يعيش قطاع غزة منذ عشر سنوات في حصار خانق شل كل مناحي الحياة تقريباً، لم يسلم منه أي قطاع من القطاعات الاقتصادية، وفرض الحصار الإسرائيلي بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية التي جرت في 25/1/2006 بنتيجة كاسحة وصلت الي 64% من مقاعد المجلس التشريعي، واشتد الحصار الإسرائيلي بعد سيطرة حركة حماس علي قطاع غزة في عام 2007 والتي أصبحت تسمي "فترة الانقسام"
ولعل أبرز الاثار السلبية للحصار تكمن في اغلاق المعابر التجارية التي أدت الي انخفاض مساهمة الناتج المحلي الإجمالي لقطاع غزة الي النصف بعد ما كان مساهمته قد وصلت قبل الحصار الي 31%من الاقتصاد الفلسطيني البالغة 7.4مليار دولار
ويرتبط قطاع غزة مع العالم الخارجي بسبعة معابر تخضع ستة منها للسيطرة الإسرائيلية في حين يرتبط معبر رفح بالجانب المصري وهو مخصص لحركة الافراد
وأشار الكثير من الخبراء الاقتصاديين الي ان أكثر القطاعات تضرراً قطاع الصادرات الزراعية التي وصلت خسائره الي 1.7مليار دولار حسب البيانات الصادرة مؤخراً من وزارة الاقتصاد، في حين تفاوتت نسبة تضرر القطاعات الأخرى التي من أبرزها قطاع الصناعات التي وصلت خسائره الى 560مليون دولار حسب بيانات نفس المصدر، وقطاعات البناء والخدمات بالإضافة الي اغلاق الالاف من المصانع التي كانت تساهم في اعالة مئات الالاف من الاسر
ومن نتائج الحصار الإسرائيلي الي ارتفاع نسبة البطالة في قطاع غزة حيث وصلت نسبة البطالة الى 62% وكان أكثر المتضررين منها خريجين الجامعات والمعاهد العليا بالإضافة الي تراجع دخل الفرد بنسبة 19%
وتزامنت فترة الحصار شن إسرائيل 3 حروب راح ضحيتها الالاف من الشهداء والجرحى بالإضافة الي اثار الدمار والتي أدت الي نزوح عشرات الألوف من منازلهم، حتى ان تقرير الأمم المتحدة الصادر عام 2009 الذي أشار الى ان ما قامت به إسرائيل يرتقي الي وصفه "جرائم حرب".
وتشير تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ان قطاع غزة بحاجة الي 100ألف وحدة سكنية في غضون 10سنوات، وهو ما ينذر بكارثة حقيقية في ظل ندرة الأراضي التي يعاني منها القطاع اصلاً، وستزداد المشكلة تعقيداً في ضل سيطرة إسرائيل على المعابر التجارية وتحكمها في حركة الواردات والصادرات بالإضافة الي ما سبق فقد أشار التقرير نفسه الي حاجة القطاع الي 250ألف فرصة عمل لنفس الفترة للمحافظة على نسبة البطالة عند حاجز 18% وهي النسبة المقبولة للدول النامية ، وأشار المركز الاورومتوسطي لحقوق الانسان في تقريره الأخير الى ان تكلفة العقد الأول من الحصار وصلت الي 6.3مليار دولار.
لم تنجح المحاولات الإسرائيلية لتضليل الراي العام العالمي حول ممارساته العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني، بل كان للحصار الإسرائيلي دور بارز في ابراز ذلك الوجه المظلم للاحتلال، حيث نجحت الإداة الإعلامية في تسليط الضوء مجدداً على القضية الفلسطينية، مما اكسبها تعاطفاً شعبياً تمثلت في وصول العديد من الوفود التضامنية من خلال ما عرفت " قوارب كسر الحصار"، وأثارت هذه النقطة حفيظة الجانب الإسرائيلي الذي ابدى تخوفه من تحول ذلك التأييد الشعبي الي تأييد على مستوي حكومات الدول الداعمة له.
وحاولت إسرائيل جاهدة افشال ذلك المخطط من خلال وضع العراقيل لمنع وصول الوفود التضامنية لغزة، وكان من أبرز تلك المحاولات حادثة السفينة التركية "مرمرة" التي أدت الي قطع العلاقات الدبلوماسية بين انقرة وتل ابيب.