اكتشف أحد العلماء أخيراً نهراً ساخناً في بيرو بأميركا الجنوبية، في قلب غابات الأمازون، تصل مياهه إلى درجة الغليان.
لطالما كان الحديث عن هذا النهر يعتبر من الأساطير في بيرو، ولكن حينما سمع عنه عالم الجيولوجيا أندريس روسو، ظن بأن تلك ظاهرة مستحيلة الحدوث، وفق تقرير نشرته صحيفة دايلي ميل البريطانية، الأربعاء 17 فبراير/شباط 2016.
روسو كان يعتقد بأن كمية الطاقة الجيوحرارية المطلوبة لغليان مياه نهر صغير هي كمية هائلة جداً، وأن حوض الأمازون يعتبر بعيداً عن الأنشطة البركانية.
ولكن روسو رأى مياه النهر تغلي بعينيه.
لقد سمع روسو عن نهر مايانتوياكو لأول مرة من جده، حينما حكى له كيف قتل الغزاة الإسبان آخر إمبراطور للإينكا.
وتقول الرواية أن الغزاة الإسبان توغلوا في غابات الأمازون، بعد ما قتلوا الإمبراطور، للبحث عن الذهب.
بعد عودتهم، روى الرجال ما شاهدوه من ظواهر مروعة، من ثعابين تأكل البشر، ومياه مسممة ونهر يغلي.
ثم سمع روسو عن النهر مجدداً بعد عدة سنوات، في اجتماع عائلي، حين روت له عمته أنها قد زارت ذلك النهر بالفعل.
وكباحث في الفيزياء الأرضية في جامعة ميثوديست Southern Methodist أراد روسو أن يبحث عن النهر بنفسه. وقال روسو: "تساءلت في نفسي إذا ما كان يمكن لمثل هذا النهر أن يوجد في الحقيقة."
وتابع: "سألت زملائي في الجامعات، في الحكومة، في شركات التنقيب عن الغاز والبترول، وجميعهم أجابوا بالنفي."
وأضاف: "في الواقع، لم ير أحد قط نهراً يغلي إلا بالقرب من البراكين. فمياه النهر تحتاج لمصدر حراري ينتج كمية هائلة من الطاقة لكي تصل لدرجة الغليان. ولكن في إحدى اللقاءات العائلية، أخبرتني عمتي بأنها رأت ذلك النهر فعلاً."
وبالرغم من تشككه في ذلك، قام روسو بالسفر إلى الغابة في 2011، مصطحباً عمته معه، في منطقة بعيدة عن الأنشطة البركانية.
لقد كان يترقب مشاهدة غدير دافئ، ولكن ما رآه كان مختلفاً تماماً.
اكتشف روسو نهراً يغلي، يبلغ طوله أربعة أميال، في منطقة يعتبرها شعب الأشانينكا مقدسة، ويستخدمونه في العلاج بالطاقة الحرارية، في مايانتوياكو.
يصل عرض النهر إلى 25 متراً وعمقه إلى 6 أمتار. وتشير التقارير إلى أن حرارة مياه النهر تكفي لصنع الشاي، حيث أنها تغلي بالفعل في بعض المناطق.
وقد صرّح روسو ل Ted.com أن السقوط في مياه النهر قد يتسبب في الوفاة بسبب الحروق، مشيراً إلى أن مياه النهر تغلي بسبب عيون المياه الساخنة.
وقد شرح روسو الأمر بقوله “كما أن لنا دماء ساخنة تجري في عروقنا، فإن للأرض أيضاً مياه ساخنة تجري في شقوقها. وحينما تقترب تلك العروق الساخنة من السطح، يظهر لدينا عيون المياه الدافئة أو، كما في حالتنا تلك، نهر يغلي."
في بعض مناطق النهر تنفق الحيوانات التي تسقط فيه نظراً لارتفاع حرارة مياهه.
رأيت أنواعاً عديدة من الحيوانات تسقط في النهر، وأول ما يحدث لها، تتغير العينان على الفور، من شدة الحرارة، فتتحول للون الأبيض.
تحاول الحيوانات السباحة، لكن الحرارة تطهو لحومها وهي حية، فتفقد قدرتها على المقاومة، وتدخل المياه في أفواهها لتطهو أجسامها من الداخل.
ولسبب ما، غفل العلماء عن ذلك النهر، ولكن روسو في سبيله لتغيير ذلك الأمر. فقد قام بنشر كتاب "النهر الذي يغلي: مغامرات واكتشافات في الأمازون" ليقوم بالتعريف بالنهر لأول مرة.
يحاول روسو الآن أن ينقذ النهر. فقد تم تدمير الغابات المحيطة به لصالح شركات الأخشاب، وإذا لم يتحرك أحد، ستختفي المنطقة بالكامل.
واختتم روسو بقوله: "لقد أدركت أثناء إعداد رسالة الدكتوراه أن هذا النهر يعدّ من عجائب الطبيعة. لذلك، علينا أن نفعل شيئاً للحفاظ عليه، قبل أن يختفي للأبد."