دمعة المرأة على باب عينها كما هو شائع، وتتباها النساء بقدرتهم على البكاء ويستخدمنه كسلاح فعال في مواجهة قسوة الحياة وعنفها، ومن لا تبكي تُتهم بالتحجر وأنها أقرب لنفسية الرجال، وينظر المجتمع لدموع المرأة وبكائها نظرة تقبل وتفاعل وتحريض، فمن لا تبكي تتلقى الوشوشات الناصحة من أمها وصديقاتها المقربات، لا تمنعي عيونك من ذرف الدموع، خصوصا بحضرة الآخرين لسلب تعاطفهم ورقتهم، وبالفعل سلاح المرأة في ضعفها وبكائها أحيانا وفي الوقت نفسه يخشى الرجال البكاء وذرف الدموع ويخجلون منها، رغم الحاجة إليه في وجه ضغوط الحياة وحالات الحزن التي تعترينا، فالبكاء في وقته أنقى حالة تعتري الإنسان، وحينما يبكي الرجل بالتأكيد سيُخرج أجمل ما فيه، من طيبة وحنان ونقاء وتأثر وعاطفة تجيش بصفاء واندفاع.
عني لم أنظر في يوم من الأيام لبكاء الرجال كنقيصة أو شيء مشين كما يصوره ويتصوره البعض، بل أقف متأملا متأثرا كثيرا لرجل يبكي بدموع حزينة، وتأثر عاطفي جميل، فلا أجد نفسي إلا وأنا أشاركه البكاء والدموع.
وحقيقة نحتاج جميعا للبكاء وإسالة الدموع في لحظات الفقد والتوجع الروحاني، وإلا لتحولت قلوبنا حجارة أو حديد، ومقاومة البكاء وكبته يعطي حالة سلبية لإنسانيتنا ودواخلنا، ويجعلنا آلات صماء أو وحوش كاسرة ليس لها علاقة بالعاطفة الجياشة التي أودعها الله بآدام الأول، وورثناها عنه إلى يوم الدين. والبكاء أنواع مختلفة. فبكاء القهر للرجال من أسواء ما يمكن أن يتعرض له رجلا في حياته، وعني أرفضه وأمقته، وبعكس بكاء الحزن والتأثر العاطفي الجميل بكاء القهر يخرج أسوأ ما فينا، ويحطم الكثير مما نحمل في دواخلنا الجميلة، كما إن أفضل البكاء وأنقاه حينما يبكي الإنسان من خشية الله ولحظة الرجوع إليه وحالة تذكر الذنوب والندم عليها، فيعيش الرجل حالة غسيل كلي لأدرانه وتهيئة جديدة لنفسيته وقلبه، فيعود أنقى وأنصع في مواجهة تعقيدات الحياة.