الرسالة نت -باسم عبد الله أبو عطايا
أثارت تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد لصحيفة السفير اللبنانية عاصفة من الاعتراضات في دولة الاحتلال وخصوصا أن الحديث صادر عن أعلى سلطة في الدولة وان كانت هذه السلطة فخرية فقط.
إلا أن اللافت للانتباه فيها والمثير للجدل حتى داخل أروقة السياسة الإسرائيلية أنها صادرة عن شمعون بيرس السياسي الأول في " إسرائيل " والذي يعد المخطط الاستراتيجي لهذه الدولة.
الرسالة التي أثارت غضب الأوساط الإسرائيلية غير مستبعد وصولها عن طريق الرئيس الروسي ميدفيدف إلى سوريا ، الذي ما كان له ينقلها إلى بشار لو لم يكن قد سمعها من بيرس ، والرئيس بشار الأسد لم يكن ليصرح بمثل هكذا حديث وعلى لسان صديق وحليف استراتيجي لروسيا لولا انه سمع ذلك منه .
غياب الرؤى
لكن على ما يبدو أن الأزمة ليست في من نقل أو من قال ، الأزمة الحقيقية تعيشها دولة الاحتلال ، التي تتحدث بكل اللغات في هذه الأيام عن الحرب واحتلال مدن سوريا ، و اجتياح لبنان ، إلى جانب الحديث عن إعادة احتلال القطاع بشكل كامل وتنصيب حاكم عسكري عليه ، ومن المضحك أيضا أن "إسرائيل" تتدرب على مواجهة الأجهزة الأمنية التي صنعتها بالتعاون مع دايتون في الضفة ، ثم تعود مرة أخرى لتتحدث عن الخوف من إيران وعن العلاقة مع تركيا الآخذة في التدهور ، ثم الحديث عن الرغبة في تحقيق السلام ثم البحث عن شريك حقيقي وقوي.
الناظر بعمق إلى هذه التصريحات يصل إلى نتيجة واضحة وضوح الشمس مفادها " لا رؤية " لدى حكومة دولة الاحتلال الحالية ، إلى جانب حالة من التخبط والخوف تعبر عنها بوضوح التصريحات المختلفة لقادة الاحتلال. فللخارجية سياسة يقودها ليبرمان ، تختلف عن السياسة العسكرية التي يقودها بارك ، وتختلف بدورها عن السياسة الداخلية التي تقودها ايشاى ( شاس) وتختلف عن أمنيات رئيس الحكومة الذي يحاول أن ينسق دون جدوى بين كل هذه المتناقضات والسياسات داخل الحكومة الواحدة .
هذا ما يفسر الخلاف على تصريحات بيرس التي أثارت ضجة في الأوساط السياسية والتي سبقها خلاف على العلاقة مع تركيا ورفض تصريحات ليبرمان حول استئناف العملية التفاوضية مع سلطة فتح في رام الله.
ردود فعل
أثارت تصريحات بيرس ردود فعل حادة من أعضاء في الكنيست من اليمين الإسرائيلي ،الذي ادعى فيها أن رسالته حرفت وأنه لم يقدم مقترحاً لسوريا عبر الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيدف، بالانسحاب من الجولان مقابل تنازل دمشق عن علاقاتها الوطيدة ودعمها لإيران وحركات المقاومة.
الأسد تحدث عن أن الرئيس ميدفيديف نقل خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق رسالة إسرائيلية من شمعون بيريس تتضمن عرضاً بالمقايضة بين الجولان وفك علاقة سوريا بإيران وحركات المقاومة، "فكان جوابنا واضحاً وهو أن الواقع يثبت أن " إسرائيل "لا تعمل من أجل السلام، وبالتالي فإن باقي الكلام لا يفيد".
وشدد الأسد على أن للقيادة السورية منهجية في التعامل مع الملفات المطروحة من لبنان إلى إيران مروراً بفلسطين والعراق، «فنحن لا نربط الملفات بدول بل بقضايا، وقد نصحنا من يأتي لمحاورتنا بأن لا يضيّع وقته في السعي إلى الربط بين هذه الملفات». وأضاف: نحن نتكلم حول كل ملف على حدة، انطلاقاً من أننا نعرف ماذا نريد والقرار في نهاية المطاف هو قرارنا.
وذكر موقع صحيفة "هآرتس" أن تصريحات الأسد أعقبتها "انتقادات شديدة" من عدة أطراف. فقد نقل الموقع عن عضو الكنيست من حزب الليكود، ياريف ليفين، قوله إنْ "قدمت مقترحات كهذه، فإن الحديث يدور عن مقترحات وهمية ومهينة من مدرسة السيد بيريس"، وأضاف: "طريق التنازلات عن حقوقنا في البلاد ومحاولة شراء الهدوء الوهمي، فشلت فشلاً ذريعاً ويجب ألا تتكرر. الجولان جزء لا يتجزأ من "إسرائيل" وسيبقى كذلك، فحقنا فيه غير قابل للاستئناف، وهو بمثابة الضمانة الأفضل لأمن "إسرائيل".
تهرب أم تحريف
يبدو أن ليفين لم يقرأ التاريخ جيدا أو انه لا يفقه شيئا في الجغرافيا لأنه لا يعلم أن الجولان هي بالأساس جزء من الأراضي السورية وهى ليست جزءا من فلسطين وبالتالي فهي ليست جزءا من البلاد التي يتحدث عنها، بغض النظر عن تصريحاته فان "إسرائيل" وحسب بيرس مستعدة لدفع أي ثمن من اجل فك هذا التحالف السوري الإيراني اللبناني.
ونفت الرئاسة الإسرائيلية أن يكون بيريس قد قدم عرض "الجولان مقابل إيران"، وقالت إن الرسالة جرى تحريفها، وأضافت أن الرسالة التي بعث بها بيريس هي أن" إسرائيل " لا تنوي مهاجمة سوريا أو التسبب في تصعيد في الشمال وأن وجهة "إسرائيل" نحو السلام و"أنها مستعدة لمباحثات سلام فورية مع سوريا، لكن لن تكون مستعدة في أن تستمر سوريا بالرقص في عرسين، من طرف واحد تطلب الانسحاب من هضبة الجولان ومن طرف آخر تنشر الصواريخ الإيرانية على جبال الشمال وتستمر في دعم إرهاب حزب الله وحماس. "اسرائيل "لا تقبل بمباحثات تحت التهديد"، حسب بيان الرئاسة الإسرائيلية.
ورفض مكتب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، التطرق بصورة مباشرة لتصريحات الأسد، وقالت مصادر مقربة من نتنياهو لموقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن نتنياهو أوضح في السابق أن "إسرائيل" ستكون مستعدة للجلوس على طاولة المفاوضات مع السوريين دون شروط مسبقة، وليس هناك شخص مخول من نتنياهو بتقديم تنازلات مسبقة، وخصوصاً تنازلات بالأرض.