يبدو أن فرقاء التفاوض والحوار في القاهرة والدوحة تعاهدوا فيما بينهم على عدم الحديث عبر وسائل الإعلام حول ما يجري بينهما اعتقادا منهم أن التعاطي مع وسائل الإعلام وخاصة قبل التوصل إلى إطار عمل يوضح نقاط التوافق التي تم التوصل لها في معالجة القضايا العالقة بين كافة الأطراف، وثم توضيح القضايا الخلافية والتي سيتم تحديد الموقف منها في لقاءات لاحقة؛ لأنه ليس من المعقول أن تحل كل الموضوعات في جولة واحدة في ظل تعقيدات الوضع وتشابك القضايا وقدمها، وعليه فإن ملاحقة وسائل الإعلام وكثرة تساؤلاتها وتحليلاتها وتخميناتها، وما أكثرها، قد تؤدي إلى تشويش وشكوك بين المتحاورين لذلك التزام الصمت يخدم إمكانية التوصل لنتائج ايجابية في وقت اقصر فيما لو تابع الإعلام مجريات النقاش أولا بأول ونشر ما يتم تداوله بعلله الأمر الذي قد يربك الأمور ويطيل التفاوض.
ومن هنا وبسبب حالة التعتيم على ما يجري في أروقة التفاوض كثرت الشطحات عبر وسائل الإعلام والتكهنات وترويج الاكاذيب بهدف التشويش كمن تحدث عن الفشل منذ الوهلة الأولى، ومن تحدث عن تنازلات وتراجعات واعترافات واعتذارات، وكثيرة هي الأحاديث البعيدة عن حقيقة ما يجري وجزء كبير منها يخضع للأمنيات بالفشل لحساب صراع داخلي هنا أو هناك.
الحقيقة يجب أن ننتظرها ولا نستعجل عليها، صحيح أن الإعلام يكون على عجل ويريد أن يحقق سبقا هنا أو هناك، ولكن عدم الحصول على السبق أفضل ألف مرة من الاستناد في النشر على تخمينات وتحليلات لا تستند على معلومة حقيقية الأمر الذي يضر بالمصداقية والتي تمثل رأس مال وسائل الإعلام التي تحترم نفسها وتحترم جمهورها والرأي العام.
حوارات الدوحة انتهت وما دار فيها غير معروف وما ينشر في الإعلام بعيدا عن الواقع، وكل ما يمكن الحديث فيه هو أن كل الموضوعات تمت مناقشتها؛ ولكن فريق فتح ليس صاحب قرار وما تم التوافق عليه ينتظر أن يطلع عليه محمود عباس ويقره أو يرفضه أو يعدل عليه وبعد ذلك يعاود الطرفان اللقاء والنقاش ويعملان على تضييق الخلافات من إنهاء العالق من القضايا حال توفر الإرادة السياسية والنوايا الصادقة، ثم يتوج اللقاء بلقاء مشعل عباس للإعلان عن انتهاء حقبة سوداء من تاريخ الشعب الفلسطيني اسمها الانقسام وهذا هو المأمول من الطرفين، وإن لم تكن هذه النتيجة فهذا يعني أن أمامنا مزيدا من الوقت نأمل أن لا يطول.
أما القاهرة فلم تنتهِ بعد الحوارات وان كانت في نهايتها، والحديث عن توقعات ايجابية ونتائج مقبولة على الطرفين، وإن كان هناك جزء من العالق بين الجانبين لم يحل على أمل أن يكون هناك لقاءات قريبة وقريبة جدا بين الجانبين للتوصل إلى ما يزيل حالة الشك وينهي الحصار المصري عن قطاع غزة وتفتح صفحات جديدة في العلاقة بين الجانبين بما يحقق مصلحة الشعبين الفلسطيني والمصري، ولا يعني ذلك انه لن يكون هناك لحظات نكد وتنكيد خاصة ممن تتضرر مصالحهم من هذا التقارب في كلا الجانبين.
انتظرنا كثيرا وعلينا أن ننتظر الساعات القليلة القادمة حتى تنجلي الأمور ويخرج أصحاب الشأن للحديث عن النتائج النهائية المتفق عليه وتبقى قضايا طي الكتمان، نحن في الانتظار على أمل أن نلمس مواطن الايجابيات على ارض الواقع مما ينعكس بالإيجاب على حياة الناس ما يخفف من معاناتهم والتي استمرت طويلا.