قليلا ما يظهر الرجل الأمني الأول في السلطة الفلسطينية عبر وسائل الاعلام، الا باستثناء ما ينشر عنه من قصص خرافية هلامية تظهره وكأنه الرجل الخارق للعادة في المنظومة الأمنية، والذي سرعان ما انكشف زيفه في تسريب اعلامي أماط اللثام عن وجهه الأمني المذعور.
ماجد فرج الذي أحاط نفسه بهالة إعلامية جعلت منه "رأفت الهجان" لدى السلطة، وقع في أخطر سقطاته بعدما جرى تسريب مكالمته مع أمين سر حركة فتح في المنطقة الوسطى سعيد ابو مصبح يحرضه فيها على اثارة الفوضى في غزة واستغلال الازمات التي تسببت بها سلطته في القطاع.
التسريب الأمني فضح دور فرج في إدارة خلايا الفوضى الأمنية في غزة، وتحريض قيادة فتح في غزة السلطة بتعزيز الازمات الإنسانية وعدم المساعدة في حلها، وتأكيد فرج الذي يحتل موقعًا متقدما لدى رئيس السلطة محمود عباس انها لن تساهم في الحل.
ويكشف التسريب الضعف الأمني لدى قائد منظومة الامن لدى السلطة، وكيف تمكن العمل على اختراقه، وهنا ترجح التقديرات أن يكون ذلك نابعًا من مقدرة أمنية على كشف هذه المؤامرات، أو أنها ربما تكون تسجيلات قيادات فتح التي يحتفظون بها في اطار تصفية حساباتهم الشخصية.
وأيا كانت الطريقة التي جرى تسريب المكالمة فيها، إلا أنها تعتبر "ضربة أمنية مؤلمة" لمسؤول المنظمة الأمنية لدى السلطة، ويكشف كذلك عن حالة الاختراق داخل هذه المنظومة نتيجة الصراعات المحتدمة في داخلها".
ويظهر التسريب أن ماجد فرج شخصيا المشرف على إدارة الازمات في غزة، وليس عبر ادواته أو مسؤولين أقل منه، ما يدلل على أهمية الملف وحساسيته بالنسبة للسلطة.
ويحمل في طياته كذلك ابعادًا أخرى تكشف عجز الرجل وعدم مهنيته أو كفاءته، وفق ما يشير اليه المختص في المجال الأمني محمد أبو هربيد لـ"الرسالة".
ويؤكد أبو هربيد أن تواصل فرج المباشر مع قيادات الأقاليم وتجاوزه مفوضية المحافظة الجنوبية برئاسة احمد حلس، يكشف عن الخلل الذي أصاب تفكيره الأمني والمهني والشخصي، "وهو في ميزان الدول المحترمة يحال الى التقاعد بل والمحاكمة ايضًا".
ويوضح أبو هربيد لـ"الرسالة" أن الملف الأمني مرتبط بجهاز المخابرات، الذي يستغل الحاجات الإنسانية ويجعل منها ملفات امنية لإثارة القلاقل والضغط على الناس للانفجار في وجه السلطات الحاكمة.
وأكدّ أبو هربيد أن المخابرات يمتلك كامل الصلاحيات للتواصل مع أي شخص في حركة فتح، بدون أي قيود أو حدود لمعرفة صلاحيات كل جهة في الحركة، مشيرا الى أن الجهاز يتواصل بشكل مباشر مع الأقاليم والهيئات بعيدا عن قنوات التواصل الرسمي في التنظيم.
وذكر أن حركة فتح ليس لديها أي مساحة للعمل في غزة بالنسبة لقيادة السلطة، فهي أصبحت ملفا تابعا للمخابرات، والدليل على ذلك أن تنظيم الحركة في غزة لا يمكنه مخالفة أي قرار يصدره الرئيس.
وأشار الى ان مخابرات رام الله تحاول أيضا استغلال واجهات مستقلة ومحايدة لتكون اكثر قبولا للشارع، مشيرا الى ان المخابرات وفتح في غزة يتحركون من خلال حسابات وهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي مدعومة من مخابرات رام الله.
وتواصلت "الرسالة" مع سعيد أبو مصبح، الذي رفض التعليق على التسريب وقال "إن الحدث قديم وأنا لن أعلق عليه".
ورغم كشف التسريب لفصل جديد من فصول المؤامرة، الا انه يؤكد المؤكد حول هذا الدور المستمر، والذي أشرف عليه فرج شخصيًا، وصل حد إدارة شبكات عديدة تخصصت في محاولات تفجيرات واثارة القلاقل، وفق ما تشير اليه المصادر الأمنية.
وكشفت جهات أمنية لـ"الرسالة" أن جهاز المخابرات تورط خلال العدوان الأخير في غزة، بتحديد بنك الأهداف تحديدًا في منطقتي خزاعة والوسطى، ما أدّى لارتقاء عدد من الشهداء والقيادات المحسوبين على عدة فصائل وفي مقدمتها حماس والجهاد الإسلامي.
وأكدّت هذه الجهات استنادًا لتحقيقات كانت أجريت مع متهمين جرى اعتقالهم، أن الجهاز تورط بمساعدة الاحتلال في تشكيل حوالي 29% من بنك أهدافه في الحرب الأخيرة، وأن مصدر الإبلاغ عن هذه الأهداف كان ذات الجهاز.
وقالت المصادر إن 82% من هذه الأهداف التي أرسلها الجهاز للاحتلال تم استهدافها فعلًا، مشيرًا إلى أن 70% منها كانت عبارة عن أهداف حقيقية و12 % منها كانت مجرد أهداف كيدية، الغرض منها الإيقاع بالمقاومة والشعب الفلسطيني.
وذكرت أن هذه الأهداف شكلت فقط في العدوان الأخير على القطاع، ونجم عنها استشهاد المئات من أبناء الشعب الفلسطيني بالقطاع، بناء على الاعترافات التي حصلت عليها الأجهزة المعنية من المتورطين والمشبوهين.
وبيّنت المصادر أن التقنيات التي استخدمها هؤلاء العملاء التابعين لجهاز المخابرات، في ارسال المعلومات للاحتلال متطورة جدًا وتشبه الى حد كبير تلك التقنيات الموجودة لدى الاحتلال، ما يعني وجود حالة من التنسيق عالي المستوى بين الطرفين.
وأكدّت أن هذه المعلومات مبنية على اعترافات صريحة وموثقة ممن ألقي القبض عليهم بجهود الأجهزة الأمنية المختصة، رافضًا الإفصاح عن عدد المتهمين لهذه اللحظة نظرًا لمجريات التحقيق.