بات قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين يدركون مدى صعوبة الأوضاع المعيشية والإنسانية في قطاع غزة، لاسيما في ظل تضييق الحصار الخانق المفروض منذ 10 أعوام، وسط مخاوف متنامية من انفجار قريب في وجه الاحتلال الإسرائيلي.
تلك المخاوف دفعت قادة الاحتلال لإطلاق تصريحات إعلامية أشبه ببالونات هوائية علها تسكن أوجاع قطاع غزة، وكان لافتا أن معظمها من القادة الأكثر تطرفا في مجتمع الاحتلال، ومن بينهم اليميني أفيغدور ليبرمان رئيس حزب "اسرائيل بيتنا" الذي طالب بضرورة تحسين مستوى المعيشة في قطاع غزة، بهدف منع انضمام الشباب للمنظمات الفلسطينية.
وبحسب محللين ومختصين في الشأن الاسرائيلي، فإن ساسة الاحتلال مدركون تماما أن الأوضاع في غزة غير محتملة ومؤهلة للانفجار في أي لحظة.
ويعقّب مأمون أبو عامر المختص في الشأن الاسرائيلي على تصريحات ليبرمان، قائلا " ليبرمان من مؤيدي توجيه الضربات للمقاومة بغزة، لكنه أراد اليوم أن يكون عقلانيا في مخاطبة الجمهور الاسرائيلي. وأوضح أن ليبرمان رغم تأييده للحرب إلا أنه أراد تقديم بدائل سياسية أمام القيادة بضرورة تخفيف الوضع في غزة، خشية اندلاع الحرب، إضافة إلى إثبات وجوده بكل المواقف السياسية.
وفي تصريح آخر لوزير الزراعة الإسرائيلي اوري اريئيل المعروف بمواقفه المتطرفة اتجاه الفلسطينيين، حيث وصفت صحيفة "معاريف" تصريحاته بأنها "مفاجأة"، قال: "لا يوجد لسكان غزة ميناء دولي حتى اليوم.. لماذا لا يكون لهم ميناء؟.. مع كل الشروط الأمنية اللازمة، فخبراء الأمن في إسرائيل يعرفون ما يلزم عمله حتى يكون هناك ميناء ملتزم بجميع المطالب الأمنية".
فمن الواضح أن سلطات الاحتلال تراقب عن كثب ما يجري في قطاع غزة، وتحاول ضبط الأوضاع من خلال تصريحات "ربما لم تطبق على أرض الواقع"، وفق ما ذكر المختص في الشأن الاسرائيلي أكرم عطاالله الذي تابع أنه رغم تلك التصريحات المطالبة بضرورة تحسين أوضاع غزة، إلا أن نتنياهو يريد أن يخضع قضية تخفيف الحصار عن غزة، للابتزاز.
وتوقّع عطاالله أن تستغل "اسرائيل" قضية رفع الحصار عن غزة، ضمن المفاوضات التي قد تجري مع المقاومة الفلسطينية حول الأسرى مستقبلا.
وبالعودة إلى أبو عامر، فإنه يطالب المقاومة الفلسطينية في غزة بضرورة الاستفادة من الأوضاع الراهنة من خلال توجيه رسائل للطرف الاسرائيلي عبر وسطاء للضغط عليه لفك حصار غزة، أو عليه تحمل تبعات أي انفجار محتمل في غزة.
وأكد على ضرورة إيصال رسالة قطاع غزة للعالم أجمع وسياسات "اسرائيل" بحق سكانه، من أجل التحذير بأن الأوضاع قابلة للانفجار في أي لحظة.
السيناريو المتوقع
وإزاء ذلك، فإن علاء الريماوي مدير مركز القدس للدراسات، توّقع أن يطرأ تغييرا على أوضاع قطاع غزة، لكن بشكل بطيء جدا وتحت إدارة "اسرائيل"، ومضى يقول: "لن يكون هناك أي تحسّن في الأوضاع طيلة العشرة شهور المقبلة، وستبقى الأمور مجرد مراوغة من الاحتلال"، وفق قوله.
لكنه استبعد في الوقت ذاته أن يتجه الاحتلال الاسرائيلي لشن أي تصعيد على قطاع غزة خلال الفترة الراهنة، وهذا ما أكده عطاالله، مشيرا إلى أن تصريحات الاحتلال لن تنفّذ فعليا على أرض الواقع، وستبقى مجرد "شعارات" لإرضاء الشارع الاسرائيلي.
ويعيش سكان قطاع غزة أوضاعا معيشية صعبة، جراء الحصار الاسرائيلي المفروض عليهم، منذ عقد، وهو ما ينذر بتفجير الأوضاع في وجه الاحتلال، الأمر الذي يخشاه الأخير.