هل تملك المقاومة أوراق ضغط لرفع الحصار عن غزة ؟

مقاتلوا القسام خلال عرض عسكري بغزة
مقاتلوا القسام خلال عرض عسكري بغزة

الرسالة نت - عائد الحلبي

في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، ومنع مواد البناء التي شلت عملية إعادة الإعمار، أصدرت كتائب القسام وفصائل المقاومة تحذيرا شديد اللهجة وجهته إلى الاحتلال الإسرائيلي، مفاده "رفع الحصار أو الانفجار".

ويبدو أن تصريح كتائب القسام يختلف عن سابقاته من تصريحات القيادة السياسية، وهو ما دفع الجميع لمتابعة التصريح باهتمام بالغ، فانفجار المقاومة يعني التوجه نحو الخيار العسكري الذي سيخلق صيفاً ساخناً.

وبحسب النائب والقيادي في حماس يحيى موسى فإن الحركة لم تُعدم الوسيلة بعد، وأن خيارات حركته لمواجهة الحصار والاحتلال "لا تزال مُتاحة". وقال موسى في تصريح خاص لـ"الرسالة نت"، "إن تعرض الشعوب لضغوط فوق طاقتها يدفعها للدفاع عن نفسها بأي صورة كانت، دون الاستسلام للاحتلال، وأن الاحتلال يحاول استغلال الانشغال العربي والاقليمي لتهويد الأرض الفلسطينية وتصعيد انتهاكاته بحق الفلسطينيين".

انفجار عسكري

بدوره، اعتبر فايز أبو شمالة الكاتب والمحلل السياسي أن تهديد كتائب القسام بالانفجار لا يعني أنها ستقوم بتحريك المظاهرات داخل شوارع غزة، وتوجيه آلاف المواطنين إلى الحدود للمطالبة بفك الحصار فهذا عمل المنظمات الأهلية، إنما يعني "انفجارا عسكريا" يؤلم الاحتلال.

وقال أبو شمالة لـ"الرسالة نت": "تهديد القسام يختلف عن تهديد القيادة السياسية، فتهديد إسماعيل هنية وغيره يعني أن هناك أموراً سياسية قد تحدث، إلا أن القسام عندما يُصدر كلاما من هذا النوع فهو يعلم ماذا يقول، ورسالته العسكرية واضحة حال استمرار الحصار".

ورأى أبو شمالة أن خيارات كتائب القسام مُتعددة لإيلام الاحتلال، وإجباره على اتخاذ خطوات جدية لفك الحصار، مشيراً إلى أن أحد هذه الخيارات هو أن تلجأ إلى "أسلوب التنقيط" في القذائف التي تربك حياة المستوطنين في غلاف غزة ليشاطر المستوطنون سكان غزة المعاناة نفسها، ويعيش اليهودي والعربي نفس الظروف القاسية، وهذا ما لا تحتمله (إسرائيل) لفترة طويلة".

أما الخيار الثاني الذي طرحه أبو شمالة، فهو أن تلجأ القسام إلى مفاجأة الاحتلال، وتبادر إلى تنفيذ عمل هجومي خلف خطوط العدو، وهذه المفاجأة تتخوف منها أوساط أمنية إسرائيلية.

وأضاف: "الخيارات السابقة مطروحة بقوة بغزة، أما الخيار الثالث فهو بتنفيذ عمليات استشهادية داخل المدن المحتلة، لإعادة روح انتفاضة القدس المباركة، والربط بين قضايا غزة والضفة".

وأوضح أبو شمالة أن فك الحصار أو الانفجار لا يعني إلا حتمية المواجهة، وفي زمن ليس ببعيد، والذي سيخسر من أي مواجهة قادمة هو الاحتلال؛ الذي يعيش الآن حالة من الأمن الواهم مع تواصل الحصار الظالم، وهذا ما لا يمكن أن ترضى به المقاومة، والتي ستحرص على تعديل الوضع القائم ولمرة واحدة وإلى الأبد، وفق قوله.

رسائل دبلوماسية

بدوره، أكد حسام الدجني الكاتب الفلسطيني أن انفجار قطاع غزة لا يخدم الاستقرار، وبقاء الحصار سيكون وصمة عار على جبين الإنسانية، كونه أحد أشكال العقاب الجماعي.

ولم يستبعد الدجني أن يكون الانفجار المُرتقب سياسيا أو دبلوماسيا بعيداً عن الخيار العسكري، مضيفاً: "من الممكن أن يكون الانفجار سلمياً باتجاه الحدود، عبر خروج الآلاف من المواطنين إلى الحدود مع الأراضي المحتلة للمطالبة برفع الحصار، أو سياسيا دبلوماسيا بالقيام باعتصامات وإضرابات، وإرسال رسائل دبلوماسية إلى العواصم المؤثرة."

وأوضح الدجني أن الانفجار العسكري قد ينطلق من غزة، وهذا سيجر إلى حرب، وأن المقاومة تدرك جيدًا خطورة هذه الخطوة، مُتابعاً: "الإقدام عليها دون أن تكون الحسابات دقيقة انتحار سياسي، لكن ثقة شعبنا بمقاومته تجعله مطمئنًا إلى خطواتها المحتملة".

واتفق الدجني مع أبو شمالة في إمكانية أن يشمل الانفجار عمليات نوعية في المدن المحتلة، ويأخذ عدة أشكال: "زيادة وتيرة التصعيد للانتفاضة في الضفة والقدس، ودخول فصائل المقاومة على خط العمل المنظم، واستئناف العمليات الاستشهادية داخل فلسطين المحتلة".

ودعا الدجني المجتمع الدولي لتحمل مسئولياته تجاه قطاع غزة، والعمل على رفع الحصار الجائر نهائيًّا، فهذا الحصار يخالف كل القوانين والأعراف الدولية، مناشداً الدول العربية لتطبيق قرارات جامعة الدول العربية بشأن رفع الحصار وفتح المعابر.

مواجهة عسكرية

من جهته، أكد إبراهيم المدهون المحلل السياسي أن لا أحد يتوقع مدى وقوة واتجاه الانفجار واسلوبه وآلياته، وأن الواقع في غزة لم يعد يُحتمل، وتحذيرات فصائل المقاومة جدية هذه المرة.

وقال المدهون: "إن استمرار الحصار قد يدفع بعض فصائل المقاومة مثل حركة الجهاد الإسلامي وبعض الفصائل الأخرى إلى اللجوء للمواجهة العسكرية ضد الاحتلال الإسرائيلي، مما قد يجبر حركة حماس على الدخول في المواجهة بعد ذلك، وأي مواجهة قادمة ستكون قتالا يائسا من كل السياسة والسياسيين، وسيقاتل الشعب الفلسطيني حتى آخر رمق".

وكانت كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة حماس قد حذرت الاحتلال الإسرائيلي من مغبة استمرار الحصار على قطاع غزة.

وأكدّ المتحدث باسم القسام في حفل "لحن الانتفاضة" الذي نظمته حركة حماس بغزة، في كلمة مختصرة ومقتضبة: "تحذير أخير، لم يعد هنالك ما يمنعنا من اتخاذ القرار، رفع الحصار عن غزة أو الانفجار".

وقد أكدّت حركة حماس في بيان صدر عنها أن الوضع في قطاع غزة لا يمكن الصمت عنه، والقبول به "أمر غير ممكن". وكذلك حذرت حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية، من أن استمرار الحصار من شأنه أن يفجر مواجهة جديدة مع الاحتلال.

البث المباشر