رامي خريس
الملفات المهمة التي تشغل الساحة الفلسطينية باتت متشابكة ومتداخلة ، وطال (الخض والعجن) فيها إلى أن أصبح الحديث فيها مكرراً ومملاً إلى حد كبير ، فالحوار طال بين الفرقاء بدون الوصول إلى نتيجة ، ويجري الآن الحديث عن العودة إلى طاولة المفاوضات التي أصبحت البضاعة التي تحملها مستهلكة ، ولا يوجد ما يمكن أن تحققه أي عملية تفاوضية طال زمنها أول قل سوى كسب الوقت لبناء مزيد من المستوطنات وفرض الأمر الواقع في الضفة الغربية التي يحلم عباس في تحويلها إلى مملكة صغيرة يحكمها بمشاركة رئيس وزرائه في رام الله سلام فياض ، وذلك بعد تهيئة الأجواء وإجراء انتخابات في جزء صغير من الأرض الفلسطينية زاعمين أنها تمثل الفلسطينيين.
وتتشابك مع هذه الملفات علاقة فصائل المقاومة بالاحتلال الذي يهدد بالتصعيد ويناور أملاً في دفع ثمن زهيد مقابل إطلاق سراح الجندي الأسير جلعاد شاليط وبينما لا يعبأ الساسة الدوليون بمعاناة آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال والذين قضى عدد كبير منهم ما يزيد على الثلاثين عاماً، فإنهم ينشغلون بالحديث عن معاناة شاليط وعائلته ووالده الذي اتهم حماس بأنها لا تسير وفق مبادئ الشريعة الإسلامية بخصوص إطلاق سراح الأسرى ، وقد يتجه نوعام لاحقاً إلى تكفير حماس على فعلتها الشائنة بحق شاليط !.
**تطورات هامة
وإذا كان عام 2009 شهد في مطلعه حرب الفرقان فإنه من المتوقع أن يشهد في نهايته تطورات هامة في ملفات كثيرة أو كل الملفات التي شغلت الفلسطينيين والمراقبين السياسيين الذين تخيلوا طوال أشهر مضت بل سنوات سيناريوهات محتملة متوقعة لطبيعة العلاقة بين الفصائل والعلاقة بين المقاومة ودولة الاحتلال ، والطريقة التي ستنتهي بها صفقة تبادل الأسرى ، هل ستستجيب حكومة الاحتلال لمطالب حماس أم لا؟ ، أم أن إطلاق سراح شاليط سيكون في مقابل فك الحصار كما حاول ترويج ذلك بعض السياسيين ، وآخرون قالوا أن أحد الغزيين البسطاء شاهد حلماً بهذا المعنى.
ولن يتحول هذا الحلم غالباً إلى حقيقة فحماس تصر على استجابة (إسرائيل) لمطالبها المتمثلة بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين قبل أن تطلق هي سراح شاليط ، ولذلك من المتوقع أيضاً استمرار الحصار حتى يتم انجاز الصفقة التي كلما يقال أنها اقتربت من نهايتها تعود لتبدأ الحكاية من جديد ، فالإسرائيليين على ما يبدو ليسوا مستعدين بعد لدفع الثمن أو أنهم لا يزالون يطمحون بدفع سعر زهيد.
** العقدة في المنشار
إذن الحصار لن يكون مرتبطاً بحكومة تستطيع فك الحصار كما تروج قيادات في حركة فتح الذين يضعون العقدة في منشار حكومة التوافق التي تقترحها القاهرة في ورقتها للمصالحة ، التي قالت مصادر إعلامية ان عباس وفريقه تحفظوا على بعض البنود الواردة فيها لاسيما عدم تحديد موعد للانتخابات المقبلة، فيما أعلنت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أربعة محددات للقبول بالورقة.
وقال عضو اللجنة احمد المجدلاني ان أي اتفاق يجب أن لا يأتي بحصار جديد على الشعب الفلسطيني، في إشارة إلى مطلب ضرورة الاعتراف بالشرعية الدولية والالتزام ببرنامج منظمة التحرير ، وبصورة أو بالأخرى الاعتراف بدولة الاحتلال الذي ترفضه حركة حماس.
إذن يبدو أن الورقة المصرية لا تسمن ولا تغني من جوع ، ويتوقع بعض المراقبين أن يمضي عباس في الإعداد لطبخته ، والقيام بخطوته التالية التي تتضمن إصدار مرسوم رئاسي بتحديد موعد للانتخابات التي قد تجرى في الضفة دون غزة وذلك بالرغم من نفي بعض أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح مثل نبيل شعت الذي قال ان عباس لن يجري انتخابات في الضفة دون غزة .
هكذا يقولون لكنهم ماضون وفق المخطط المرسوم لهم يتمنعون عن الوفاق مع حماس ، ويتجهون لتحقيق تسوية مع الإسرائيليين ، يتشددون هنا ويتنازلون هناك ، يرفعون رؤوسهم هنا وينحون أمام رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يرفعون أصواتهم في وجه القاهرة وحماس ، ويخضعون بالقول للرئيس الأمريكي أوباماً.