قائد الطوفان قائد الطوفان

4 أسباب وراء دفاع حركة فتح عن ماجد فرج

غزة-أحمد الكومي

سبحت حركة فتح عكس التيار الفلسطيني الغاضب من تصريحات رئيس جهاز المخابرات العامة في الضفة، اللواء ماجد فرج، بإحباط 200 عملية فدائية ضد الاحتلال، حين اعتبرت خلال اجتماع موسع عقد في مخيم الدهيشة في بيت لحم -مسقط رأس فرج- أن "استهداف فرج حلقة من مسلسل الاستهداف الممنهج الذي يطال القيادة السياسية والتاريخية لمشروعنا الوطني الفلسطيني برمته".

وفي الوقت الذي أثارت فيه تصريحات فرج سخطا شعبيا وفصائليا، وسط مطالبات بالتحقيق معه، تهجم أسامة القواسمي المتحدث باسم "فتح" على الفصائل، متهما اياها بتبني "الفكر الظلامي"، وقال "إن التصريحات التي هاجمت فرج، تعبر عن فكر لم يفاجئنا في يوم من الأيام".

بينما وجهت كتائب شهداء الأقصى في الضفة تحذيرا "لكل الجهات، وعلى رأسها حماس"، كما ورد في تسجيل فيديو، من مغبة الاستمرار فيما سمّـتها "حملة التشويه" ضد اللواء فرج، وقالت: "إن هناك حملة مسعورة مشبوهة لابن شهيد ولقيادي في فتح، أمضى الكثير من سنوات عمره مطاردا واسيرا في سجون الاحتلال، ما هو الا محاولة لتشويه قيادة الحركة"، وأن "هذه المحاولات دخيلة على النضال الوطني الفلسطيني".

هذا الموقف الشاذ فتح الباب واسعا أمام تساؤلات حول أسباب دفاع "فتح" عن اللواء فرج، وإن كان في تصريحاته قد لخّص الدور الوظيفي الذي تقوم به السلطة الفلسطينية منذ اتفاق أوسلو عام 1993، حتى إنه كان صريحا حين قال: "هذا أنا، وهذا دوري، وهذه وظيفتي".

أول هذه الأسباب لا يخرج عن سياق دفاع بعض "الأجنحة في فتح" عن مصالح شخصية، انطلاقا من قاعدة أن اللواء فرج يمتلك القرار والمال في الضفة المحتلة، وصاحب نفوذ كبير هناك على الصعيدين الأمني والسياسي، لدرجة أنه شارك في تعيين وزراء بحكومة التوافق عام 2014.

والسبب الثاني يتعلق بالتنافس على "كرسي الرئاسة" خلفا لمحمود عباس (81 عاما)، خصوصا أن الكثيرين داخل حركة فتح باتوا ينظرون إلى اللواء فرج على أنه "الرئيس القادم"، وهذا يتقاطع مع التقدير الشائع بأن تصريح فرج لمجلة أمريكية تحديدا بإحباط 200 عملية فدائية، هو أشبه بـ"تقديم أوراق اعتماده" للولايات المتحدة، لخلافة الرئيس.

بالتالي فإن الظفر بحصة من الرئاسة وأجهزتها، يقتضي بطبيعة الحال الدفاع عنه، بمعزل عن حجم الجُرم والاتهام الموجه له، والذي يخالف المادة (1) و(2) من قانون أصول المحاكمات الجزائية الثوري لمنظمة التحرير لعام 1979، الذي يعتبر ما يمارسه اللواء فرج، "جريمة وخيانة" تستوجب المحاكمة والمحاسبة.

وهنا، يشير الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة إلى أن اللواء فرج هو عضو المجلس الثوري لحركة فتح، ويقول لـ "الرسالة": "فرج ليس بعيدا عن فتح، والحركة هي مجموعات تتفق وتختلف فيهما بينها على ضوء المصالح، لذا أنا لا استبعد أن الصراع على الرئاسة بدأ من نقطة التنسيق الأمني".

ومن المهم الإشارة إلى أن جهاز المخابرات هو وفق القانون الأساسي تابع لمؤسسة الرئاسة، ويعيَّن رئيسه بقرار من الرئيس، وهو بدرجة وزير، ومدة تعيينه ثلاث سنوات ويجوز تمديدها لمدة سنة فقط.

ويتولى فرج إدارة الجهاز بمرسوم رئاسي من محمود عباس عام 2009، خلفًا للواء السابق محمد منصور، وهو رابع مدير للجهاز منذ نشأة السلطة بعد أمين الهندي وتوفيق الطيراوي.

أما السبب الثالث، فهو "الإقرار الحركي" والموافقة والتأكيد على سياسة الرئيس عباس فيما يتعلق بالتنسيق الأمني الذي يمارسه اللواء فرج ويقوم بوظائفه، فمهاجمة رئيس المخابرات يعني مهاجمة التنسيق الأمني، الذي تفاخر أبو مازن قبل أيام بأنه يتم بأمر مباشر منه، والدفاع عنه يعني النجاة من سياسة الفصل والإقصاء، التي يمارسها عباس ضد خصومه، والتي انتهت بالتنظيم إلى التشرذم والتفكك، ودبت فيه خلافات داخلية كبيرة، تسببت في تأجيل انعقاد المؤتمر الحركي السابع، لأكثر من مرة.

والسبب الرابع والأخير يتعلق بالخصومة السياسية مع حركة حماس، التي جعلت "فتح" لا ترغب في أن يكون إعلان فرج إحباط 200 عملية فدائية، ورقة ضغط في يد حماس، تستغلها لإظهار الدور الخطير الذي تمارسه الأجهزة الأمنية في الضفة.

وقد اعتبرت حماس اعترافات اللواء فرج دليلا على دور الأجهزة الأمنية في خدمة أمن الاحتلال، ومحاربة انتفاضة القدس، واستهجنت في الوقت نفسه، دفاع "فتح" عنه، مؤكدة "أن مثل هذه المحاولات اليائسة لن تفلح في تبرئته، أو غسل العار الذي لحق به".

البث المباشر