قائد الطوفان قائد الطوفان

تقرير بريطاني: لا يزال نظام الأسد بوضع حرج رغم استعادة تدمر

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

دمشق-الرسالة نت

 

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا اعتبر فيه أن نظام الأسد، رغم استعادته مدينة تدمر الأثرية ونجاحه في الظهور بمظهر المحارب للإرهاب، فإنه لا يزال يعاني من تبعية كاملة لدعم القوى الأجنبية، وارتهان مصيره للقرار الروسي.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن العالم شعر بالارتياح بعد أن استعاد النظام السوري مدينة تدمر الأثرية من سيطرة تنظيم الدولة. وبعد أن ظلت الآثار الهامة التي تحتويها هذه المنطقة تحت خطر التدمير من قبل مقاتلي التنظيم، باتت الآن بين "أياد آمنة"، باعتبار أن نظام الأسد لن يفوت الفرصة للتباهي بكونه الحامي للآثار والتراث الإنساني.

لكن التقرير أشار في المقابل إلى أن سيطرة النظام السوري على هذه المدينة لا يمثل خبرا سعيدا بالنسبة للسكان المحليين. وفي هذا السياق يقول محمد الخطيب، المتحدث باسم فصائل المعارضة في تدمر، "إن المدينة لم يتم تحريرها، بل هي فقط انتقلت من دكتاتورية إلى دكتاتورية أخرى، ومن سيطرة عدو إلى سيطرة عدو آخر".

واعتبر التقرير أن استعادة مدينة تدمر تنطوي على أبعاد استراتيجية ورمزية مهمة، ذلك أن تنظيم الدولة بسيطرته على هذه المنطقة الممتدة في الصحراء السورية كان يسيطر على حوالي نصف البلاد، وبالتالي فهو خسر الآن جزءا هاما من أراضيه، كما أن هزيمته في تدمر اعتبرها الكثيرون كارثية بالنسبة له، حيث إنه خسر أكثر من 400 مقاتل، وهي الحصيلة الأثقل التي يتكبدها التنظيم في معركة واحدة منذ تأسيسه، بحسب تقدير المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وهذا التحول يعني أيضا سيطرة النظام على الطريق السريعة الممتدة على مسافة 190 كيلومترا بين دير الزور وتدمر، وهو ما سيمكن قوات الأسد من عزل معاقل التنظيم في حماة والرقة وشرق حلب، وعزله أيضا عن معاقله في العراق.

ونقل التقرير عن أحد المواطنين الذين هربوا من مدينة تدمر، ويدعى أبو العباس، قوله: "إن مقاتلي تنظيم الدولة سوف يعودون للتجمع في مدينة السخنة على طريق دير الزور، حيث سيكون بإمكانهم إعادة تنظيم صفوفهم وتجهيز السيارات المفخخة وبقية الأسلحة الهجومية التي يستعملونها، وبالتالي فإن السخنة ستكون كابوسا بالنسبة لقوات الأسد".

وذكر التقرير أن استعادة بشار الأسد لتدمر تثير بعض المسائل المهمة، حيث إن نجاحه بمساعدة حلفائه في تحقيق بعض الانتصارات يحيي أطماعه في الانتصار على فصائل المعارضة واستعادة المناطق التي خسرها، وهو ما يعني أنه لن يكون مهتما بمفاوضات السلام وإنهاء الصراع الدائر.

ونقل التقرير في هذا السياق رأي المحلل السياسي شارلز ليستر، الذي قال في تغريدة على تويتر: "بشار الأسد كان وما يزال غير معني بمفاوضات جنيف وعملية نقل السلطة، والآن يأتي انتصاره في تدمر ليعمق من شعوره بأنه غير مجبر على مناقشة أي انتقال سياسي".

وأضاف التقرير أن هذه التطورات الأخيرة تساعد بشار الأسد أيضا على الظهور أمام العالم بمظهر المحارب للإرهاب، وهو ما شجع بعض المسئولين في الدول الغربية على تغيير مواقفهم اتجاهه، والتلويح بإمكانية القبول ببقائه في السلطة كحل لمواجهة خطر تنظيم الدولة، على غرار وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل، الذي قال إن الأسد "أهون الشرّين"، ونظيره البريطاني فيليب هاموند الذي دعا للإبقاء عليه في السلطة في المرحلة الانتقالية.

وأشار إلى أن بشار الأسد رغم تزايد ثقته بنفسه بعد استعادة تدمر، فإنه لا يمكنه أن يخفي بعض الحقائق المحرجة بالنسبة له، حيث أظهرت المعارك الأخيرة مرة أخرى درجة اعتماد قوات النظام على الدعم الروسي خلال ستة أشهر الأخيرة، التي دونها لم يكن ممكنا تحقيق أي نجاحات.

كما ذكر التقرير أن روسيا، التي تدرك جيدا حجم تبعية الأسد لها، تمارس عليه ضغوطا حتى يلتزم بما اتفقت عليه مع الولايات المتحدة، حيث قامت موسكو في بداية هذا الشهر بالإعلان عن سحب جزئي لقواتها المتمركزة في سوريا، وهو ما اعتبره المراقبون طريقة للضغط على الأسد؛ حتى ينخرط جديا في المحادثات مع المعارضة، وحتى يكون واضحا بالنسبة له أن روسيا هي المتحكم الحقيقي في خيوط اللعبة.

ونقل التقرير في هذا السياق عن المحلل السوري الذي يستخدم اسم إدوارد دارك، قوله: "الروس قاموا بعملية ليّ ذراع لبشار الأسد؛ لإجباره على الالتزام بالقواعد التي تم تحديدها، حيث هددوه بوقف دعمهم له، كما أن الولايات المتحدة أيضا قامت بالأمر ذاته مع بعض فصائل المعارضة، وطالبتها بالالتزام بالتهدئة".

كما نقل التقرير عن حسن حسن، الباحث في معهد "شاتام هاوس"، قوله إن "نظام الأسد ما يزال غير قادر على استعادة مدينة الرقة، إلا إذا أرسلت إيران المزيد من مليشياتها المسلحة، وصمدت الهدنة مع المعارضة بشكل يجعل الأسد مطمئنا إلى أنه يستطيع تسخير قدراته لمدة شهر لاستعادة هذه المدينة".

وأضاف حسن حسن: "سيطرة النظام على مدينة تدمر واستعادته ثقته بنفسه وتباهيه بوقوفه ضد تنظيم الدولة، هي مفارقات تدعو للسخرية، بالنظر إلى أن المعارضة كانت في السابق الطرف الأقدر على طرد مقاتلي هذا التنظيم من عدة مناطق في سوريا في سنة 2014". كما اعتبر أن "المعارضة عندما كانت تقاتل تنظيم الدولة، كانت تقوم بذلك بشكل عفوي، على عكس التمثيلية التي تدور الآن".

 

البث المباشر