مقال: تحرير الأسرى واجب ديني ووطني وإنساني

الدكتور أحمد بحر النائب الاول للمجلس التشريعي
الدكتور أحمد بحر النائب الاول للمجلس التشريعي

الدكتور أحمد بحر

  قال صلى الله عليه وسلم: فكوا العاني، وأجيبوا الداعي، وعودوا المريض" رواه البخاري

     يؤكد الفقهاء أنه إذا وقع المسلم أسيراً فيجب على المسلمين فكاكه بشتى الطرق، فلما أسر المشركون سعد بن أبي وقاس وعتبة بن غزوان، حبس النبي صلى الله عليه وسلم اثنين من المشركين، وفاوضهم حتى أطلقوا سراح أصحابه.

     قال تعالى " وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا " النساء - الآية 75

     قال القرطبي في تفسير معلقاً على هذه الآية" وتخليص الأسارى المسلمين واجب على جماعة المسلمين إما بالقتال وإما بالأموال

     قال الإمام مالك: واجب على الناس أن يفدوا الأسرى بجميع أموالهم وهذا لا خلاف فيه.

     روى أن رجلاً قدم للمعتصم ناقلاً له حادثة شاهدها قائلاً: يا أمير المؤمنين كنت بعمورية - عمورية مدينة حصينة في الأناضول تقع جنوبي غربي مدينة أنقرة ــ وتسمى اليوم (سيفلي حصار) فرأيت امرأة عربية في السوق مهيبة جليلة تُسحل إلى السجن فصاحت في لهفة: وامعتصماه وامعتصماه، فأرسل المعتصم رسالة إلى أمير عمورية قائلاً: من أمير المؤمنين إلى كلب الروم أخرج المرأة من السجن وإلا أتيتك بجيش بدايته عندك ونهايته عندي، فلم يستجب الأمير الرومي، فانطلق المعتصم بجيشه ليستعد لمحاصرة عمورية فمضى إليها فلما استعصت عليه قال: اجعلوا النار في المجانيق وارموا الحصون رمياً متتابعاً ففعلوا، فاستسلمت، ودخل المعتصم عمورية فبحث عن المرأة فلما حضرت قال لها: هل أجابك المعتصم قالت: نعم.

     فأين ملوك العرب وقادتها وهم يرون ويشاهدون ويسمعون ما يجري في القدس من امتهان المرأة الفلسطينية المسلمة؟! أين هم من الفتاة هديل الهشلمون التي رفضت أن ترفع نقابها فأطلق الجندي الصهيوني عشر رصاصات فأردوها قتيلة تسيح بدمائها أمام سمع وبصر العالم!!؟؟.

رب وامعتصمـــاه انطلقت *** ملء أفواه السبايا اليُتّــــم

لامست أسماعهم لكنها *** لم تلامس نخوة المعتصم

يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجه جيشاً إلى الروم، فأسروا عبدالله بن حذافة (وكان من أهل بدر) فذهبوا به إلى ملكهم، فقالوا: هذا من أصحاب محمد، فقال: هل لك أن تتنصر وأعطيك نصف ملكي؟ فقال: لو أعطيتني جميع ما تملك، وجميع ملك العرب، ما رجعت عن دين محمد طرفة عين، قال: إذاً أقتلك، قال أنت وذاك، فأمر به، فصُلب، وقال للرماة: ارموه قريباً من بدنه وهو يعرض عليه ويأبى فأنزله. ودعا بقدر، فصُب فيها ماء حتى احترقت، ودعا بأسيرين من المسلمين فأمر بأحدهما، فألقى فيها، وهو يعرض عليه النصرانية، وهو يأبى. ثم بكى، فقيل للملك، إنه بكى فظن أنه قد جزع. فقال: ردوه ما أبكاك؟ قال: قلت: هي نفس واحدة تلقى الساعة فتذهب، فكنت أشتهي أن يكون بعدد شعري أنفس تلقى في النار في الله.

فقال له الطاغية: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك؟ فقال له عبدالله: وعن جميع الأسارى؟ قال نعم، فقبل رأسه وقدم بالأسارى على عمر: فأخبره خبره، فقال عمر، حق على كل مسلم ان يقبل رأس ابن حذافة، وأنا أبدأ، فقبل رأسه.

     وفي ذكرى يوم الأسير الفلسطيني يوم 17/4 من كل عام، تتزامن هذه الذكرى مع استشهاد أسد فلسطين د. عبد العزيز الرنتيسي الذي أفنى حياته في سبيل الله وكان شديد الحرص على تبييض السجون الصهيونية من كل الأسرى والأسيرات.

     إن الأسرى هم تاج رؤوسنا هؤلاء الذين أفنوا زهرات حياتهم في سبيل الله هؤلاء الذين رسموا الطريق، إلى حيفا ويافا واللد والرملة هؤلاء الذين وحدوا الشعب الفلسطيني بوثيقتهم التي قدموها والتي سميت بوثيقة الوفاق الوطني، لا بد من تحريرهم رغم أنف المحتل، ولا سبيل إلى ذلك إلا بتضافر الجهود المخلصة من كل أبناء شعبنا الغيور على دينه ووطنه.

        ولذا فإننا نطالب الفصائل الفلسطينية المسلحة وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسام بالإسراع في إتمام صفقة وفاء (2) لإجبار هذا العدو المتغطرس على مطالب المقاومة بالإفراج عن أسرانا وأسيراتنا وما ذلك على الله بعزيز.

وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيبًا

البث المباشر