مقال: عباس يوقع لفصائل المنظمة شيك بدون رصيد

بقلم: د. خالد النجار


في الوقت الذي يغتصب به رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير محمود عباس القرار الفلسطيني، والمؤسسات الرسمية للسلطة الفلسطينية، يدعوا لسلب إرادة فصائل المنظمة من جديد، ويسعى جاهدًا لسلخ هذه الفصائل من ثوبها الوطني، مستغلاً الظروف التي تمر بها بعض الفصائل على أمل قبول الدعوة وحضور مراسم تصفية الحسابات، وترقية الشخصيات، والحفاظ على مشروع الذات الذي يخدم الفريق المتنفذ في حركة فتح ويحقق له كل الأمنيات.
يسعى عباس لتحقيق مشاركة وازنة وأكثرية سياسية متعددة في اجتماع المركزي، ويرفض تحقيق مشاركة سياسية في النظام السياسي، لأن ثقافة الشراكة السياسية غائبة عن التفكير المنطقي لرئيس منظمة التحرير ورئيس السلطة، وما تم تداوله طيلة الأيام الماضية عن استدعاء قيم ومفاهيم الشراكة السياسية في إطار عقد الاجتماع المركزي سيظل يراوح مكانه دون تحديد سقف زمني، ولم يكن ذلك سوى شعارات للاستهلاك الداخلي، وإن تجربة السنوات الماضية، بما حوته من مآسٍ وآلام ومصائب أعتقد أنها كافية لإعادة صياغة التفكير الفصائلي الفلسطيني تجاه موجبات الشراكة الحقيقية.
ومما لا شك فيه أن هذه الظروف تمثل رصيدًا مهمًا لمحمود عباس، بعد لقائه وزير الحرب الصهيوني "بيني غانتس"، والاتفاق حول تعزيز واقع السلطة الفلسطينية، وتقديم الدعم اللازم لتقويتها أمام موجات المد التي تقاوم الاحتلال في الضفة، وتتجه نحو رسم خارطة أمنية جديدة، يتم بموجبها ضرب البنية التحتية لأمن العدو الصهيوني، وإفشال مخططات السلطة التي تتماهى أجنداتها الداخلية مع أجندات الاحتلال، وتتوافق مشاريعها مع القرارات الصهيونية والأمريكية نحو تصفية القضية الفلسطينية، واستهداف الدعائم والمقومات التي تعزز صمود شعبنا في وجه الحصار والاحتلال.
إن المساعي التي تُبذل ينبغي أن تكون في إطار تحقيق الوحدة الوطنية، والتفكير بجدية في إنهاء كافة الخلافات بين الفلسطينيين، وتقديم دعوة لكل الفصائل الفلسطينية للتوافق حول رؤية للخروج من المأزق الفلسطيني بشكل يمثل توجهات حقيقية نحو الاستعداد التام لمنح الأولوية للملفات الأساسية للمشروع الفلسطيني، وهي: القدس، والأسرى، وقضية اللاجئين، ومسألة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ ما يقرب من ثلاثة عشر عام، وما تعانيه الضفة من ملاحقات على يد أجهزة أمن السلطة، والاعتقال المتكرر، وإغلاق المؤسسات الخدماتية التي تُظهر معاناة المواطنين وتخفف منها، وأن يكون هناك تطبيقًا عمليًا للمفاهيم الديمقراطية من جهة، ولكافة وظائف السلطة الفلسطينية وفق نظام ديمقراطي يقوم على أن الشعب هو مصدر السلطات من جهة أخرى، وبعيدًا عن الاشتراطات الإسرائيلية والأمريكية، والتي ستؤدي إلى مزيد من الفشل والتراجع في مسار بناء الوحدة الفلسطينية.
إن ما يقدمه عباس للفصائل الفلسطينية يُعد شيك بدون رصيد، لا يُستحق في أي وقت وأي ظرف، وسيعود بصفر كبير لكل من يشارك في لقاء لا يخدم إلا مشاريع الاحتلال والمتعاونين مع فريق التنسيق الأمني، لأن أولويات العمل التي تدعم الوحدة الوطنية واضحة، وليست بحاجة لاستدعاء مفاهيم أخرى بعيدة عن الحالة الوطنية التي تزداد سوء يومًا بعد يوم، في ظل تقاعس المنظمة عن واجبها الحقيقي تجاه كل الفلسطينيين في الداخل والخارج.

 

البث المباشر