قائد الطوفان قائد الطوفان

"بيت الطاعة".. دراما تلفزيونية لا علاقة لها بالواقع

الرسالة نت - ديانا طبيل

سربت المسلسلات الدرامية إلينا مفهوم "بيت الطاعة" على انه إجبار المرأة للعودة إلى بيت وحش يسمى الزوج يمارس بحقها أبشع أساليب التعذيب النفسي والجسدي لتعيش حالة من الإحباط وهي محاطة بأربعة جدران لبيت تركته بعد تعمق مشاكله، بيد أن المصطلح الشرعي بيت الزوجية المقابل لبيت الطاعة، هو نصرة للمرأة وحل لقضاياها العالقة بعد أن فشلت جميع الحلول السلمية والوساطات من الأهل والأقارب لإعادة الصفاء والوئام لحياة بدأت تعصف بها رياح الخلافات، على الرغم من تنفيذه عبر المحاكم ومراكز الشرطة.

"الرسالة نت" عاشت بعض التجارب واستطلعت آراء المختصين للتعرف إلى آرائهم وعن ماهية "بيت الطاعة"، وذلك لتسليط الضوء بشكل أكبر على مفهومه ومعناه الحقيقي، وهل فيه ظلم وتعسف ضد المرأة وانتقاص لإنسانيتها وإرادتها؟

من الصفر إلى القمة

ريهام " 32 عاما " تقول لـ"الرسالة نت" أن طلبها لبيت الطاعة كان إحدى الخطوات المصيرية التي مرت بها حياتها الزوجية وقلبت واقعها من الصفر إلى القمة ، وتضيف: كانت الحياة مع زوجي مأساوية جدا، كونه رجل غير مسؤول يكره العمل ويقصر في توفير حاجات البيت الأساسية، وقد بدأت خلافاتنا منذ الأشهر الأولى لزواجنا، وحاولت الإصلاح والتكتم لأقصى حد، لكن الأمور ازدادت سوءا، ولم أعد أحتمل تصرفاته، فعدت إلى بيت عائلتي بعد أن فشلت جميع المحاولات في إصلاح حياتنا.

وتضيف: لم يسأل عني طيلة ثلاثة أشهر فاضطر والدي إلى رفع قضية نفقة لي ولأطفالي، وبعد أربعة أشهر من دفعه للنفقة فوجئت بورقة " بيت الطاعة " فاستبشرت المحامية التي تتولى قضيتي خيراً و أبلغتني أن قضية بيت الطاعة لها شروط تصب في صالحي وانه تقدمه بهذه الخطوة سيحل جميع مشاكلي إذا كنت ارغب في الاستمرار بحياتي الزوجية .

وتتابع : لم أكن أتخيل أن بيت الطاعة سيعدل من حياتي لأني طيلة عمري كنت اسمع عن قصص تقشعر لها الأبدان ، لاكتشف أن ما اسمعه أو أراه من هذه القصص مجرد دراما لا أكثر.

ذليلة ومهانة

في حين تقول أم علاء"39 عاما" أن زوجها لا ينفق عليها، ويصر على أخذ راتبها الشهري، وإن رفضت يمتنع عن النفقة، وتضيف: "تحملت من أجل أبنائي، لكن صبري أصبح غير مجد، فأخذت أبنائي لمنزل والدي وطلبت الطلاق فرفض بكل الوسائل، وبعد فترة قام بطلبي لبيت الطاعة، ظنا منه انه سيجبرني على العيش معه ، بل ابلغني عبر الهاتف انه سيعيدني ذليلة ومهانة ظناً منه أن بيت الطاعة سيجبرني بسلطة القانون على الرجوع.

وتضيف: لكن ما حدث أن الشرطي ابلغني أن هناك حكما بالطاعة إذا أردت تنفيذه فعلي العودة إلى بيت زوجي وان رفضت لي الحرية في ذلك ، فرفضت العودة ،وبعد فتره قصيرة أصبحت ناشزا ثم طلبت الطلاق وحصلت عليه .

من جهتها تقول سعاد عودة " 40 عاماً " موظفة في إحدى المؤسسات الأهلية أن بيت الطاعة إجراء يفقد المرأة احترامها وكرامتها أمام أبنائها، ويرسخ لديهم أن الرجل قادر على سلب حرية المرأة، ويستطيع التحكم بها وفقما يشاء ،مضيفة عودة المرأة لبيت الطاعة، يفقدها ثقتها بنفسها.

وتضيف كثيرا من الأزواج يلجئون إلى طلب الزوجة إلى بيت الطاعة أن كانت كارهة للعيش معه ليجبرها على القبول بشروطه أو التنازل عن حقوقها برفضها لبيت الطاعة فتصبح ناشزا ليس لها أدنى حقوق .

من جهتها تقول المستشار القانوني تمام نوفل أن بيت الطاعة من الناحية القانونية إجراء قانوني يعطي للزوج الحق في طلب زوجته أن تعود إلى بيت الزوجية مضيفة أن قانون بيت الطاعة أو بيت الزوجية معمول به حسب القوانين سارية المفعول في جميع مناطق ومحاكم قطاع غزة ، فالزوجة التي ارتضت بالزواج من الرجل بعقد شرعي وجب عليها إطاعته بما يضمن سلامتها البدنية والنفسية ، فطاعة الزوج مكفولة بالشريعة الإسلامية وهى إحدى المرتكزات الأساسية التي تحكم العلاقة الزوجية .

شرط ابتدائي

وتتابع نوفل: من خلال عملي على مدار السنوات اكتشفت أن بيت الطاعة للمرأة التي ترغب في الاستمرار بحياتها الزوجية مرتكز رئيس لحل كافة مشاكلها خاصة وان هناك شرطا ابتدائيا للزوج الذي يرغب في رفع قضية بيت طاعة على زوجته يتمثل بدفع المهر المعجل كاملا والذي نسميه "عفش البيت" وفى حال دفع هذا المبلغ يشترط في المكان الذي طلبت فيه الزوجة للطاعة أن يكون آمنا، تأمن فيه الزوجة على نفسها ومالها وأداء واجباتها الدنيوية والأخروية، وان يتوفر فيه جميع الحوائج التي تلزمها لاستمرار حياتها الزوجية لمدة شهر كامل كالمأكل والمشرب والمواد التموينية إضافة إلى الأثاث الذي يحدد بحسب الأمثال والمقدرة التي يتمتع بها الزوج وهذا ما تحدده المحكمة.

وتضيف كما يشترط في بيت الطاعة أن يكون خاليا من أية أسباب قد أدت سابقا إلى حدوث الخلاف فعلى سبيل المثال إذا عانت الزوجة سابقا من تدخلات أهل الزوجة فيمكنها الاشتراط البعد عن أية منغصات قد تشوب حياتها الزوجية ، كما لا يصلح طلبها لبيت مشغول بأشخاص أو أشغال أخرى وإلا فإن حكم بيت الطاعة يسقط مباشرة .

وتستطرد: للوهلة الأولى قد يظن البعض أن " بيت الطاعة" ضد المرأة لكنه خير لها خاصة لمن تعانى من إجحاف الزوج أو تدخلات الآخرين في حياتها وبإمكانها من خلال بيت الطاعة تغيير خريطة حياتها بما يضمن استمرارها .

أعمال دراما

وتؤكد نوفل أن ما نشاهده في المسلسلات من أن رجال الشرطة يجبرون الزوجة إلى العودة لبيت الزوج بقوة القانون هو مجرد أعمال دراما لا تمت للواقع بصلة فالعمل بحسب القوانين يتم بناءً على قاعدة أن المرأة حين تدعى إلى بيت الطاعة فإنها تؤمر بطاعة زوجها ولا تجبر عليها مطلقاً فإذا أرادت العودة ضمنت لها المحكمة سلامة حياتها وسلامة قرارها أما في حال رفضت تنفيذ حكم الطاعة فإنها تعلن ذلك وبعد فترة وجيزة تصبح ناشزاً وتسقط عنها نفقة الزوج .

من جهته يرى الدكتور ماهر السوسي نائب عميد كلية الشريعة والقانون أن مصطلح " بيت الطاعة " هو مصطلح عامي روجت له وسائل الأعلام المختلفة وانه لا يمت للإسلام ولا للشرع بأي صلة ، ويضيف ما هو معروف بالشريعة الإسلامية بيت الزوجية و هو المسكن الذي أعده الزوج لزوجته لتقيم فيه ويجب أن يكون ملائما لسكن الزوجة من حيث المستوى الاجتماعي والاقتصادي لها ويتوافر فيه الأمان لها، فان كان ملائما لها وطلبها زوجها للعودة إليه باعتبارها زوجة له وجب عليها أن تطيعه، مشيرا إلى أن لكلا الزوجين حقوق وواجبات لا تغطى على الآخر في الوقت الذي شدد فيه على أن الحياة الزوجية تعني طاعة الزوجة لزوجها طاعة عمياء، كما ورد في النصوص القرآنية ، أما إذا رفضت العودة إلى المنزل الذي هيأه الزوج لها وكان ملائما فإنها تعتبر ناشزا وتسقط عنها النفقة ورضا الله تعالى .

 ويضيف السوسي: " ليس من المنطق أن يخسر الرجل كل شيء فالشرع عمل على حماية حقوق الطرفين وليس حقوق طرف على حساب آخر، في نفس الوقت الرجل ليس من حقه إجبار زوجته على أن تعيش في مستوى ادني من مستواها أو أن تكون الزوجة متضررة من الناحية الجسدية والنفسية .

ويضيف: ليس هناك قانون يجبر المرأة العودة إلى بيت زوج ترفض العيش فيه فالقانون الفلسطيني يسير بحسب الشريعة الإسلامية التي كفلت حق النساء في كافة تفاصيل حياتهن عملاً بقول النبي صلى الله وعليه وسلم " استوصوا بالنساء خيرًا ، فإنهن عوان عندكم"

 

البث المباشر