خلف حضورها القوي تخفي عيناها الذابلتان إرهاق جسدها التي تتقاسمه مع زوجها الأسير المضرب عن الطعام محمد القيق حيث تصر فيحاء شلش على مشاركته دفع ضريبة الحرية.
شلش هي وجه النضال الآخر في معركة الإرادة التي يخوضها الصحفي القيق بأمعائه الخاوية لليوم 83 رفضًا للاعتقال الإداري لاسيما وأنها تصدرت الوقفات التضامنية معه طيلة غيابه القسري منذ الحادي والعشرين من نوفمبر الماضي.
في كل يوم يضاف الى أيام اضرابه والذي ينذر بموته في أي لحظة بعد ظهور علامات جلطة تدفع فيحاء ضريبة النصر مع زوجها لاسيما وأن أنحاء مختلفة من جسده قد تخدرت، اضافة الى شعوره بآلام حادة في الصدر والقلب، كما شخصها أطباء مستشفى العفولة.
تضرب عن الطعام في غياب رفيق دربها القيق هو أمر لا شك به، فلا معنى لمائدة الطعام ورفيق دربها بات هيكلًا!
النداء الأخير!
هي التي تستمد صمودها وثباتها من جسد زوجها النحيل أطلقت النداء الأخير لكل حر لإنقاذ محمد حيث كانت صارمة في قرارتها وكلماتها فلن تقبل عزاء الفصائل الفلسطينية أو غيرهم باستشهاد زوجها في حال لم يتحركوا لإنقاذه.
شلش التي تعلم أن زوجها أقرب للموت منه للحياة ما فتئت توجه برسائلها للجهات الرسمية وكان أبرزها برقية عاجلة لرئيس السلطة محمود عباس ورئيس الوزراء رامي الحمد لله ومنظمة التحرير والقوى والمؤسسات بالتحرك الفوري والضغط على الاحتلال للإفراج عن محمد لأنّ الثواني واللحظات قد تفقده حياته، الا أن فيحاء لم يصلها سوى أنين زوجها عبر الهاتف دون استجابة من السلطة والجهات الرسمية التي غابت عن ساحة التضامن مع القيق!
الصحفي القيق أصبح معرضا بشكل فعلي للموت في أي لحظة، خاصة في ظل رفضه تناول الدواء، كما بين عيسى قراقع رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين مشيرا الى وجود حالة استنفار قصوى داخل المستشفى.
وبيّن قراقع بأن سلطات الاحتلال لا تزال ترفض كل المقترحات التي تقدمت بها الهيئة ووسطاء من اجل اخراج القيق من المستشفى الإسرائيلي إلى آخر فلسطيني.
رغم ضعف جسد زوجها ومقاطع الفيديو التي تصلها تباعًا الا أن فيحاء تحاول أن تبقى صامدة وأن يصل صوتها الى محمد دون أن تصاحبه البحة بسبب الدموع، ووحدها من تحاول استيعاب أسئلة صغيرها اسلام ابن الأعوام الثلاثة "ليش بابا ما حلق لحيته.. ليش خطه صار بشع .. ليش بابا ضعفان وصوته متغير !!
ليلًا تقاوم فيحاء النوم خوفًا من خبر هنا أو هناك يردها بأن محمد قد فارق الحياة أو آخر قد يبهجها بأن محكمة الاحتلال قررت الافراج عنه!
ما يعزز ثبات فيحاء وعائلة محمد هو صمود الأسرى داخل السجون وأساليب تضامنهم مع زوجها الصحفي حيث قال عبد الرحمن شديد مسؤول مركز إعلام الأسرى في تصريح "للرسالة"، إن الهيئة القيادية لحماس في سجون الاحتلال، فتحت باب التطوع بالإضراب في كل من سجون ومعتقلات (ايشل ونفحة ورامون والنقب)، وأن العشرات سيشاركون، من بينهم أعضاء في الهيئة، ورموز الحركة الأسيرة.
وأوضح أن هذه الخطوة تأتي من باب الضغط على سلطات الاحتلال التي ترفض التعامل مع ملف القيق بشكل ايجابي، لافتًا إلى وجود خطوات قد سبقتها من بينها ارجاع وجبات عن الطعام واغلاق الاقسام.
"لا تتركوا محمد وحيدًا لأنها قضية وطنية وأخلاقية" لم تعد فيحاء ترددها لأنها وصلت مرحلة خذلتها فيها الفصائل الوطنية والسلطة الفلسطينية في حين رددت معها حناجر الأحرار خلال الوقفات التضامنية "حرا أو شهيدا يا محمد فأنت منتصر".