قائد الطوفان قائد الطوفان

رحلت "كلزار" فغرست صديقاتها شجرة الزيتون تخليدًا لذكراها

غزة-مها شهوان

عادت طالبات الصف الثاني عشر بمدرسة داود ناصر الدين الثانوية، أمس الأحد إلى فصولهم دون زميلتهم كلزار العويوي - 18 عاما-حيث رحلت إلى ربها بعدما أطلق جنود الاحتلال ثلاث رصاصات اخترقت جسدها النحيل بحجة تنفيذها عملية فدائية بمدينة الخليل التي تسكنها.

لم تحتمل صديقات "كلزار" غيابها لاسيما وأنها صاحبة الابتسامة الهادئة الخجولة التي لا ترفض لهم طلب في المشاركة بأي عمل دراسي أو ترفيهي، رحيلها جاء بصمت كما وصفت صديقاتها.

ومع ساعات الصباح الأولى التي لم تكن فيها الشهيدة، زرعت صديقاتها بعد تلاوة الفاتحة شجرة زيتون في مدرستها ولقبوها بـ "كلزار" لتكون موجودة بينهن كل يوم.

وقبل أن تعيش لحظات الاحتفال بحفل تخرجها مع زميلتها نهاية العام، سبقتهن وكان حفلها مميزا فقد نالت الشهادة في سبيل الله، وأصبح اسمها محفورا على سبورة الفصل تتسابق زميلاتها الوصول لما حققته من محبة وتفوق بينهن.

تقول زميلتها قمر:" سنشتاق لضحكاتها وهدوئها، لم تغضب أحدا منا قط (..) دوما كانت تساعد من يحتاجها بشيء فهي متفوقة بدروسها".

وتابعت باكية رحيل صديقتها:" لم نتخيل يوما أن "كلزار" ستقوم بعملية فدائية، فدوما حينما نتحدث عن العمليات تصمت وتبتسم دون تعليق".

ورغم بكاء زميلات "كلزار" داخل الفصل، إلا أنهن خلال ساعات تشييع جثمانها إلى مثواها الأخير رحن يتلون القراءن طيلة ساعات الدراسة على روحها.

ويعقب سامي مروة، مدير مدرسة داود ناصر الدين، بأنهم سيقفون بجانب زميلات الشهيدة لتخفيف ألم الحزن والفراق عنهن، فهذه مرحلة حرجة سيمرون بها لاسيما وأنهن مقبلات على الامتحانات النهائية.

وكانت وسائل اعلام عبرية أعلنت مساء السبت الماضي استشهاد "كلزار" بحجة طعنها أحد جنود الاحتلال وأصابته بجراح وصفت بالطفيفة فيما أطلق الجنود النار عليها وتركت تنزف بالمكان ما أدى إلى ارتقائها شهيدة وذلك قرب المسجد الابراهيمي.

وتجدر الاشارة إلى أن قوات الاحتلال طوقت مكان العملية ومنعت وصول الفلسطينيين إلى الفتاة، فوضعت عليها غطاء بلاستيكيا أسود اللون ونقلتها حينئذ إلى جهة مجهولة.

تركت تنزف

وسلمت سلطات الاحتلال جثمان الشهيدة العويوي للجانب الفلسطيني بعد ساعات قليلة من استشهادها، في حين قامت عائلة الشهيدة بتشريح جثمانها وأظهرت نتائج التشريح أنه كان بالإمكان إنقاذ حياتها؛ ولكن الاحتلال تركها تنزف حتى فارقت الحياة.

وتبين من نتائج التشريح إصابة كلزار بثلاث رصاصات واحدة اخترقت اليد، والثانية اخترقت العنق، والثالثة استقرت في الرئة مسببة لها نزيفا، وقد حدد الطبيب الشرعي سبب الوفاة نزيف رئوي حاد، وكان من الممكن إنقاذ حياتها إذا ما قدمت لها العناية الطبية في حينها.

وانطلق موكب تشييع الشهيدة باتجاه منزلها لإلقاء نظرة الوداع ثم الصلاة عليها في مسجد الحسين، وسط جماهير عفيرة وكان في مقدمتهم والدتها التي حملت نعشها إلى مثواها الأخير.

تقول والدتها:" بمجرد أن سمعت عند استهداف جنود الاحتلال لطالبة مدرسية قرب الحرم الإبراهيمي رددت الله يرحمها كلهم بناتنا "، وتضيف:" لم يخطر ببالي أن تكون ابنتي كلزار".

وحمل المشاركون في الجنازة الإعلام الفلسطينية والرايات وصور الشهيدة، وساروا باتجاه مقبرة الشهداء في حارة الشيخ وهم يرددون الشعارات والهتافات، مطالبين كتائب المقاومة بالرد على الجريمة والانتقام للشهيدة.

البث المباشر