الاحتلال بكل أركانه ومؤسساتها السياسية والعسكرية ومن خلال ما ينشر عبر وسائل الإعلام الصهيونية، أو ما تنقله وكالات الإعلام العالمية من تصريحات، تشير إلى أن الاحتلال يعد العدة ويعمل على تهيئة الرأي العام في جبهته الداخلية للقيام بعملية عسكرية على قطاع غزة تحت نفس الذريعة التي أطلقها كسبب للاعتداءات المستمرة على قطاع غزة وهي المقاومة وتهديدها على امن ووجود دولة الكيان.
كثرة الحديث عن المقاومة وتضخيم قدراتها وإمكانياتها بشكل مبالغ فيه ما هو إلا مقدمة توضح نية الاحتلال القيام بعدوان جديد على قطاع غزة، خاصة أنه لم يحقق الأهداف التي خرج بها قبل الاعتداءات الثلاثة ( 2008-2009، 2012، 2014) وهو اليوم يكرر نفس الهدف وهو القضاء على المقاومة وهو على رأس الأهداف التي تسعى قوات الاحتلال إلى تحقيقها، فالمقاومة بقيت ولم تنته وهي تستعد بما لديها من قدرات متواضعة للدفاع عن النفس والأرض والعرض.
الاحتلال اليوم يسعى إلى جانب أهدافه السابقة العمل على التخلص من انتفاضة القدس في الضفة الغربية بعد أن عجز عن القضاء عليها، ويعتقد أن عدوانا على غزة يمكن أن يخمدها ويخفف من تسليط الأضواء على ما يجري في الضفة، ويحاول أن يحقق بقية الأهداف السابقة التي يضعها مع كل عدوان.
نحن نعتقد أن الإرهاب والقتل والدماء جزء من عقيدة يهود، وهذا جزء من عقيدة هذا الكيان وقد شاهدنا ذلك سابقا ونشاهده في وقتنا الحاضر وما أدل على ذلك هو الإعدامات الميدانية التي ينفذها الاحتلال الصهيوني أو ما يجري في ساحات المواجهة في الضفة الغربية، وعليه فالاحتلال وقادته يفكرون وبدرجة عالية باستمرار بشن الحروب والقيام بالاعتداءات على قاعدة إثبات القوة وإرهاب الجميع وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني الذي يعتبره الاحتلال أنه العقبة الكأداء في تحقيق اغتصابه على ارض فلسطين واستقرار كيانه وتحقيق أمنه.
وطالما أن هذا الاعتقاد متوفر لدينا، فإن المطلوب منا أن نعمل جاهدين لتحقيق عدة قضايا ملحة ومطلوبة قبل أن نفاجأ بالعدوان الصهيوني، الذي ينتظر الوقت المناسب وتحقيق المصلحة الخاصة بكيانه، وهذه المطالب:
1- المقاومة : أن تكون على جاهزية تامة من حيث الإعداد والإمكانيات والتدريب والتخطيط وفق الإمكانيات المتاحة لأن الله سبحانه وتعالى طالبنا بالإعداد وفق الاستطاعة الممكنة وان نستنفد ما لدينا من إمكانيات وقدرات ونعذر إلى الله بعد ذلك، ونحن على يقين أن المقاومة لم تدخر جهدا في هذا الأمر، وما نقوله هو للتذكر فقط، والتأكيد على أن العدو لديه درجة عالية من التفكير بالعدوان في أي وقت يراه مناسبا، ولا نعتقد انه بعيد، وعليه أيضا أن يتم إنشاء غرفة عمليات بين القوى المقاومة بالطريق التي تراها المقاومة مناسبة وبالكيفية التي تحقق المصلحة العليا للمقاومة ونجاعتها.
2- الجبهة الداخلية : بحاجة إلى ترتيب اكبر وإلى تهيئة عبر إزالة أي احتقان، أو خلاف وان يتم توعية الجمهور بشكل كبير، وتبيان أهمية التوحد وتشكيل الحماية للمقاومة؛ لأن الجمهور الفلسطيني في كل مكان يشكل الحاضنة للمقاومة وخاصة في قطاع غزة، لذلك إعداد الجبهة الداخلية مسألة ملحة، ومعالجة أي اختلال مهم حتى يكون لدى المقاومة حاضنة شعبية وجبهة داخلية متماسكة وقوية، والطرق لذلك كثيرة، وعلى رأسها تحصين الجبهة من أي اختراق من العدو وخاصة حربه النفسية، والتي تعتبر مهمة، وخاصة وقت الاعتداءات، فالحرب النفسية وبث الإشاعات من الوسائل لمحاولة اختراق الجبهة الداخلية وقد فعل الاحتلال ذلك كثيرا ؛ولكن كانت بفضل الجبهة الداخلية متماسكة ومحصنة، ونحن بحاجة إلى إعادة تحصين وترميم للجبهة الداخلية بما يحقق المصلحة العامة، وهذه الخطوة ضرورية وملحة وعاجلة.
3- الإعلام : الإعلام سلاح فعال وبات مهما واستراتيجيا في كل المراحل وخاصة وقت الأزمات، وفي كثير من الأحيان سبق الإعلام القذيفة والبندقية، وعلينا أن نجهز أنفسنا ومؤسساتنا الإعلامية بكل إشكالها وأنواعها وان نجهز الأماكن البديلة للاماكن الموجودة لأنها عرضة للقصف والتدمير لأن العدو يدرك أهمية الإعلام ودوره ومدى فاعليته وتأثيره، وقد فعل ذلك في الاعتداءات السابقة، وقام بتدمير العديد من المؤسسات الإعلامية، واغتيال أو استهداف الإعلاميين والصحفيين.
4- المؤسسات : على كافة المؤسسات في قطاع غزة أن تكون جاهزة ومكتملة الاستعدادات لأي طارئ، وهذه مسالة باتت لدى المؤسسات فيها دراية عالية وخاصة المؤسسات الصحية والأمنية والاغاثية وكافة المؤسسات ذات العلاقة حتى لو حدث أي طارئ نكون على جاهزية ولا يحدث لدينا أي خلل أو تقصير أو إرباك وتكون الخدمات المكلفة بها كل مؤسسة جاهزة وفق الإمكانيات المتاحة.
5- ضرورة التواصل السياسي مع الخارج والإقليم مهما كانت العلاقة والمواقف ووضع الجميع أمام مسئولياته عربيا وإسلاميا ودوليا وتبيان خطورة العدوان، وان الاحتلال هو من يعمل على التحضير للعدوان والتحريض والحشد والتهديد وهو من يتحمل المسئولية الكاملة، نقول ذلك ونحن ندرك الحال إقليميا ودوليا ولكنها خطوة مطلوبة.
نحن لا ندعو لحرب ولا نتمنى أن يكون هناك عدوان؛ ولكن إذا فرض علينا أمر ما لن نقف مكتوفي الأيدي، وندافع عن أنفسنا بكل ما نملك من إمكانيات حتى لو تخلى الجميع عن فلسطين وأهلها، فشعبنا لن يقصر وسيدافع عن نفسه وأرضه أمام الإرهاب الصهيوني.