يعيش قطاع غزة أزمات متتالية ُجلها نتيجة الحصار الاسرائيلي العربي المفروض منذ تسع سنوات ، وسبب استمراراها تنكر حكومة التوافق برئاسة د.رامي الحمد الله لمسؤولياتها ، وبقرار سياسي من رئيس السلطة محمود عباس، أما الأزمة الأبرز عما أتحدث في مقالي هذا والتي طفت على السطح منذ أسابيع قليلة ولا تزال قيد المناكفات، فهي أزمة معبر رفح التي لاقت نشاطاً فيسبوكياً واسعاً موجهاً ضد حركة حماس بمطالبتها بتسليم المعبر وتحميلها مسؤولية اغلاقه من جهة، ومبادرات فصائلية يسارية من جهة أخرى تقدم مقترحات وتتبنى أفكاراً حول آليات لتشغيل المعبر.
أزمة معبر رفح لم تكن الأزمة الأولى التي تتصدر المشهد وتلعب فيها الفصائل الفلسطينية دور الوسيط ، وسبق أن شُكلت لجنة فصائلية يوم أن تأزمت مشكلة الكهرباء في قطاع غزة قبل أشهر، وشُكلت اللجنة الوطنية لمتابعة ملف الكهرباء ووقفت على تفاصيل التفاصيل حتى عرفت الحقيقة وأيقنت من هو المتسبب في خلق الأزمات ومعاناة الناس وانقطاع التيار الكهرباء وفرض الضرائب(البلو) على وقود محطة التوليد.
تجاه هذه الأزمات المتتالية بشكل عام وأزمة معبر رفح الأخيرة بشكل خاص فإن ثمة سؤالاً يطرح نفسه، ما هو دور الفصائل في حل أزمات قطاع غزة العالقة بشكل عام وتجاه أزمة معبر رفح ومبادراته بشكل خاص؟ وهل هو دور الوسيط أم يقع على عاتقها دوراً أكبر من ذلك؟ في ظل اشتداد الحصار وتوالي الأزمات.
الفصائل الفلسطينية تمثل الشريحة الأكبر من مجتمعنا الفلسطيني بمختلف أطيافه وتوجهاته وألوانه، ومن يضع نفسه في موقع الشريك في مقاومة الاحتلال الاسرائيلي ، لا يمكن بأي حال من الاحوال مع اشتداد الحصار أن يكون وسيطاً في أزمة داخلية بين فصيلين يمثلا الشريحة الأكبر في المجتمع الغزي الفلسطيني .
الوطن للجميع والكل مطلوبُ منه تحمل المسؤولية مهما صغرت أو كبرت، وجميعنا في سفينة واحدة إن نجونا نجي شعبنا معنا ووصلنا إلى بر الأمان، وإن لا سمح الله سمحنا لهذه الحالة بالاستمرار سنكون أغرقنا أنفسنا بالأزمات وتخلى البعض عن مسؤولياته سنغرق جميعاً .
في مبادرة أزمة معبر رفح التي أعلن عنها حزبٌ يساري مؤخراً ، فقد أثبتت حركة حماس جديتها في التعامل مع هذه المبادرة وأعلنت عن تشكيل لجنة خاصة لدراسة هذه المبادرة ، واجتمعت هذه اللجنة بالفصائل قبل أيام ، وقدمت حماس رؤيتها الوطنية لإنهاء أزمة المعبر على أساس واضح مرجعتيه اتفاقات المصالحة التي وقعت عليها حركة فتح لإنهاء حالة الانقسام ومعالجة آثاره ، وأزمة معبر رفح واحدة منها، انطلاقاً من حرصها التخفيف من معاناة المواطن الفلسطيني ورفضها لسياسة استمرار الحصار بإغلاق معبر رفح وهذا موقف يحسب لها بكل الاحوال.
الفصائل الفلسطينية اليوم وتجاه هذه التطورات والأزمات التي يعيشها قطاع غزة وليس أزمة معبر رفح فحسب هي مطالبة وبشكل فعلي وعاجل بأن تأخذ زمام المبادرة وتتحمل مسؤولياتها أكثر تجاه معاناة قطاع غزة المهمش بقرار سياسي ، فدور الوسيط الفصائلي لم يعد مجدياً أو نافعاً أو منصفاً لأي كان في ظل تفاقم وافتعال الأزمات من قبل جهات معروفة وتجاهل المسؤوليات من قبل الحكومة.
إنني هنا أدعو إلى سرعة تشكيل لجنة وطنية عليا تشترك فيها شخصيات وطنية ومهنية وكل الفصائل الفاعلة تشرف على إدارة قطاع غزة وتعالج أزمات معبر رفح والصحة والتعليم والكهرباء والموظفين، وما إقرار موازنة 2016 قبل أيام إلا أكبر دليل على استمرار إصرار السلطة الفلسطينية وحركة فتح والحكومة المضي في مخططها باعتبار قطاع غزة خارج حساباتها، وهذا يشكل خطر فعلي وحقيقي ويعزز الانفصال الذي تسعى إليه اسرائيل دوماً، كما أنه يشكل سبباً أساسياً في حالة الانهيار التي تسود مؤسسات السلطة تدريجياً في قطاع غزة ، في استمرار تجاهل الحكومة لدعوات حركة حماس والجهاد وفصائل أخرى بضرورة تحمل كامل مسؤولياتها التي نصت عليها اتفاقيات المصالحة في القاهرة والشاطئ.