قائمة الموقع

مقال: اغتيال النايف.. من أمن العقاب أساء الأدب

2016-02-29T08:25:08+02:00
عماد توفيق

لا شك أن جريمة اغتيال المناضل الشهيد عمر النايف في مقر السفارة الفلسطينية ببلغاريا تعتبر جريمة مدبرة، تواطأت في تنفيذها عدة جهات متعاونة مع الاحتلال.

أصابع الاتهام التي وجهتها الجبهة الشعبية الى سلطة الرئيس عباس بالتواطؤ في تنفيذ الجريمة ليست الأولى، حيث تتهم السلطة ومخابراتها بالتواطؤ في حادثة اقتحام سجن أريحا 2006واختطاف عدد من الرفاق وعلى رأسهم الأمين العام للشعبية احمد سعدات، الذي اعتقلته مخابرات السلطة واودعته سجن اريحا.

كما يتهم اللواء جبريل الرجوب ابان ترأسه لجهاز الامن الوقائي بتسليم خلية صوريف 1997م.

شخصيا لا استبعد أن تؤدي الجريمة إلى نتائج وأبعاد خطيرة لا يمكن أن تكون السلطة بمنأى عنها، نظرا لإصرارها على الاستمرار بالتنسيق الأمني مع هذا العدو المجرم رغم الإجماع على رفض هذا العمل الذي هو بالمحصلة عمالة للاحتلال.

يجب ألا نتسرع في القاء الاتهامات على السفير أو العاملين فيها، في الوقت الذي يجب أن نلقي اللوم فيه على المنظومة الحاكمة التي تعتبر التنسيق الأمني مقدسا، بدءا من رئيس السلطة مرورا بأجهزته الأمنية وربما ليس انتهاء بوزير خارجيته ومختلف السفارات المنتشرة حول العالم.

التساؤلات والشبهات التي تدور حول دور السلطة في جريمة اعدام النايف تنبع بالأساس من عدم توفير الحماية الرسمية للشهيد، وعدم وجود الأمن الخاص بالسفارة والتابع لمخابرات السلطة لحظة اغتياله، خاصة في ظل ما وصل من النايف مباشرة عبر عائلته بأنه كان يتعرض لضغط متواصل من السفارة وتهديده بأن الموساد يمكن أن يصله بأي لحظة، وأن أمن السفارة لن يفعلوا شيء.

قضية النايف لم تكن على سلم اهتمامات الرئاسة، ولم يطرح الرئيس قضية النايف أمام رئيس وزراء بلغاريا بويكو بوريسوف أثناء لقائه إياه قبل يومين من اغتيال النايف.

نقل عن السفير أحمد المذبوح قوله لعمر النايف: "سوف يضعون لك السُم في الطعام وسيقتحمون السفارة لأخذك أو قتلك والطيارة تنتظرك لتعيدك إلى إسرائيل".

ولم تنتظر "اسرائيل" طويلا لمكافأة السلطة على هذا التعاون الأمني عالي المستوى حيث قرر وزير المالية الصهيوني تطبيق قرار الإفراج عن نصف مليار شيكل من الضرائب المستحقة للسلطة وتحويلها إلى خزينة السلطة الجمعة وقبيل اغتيال النايف.

العقلية التي أمرت باغتيال النايف ضربا احترافيا وطعنا بذات الطريقة الي قتل فيها النايف المستوطن سنة 1986 في حارة السعدية في القدس المحتلة، هي ذات العقلية الإرهابية التي تعطى الأوامر بقتل شبابنا وأطفالنا بإطلاق الرصاص الحي عليهم وهم جرحى أو معتقلون ملقون على الأرض.

الجريمة تفتح الباب لأسئلة مشروعة عمّا يحدث في سفاراتنا في بلاد العالم، وماذا يفعل السفراء والموظفون ورجال الأمن فيها، ولماذا يتقاعس كل هؤلاء في توفير الحماية الكافية لمناضل مثل عمر النايف الذي تلاحقه أجهزة العدو الصهيوني علنا!

لا شك أن هذه الجريمة المدانة تثبت أن التنسيق الأمني وصل إلى هناك وأنه لعب دوره في ملاحقة مناضلينا حتى في منافيهم؟!!

إذا كان الصراع مع العدو الصهيوني مفتوح ولا يستثني أي ساحة أو مكان، فلماذا نسمح للذراع الأمني الصهيوني بالعبث بأرواح أبنائنا ومناضلينا في الداخل الخارج على حد سواء، علما ان العدو قام باختطاف المناضل ضرار السيسي من اوكرانيا، كما قام باغتيال المناضل محمود المبحوح في الامارات، فيما اكتفت فصائلنا بالاستنكار ولم تفعل أي شيء جدي لردع الذراع الأمني الصهيوني عن المساس بمناضلينا.

فماذا لو كان الرد الفلسطيني على اغتيال كل مناضل من مناضلينا مثل رد الجبهة الشعبية على اغتيال أبو علي مصطفى أمين عام الجبهة الشعبية 2001، باغتيال زئيفي بعد نحو 50 يوما فقط، على يد الأبطال مجدي الريماوي وحمدي قرعان وباسل الأسمر.

او مثل رد حمــــــــاس على اغتيال الشهيد عيــّاش 1996م بعمليات استشهادية ضخمة قتل فيها 64 صهيونيا.

علمتنا الأمثال أن من أمن العقاب أساء الأدب، وما لم تعلم "اسرائيل" أن كل جريمة ترتكبها بحق أبناء شعبنا عقابا، فستبقى توغل في دمنا.

وما لم يعلم العملاء الذين يلبسون العباءة الوطنية الرسمية أن لكل خائن نهاية مروعة، فستبقى "اسرائيل" تجد من بيننا من يساعدها على تنفيذ المهام القذرة.

اعتادت "اسرائيل" على تنفيذ جرائمها واغتيالاتها بحق مناضلينا في الداخل والخارج، دون اعلان في غالب الأحيان، الأمر الذي يفرض على فصائلنا المقاومة إعادة النظر في سياساتها القائمة على حصر الصراع مع العدو على الأرض الفلسطينية، والعمل على تفعيل خلايا وأذرع أمنية سرية لحماية مناضلينا وتقليم أظافر الأذرع الأمنية الصهيونية ومن يتعاون معهم من العرب، دون إعلان أو ضجيج، فمتى سنتعلم من العدو ونستخلص العبر؟

اخبار ذات صلة