل اصلاح السيارتين فكانت تتغاضى، الا أنها بعد مرور عام كامل والحال كما هو بدأت الشكوك تدور حوله ودخلت معه في مشادات كلامية، فكان يهدئ روعها بكلامه المعسول.
ولتجنب عدم الربح، اقترح عليها السائق بيع السيارتين، وشراء سيارات جديدة من الخارج وبسعر أقل وجودة أفضل، فوافقت "ك".
مضى شهر ولم يشتري السائق شيء، وعند مراجعته من قبل "ك" لم يبدي سببا، لكن نهاية الامر فضحت زوجته أمره أمام صديقتها قائلة " اشترى شقة"، لم تستوعب صاحبتها الأمر حتى أغيى عليها من هول الصدمة.
وحينما أفاقت "ك" من صدمتها حررت محضرا في قسم الشرطة ضده، وتم القبض عليه، حاول انكار فعلته، لكنه اعترف بجرمه ووعد بإرجاع المال إليها.
وعند عرض المتهم على القضاء، وقبل النطق بالحكم طالب وكيل النيابة مطالبا بإيقاع أقصى عقوبة كونه حصل على مبالغ مالية بطريق النصب والاحتيال وادعى شراء سيارات من الخارج خلافا للحقيقة.
كما أكد وكيل النيابة أن ما فعله السائق يعد من الجنايات الخطيرة على المجتمع التي تضعف الثقة بين العامة، خاصة أن المتهم متمرس في الاجرام وقضايا النصب والاحتيال.
ولأن السائق أرجع جزءا من المال، حكم عليه القاضي بالسجن ثلاث سنوات مع النفاذ، ودفع ما عليه من اموال.
وتعقيبا على القضية يقول ماهر السوسي أستاذ الشريعة في الجامعة الاسلامية:" المتهم في هذا الملف القضائي لم يفكر بإيجاد طرق سليمة لجلب الرزق الحلال لعائلته، الامر الذي جعله يدخل في دوامة النصب والاحتيال، بالإضافة إلى أنه لم يستفد من تجارب الاخرين السابقة الذين استغلوا حاجة الناس وكانت نهايتهم السجن".
وعن اثار عمليات النصب على مجتمعنا المسلم المحافظ أوضح السوسي أن تلك الحالات تفقد الثقة بين أفراد المجتمع، لان الشريعة الاسلامية ترفض أكل اموال الناس بالباطل وذلك منعا لفقدان الأمن الاجتماعي.
وفي ختام حديثه نصح المواطنين بعدم تبديد اموال الناس كي لا يزيد المجتمع ارهاقا وفقرا، والبحث عن مصدر رزق حلال بدلا من الخوض في مجال ليس لنا معرفة به كي لا تودي بنا النهاية إلى السجن.