قائمة الموقع

متسولون "أصحاب مهنة" وحقائق تفضح مزاعم حاجتهم

2016-05-28T10:36:20+03:00
صورة أرشيفية
تحقيق-عبدالرحمن الخالدي

امرأةٌ تغطي وجهها بالنقاب تعترضك وتمدّ لك يد الحاجة، وطفلٌ يلاحقك لأمتار يستجديك كي تمنّ عليه ببعض النقود أو تشتري منه شيئاً مما يحمل، وآخر يستغل مهاراته التمثيلية أو إعاقته الجسدية ليتحايل عليك ويستدرّ عطفك.

مواقف تتكرر في شوارع القطاع، أبطالها أشخاص تختلف أعمارهم وفئاتهم سموا بـ"المتسولين"، وصلت قيمة ما يجنيه بعضهم بحسب جهاز المباحث 400 شيكل يومياً، ما يثير شكوكاً حول حاجتهم، ويثير التساؤل، فهل امتهنوا "التسول" كونهم وجدوه طريقاً سهلاً للكسب ؟!!.

"الرسالة" فتحت ملف المتسولين بعد التحذيرات المتكررة من أن التسول بات "ظاهرة" مزعجة في قطاع غزة، والشكوى من تزايد أعدادهم في الآونة الأخيرة، رغم تلقي بعضهم مساعدات من جهات حكومية أو خاصة، دون إغفال إمكانية وجود بعض المحتاجين لمن يتفقد أحوالهم. 

ولاحظ معدّ التحقيق الذي جاب أماكن تواجد بعض المتسولين على مدار أكثر من شهر، أن عدداً كبيراً منهم امتهن التسول دون حاجة، ومنهم الطفل (س.م) الذي يبيع بعض الحلوى والمناديل الورقية على مفترق "السرايا" الأكثر حيوية في مدينة غزة، حيث برر تواجده في الشارع بالقول: "وفّروا الاسمنت أو شغل لوالدي، ومش راح تشوفني تاني هنا".

وبالمتابعة، تبيّن أن الطفل وشقيقه يمتهنان التسول رغم تلقي أسرتهم التي تقطن شرق مدينة غزة مساعدات من وزارة الشؤون الاجتماعية، حيث يعيشون في منزلٍ تجاوزت مساحته 150م ضمن عمارة يقطنها أعمامهم الذين يرسلون أبناءهم لممارسة التسول أيضاً.

وعلى بُعد أمتار منه وعلى ذات المفترق، كان ذلك الأب الذي جاء من شمال القطاع، يجمع حوله أبناءه الثلاثة، يسأل كلّ واحدٍ منهم عمّا كسبوه من مدّ أيديهم للناس أو بيع بعض الحاجيات التي وفرها لهم، وحين السؤال أكثر عنهم اتضح امتهانهم للتسول رغم تلقيهم مساعدات عدة أبرزها شيكات الشؤون الاجتماعية التي تُمنح لهم وللآلاف غيرهم كل ثلاثة شهور.

بعيداً عن "السرايا" وبالانتقال إلى محيط أحد أكبر مخابز قطاع غزة وأكثرها ازدحاماً، ترصد "الرسالة" تواجدا بين الفينة والأخرى لطفلين اتضح أنهما شقيقان (صبي وفتاة)، يستجدون المارة بشتى الطرق، وحين سؤالهم عن أوضاع أسرتهم وصحة والدهم، أخبرونا ببراءةٍ أن أباهم يبيع "السجائر" في كشكٍ قريب، ويذهبون إليه بين الحين والآخر لإعطائه "الغلّة" التي يجمعونها.

تلك الملاحظات أكدها د. يوسف إبراهيم وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية بغزة، والذي قال إن العديد من حالات التسول ترفض اللجوء إلى الوزارة للاستفادة من برامج الحماية الاجتماعية والانضمام لقائمة المستفيدين من المساعدات الدورية، علاوة على تلقي عددٍ كبير منهم لهذه المساعدات أصلاً، إلا أنهم يتذرعون دائما بأنها "غير كافية".

وبحسب إبراهيم فإن وزارة الشؤون الاجتماعية تتابع قضية التسول وترصدها وتدرس تبعاتها ومسبباتها، موضحاً أنها رصدت بعض من يدير شبكات للتسول ويوزعون المهام فيما بينهم، كما أنهم يستغلون الأطفال بدرجة كبيرة جداً لتحقيق كسبٍ أكبر وأسرع.

واعتبر أن حل هذه الظاهرة والتخلص منها يحتاج لقوانين صارمة، معبرا عن استيائه من أن عددا من الحالات التي تم ضبطها وهي تمتهن التسول تم حجزها لـ48 ساعة فقط، لتعود وتمارس نفس المهنة فيما بعد. وكشف إبراهيم أن تقديرات وزارة الشؤون الاجتماعية توضح عدم تجاوز عدد حالات التسول في محافظات قطاع غزة 100 حالة. لكن الوقائع على الأرض تثبت أن عددهم يفوق المائة بأضعاف وخاصة في الأسواق الأسبوعية ومناطق الازدحام والتجمعات بما في ذلك شاطئ البحر الذي يرتاده المواطنون للتنزه.

يوميات مرتفعة

أمام أحد أشهر محلات بيع الحلويات في مدينة غزة، لم تتردد مُسنّة تعرض بعض الأغراض الصغيرة لبيعها للمارة بشكل يومي، فيما رفضت عرضا من أحد كبار التجار بأن يُعطيها 1000 شيكل شهرياً مقابل التخلي عن امتهان "التسول"، ما يُثبت عدم صحة حاجتها واتخاذها التسول طريقا سهلاً للكسب الوفير.

موقف هذه المسنّة قد لا تستغربه حين تعلم قصة ذلك المتسول الذي رفع صوته في أحد مساجد شرق مدينة غزة بعد إحدى الصلوات مناديا الناس بضرورة مساعدته لانقطاع السُبل به، لتتفاجأ بعد دقائق من خلو المسجد وخروج المصلين بأن ذات المتسول قد انطلق على متن دراجة نارية من نوع "باجاج"، كان قد ركنها على بعد أمتار من المسجد، يُقدّر ثمنها بأكثر من 2000 دولار أمريكي.

هذه الحالات تطابقت مع حالاتٍ عاينها وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية، والذي كرر خلال حديثه لـ"الرسالة" أن فئاتٍ من المتسولين وصل إجمالي ما يجمعونه خلال اليوم الواحد إلى ما يتراوح بين 200-400 شيكل باعترافهم، مشددا على أنه يجب الضرب بيد من حديد وبقوة القانون للحد من هذه الظاهرة والعمل على إنهائها بشكل تام.

وأضاف إبراهيم: "نحن أمام مسؤولية عالية وكبيرة جداً، ومكاتب وزارة الشؤون الاجتماعية مفتوحة دائماً لاستقبال المواطنين المحتاجين، ودائماً ما نُبدي استعدادنا التام للتنسيق مع كل الجهات المعنية لإنجاز قاعدة بيانات شاملة لمعالجة أهم القضايا الاجتماعية وعلى رأسها مظاهر التسول".

وفي حساب بسيط لما قد يجنيه المتسول إن قُدّرت يوميته بـ 200 شيكل على الأقل، فإن إجمالي ما يجمعه في الشهر الواحد يقدّر بحوالي 6000 شيكل، أي ما يعادل 1500 دولار أمريكي، الأمر الذي قد يعدّ مشجعاً للعديد منهم لامتهان التسول والإصرار على التواجد في الشارع، كون مقدراتهم توازي ما قد يجنيه بعض الوزراء والمدراء العامّون!.

قوانين كافية

وفي مشهد عكس احتيال البعض على المواطنين، وقف متسول أمام أحد مراكز التسوق المعروفة في غزة، حاملاً بإحدى يديه طفلا صغيرا، وبالأخرى تقريرا طبيا يقدمه لمن يمر أمامه، طالبا يد العون والمساعدة لإتمام علاج طفله ومساعدته لإعالة أطفاله، لكن لسوء حظه أن أحد المارة كان مسؤولاً في وزارة الشؤون الاجتماعية، وبمجرد أن قدّم له التقرير الطبي، أخذه المسؤول وطلب منه أن يتوجه في اليوم التالي إلى مقر الوزارة ليقدم المساعدة اللازمة له، إلا أن ردة الفعل الغاضبة التي أبداها المتسول وانتشاله للتقرير "المزيف" من المسؤول، لفتت انتباه الشارع والتجمهر حوله.

وسط ذلك التجمع، وصلت إحدى السيارات التابعة لجهاز المباحث العامة لاعتقال المتسول والتحقيق معه، ليتفاجأ المسؤول بعد أيامٍ قليلة من وجود نفس المتسول في ذات المكان، نتيجة غياب القانون الذي يوجب عليه الامتناع عن هذه المهنة -وفق المسؤول.

الحديث المتكرر عن غياب القوانين الرادعة، دفع "الرسالة" إلى التوجه نحو المجلس التشريعي في قطاع غزة، والتقاء عضو لجنة التربية والقضايا الاجتماعية بالمجلس هدى نعيم، والتي أكدت بدورها أن معالجة التسول تحتاج إلى بيئة موائمة وظروفٍ تلتقي وتتعاون فيها أكثر من جهة، أكثر من حاجتها إلى قوانين جديدة.

وأشارت إلى أن عدد حالات التسول الموجودة في قطاع غزة لا تعكس فقراً مدقعاً بقدر ما تعكس امتهان بعضهم للتسول واعتباره طريقاً سهلاً للكسب، مشددة على أن مسؤولية إنهاء تلك المظاهر والحد من تواجد المتسولين تقع على عاتق الجميع وتتطلب تعاوناً كبيراً.

التشريعي: لم تتشكل لدينا رؤية بأن التسول يحتاج إلى سنّ قانون خاص، على اعتبار أنه ظاهرة طبيعية وموجودة في أغلب المجتمعات، تحتاج إلى آليات ضبط

وحول القوانين التي تُجرّم أشكال التسول، أوضحت نعيم أن قانوني "الطفل الفلسطيني" و"التعليم العام" أوقعا عقوبة مغلّظة على أولياء الأمور الذين يُجبرون أبناءهم على ترك الدراسة في مرحلة التعليم الأساسي "الابتدائية والإعدادية" لممارسة التسول، وصلت إلى حد الحبس ودفع غرامة مالية.

وعن إمكانية سنّ قانون جديد رادعٍ للمتسولين، قالت نعيم: "لسنا بحاجة لقانون يخص التسول، لكن يمكن الاستفادة من القوانين الموجودة والتي يمكن أن تشكل غطاءً في حال احتاج الأمر إلى الملاحقة القانونية للمتسولين ومن يستغل الأطفال أو يمتهن هذه المهنة".

وأضافت أن "المجلس التشريعي ونتيجة لتعطله الجزئي، يعمل في القوانين الأكثر إلحاحاً للمجتمع، ولم تتشكل لدينا حتى اليوم رؤية بأن التسول يحتاج إلى سنّ قانون خاص، على اعتبار أنه ظاهرة طبيعية وموجودة في أغلب المجتمعات، إلا أنها تحتاج فقط إلى آليات ضبط".

حملة صارمة

استكمالاً لفصول التحقيق، كان لا بد من التوجه إلى قيادة جهاز المباحث العامة التابع لوزارة الداخلية بغزة، كونه المسؤول المباشر عن وضع حلٍ لتزايد أعداد المتسولين، والتحرك لإنهاء مظاهر التسول والحدّ من الظاهرة.

ووفقاً للمقدم عماد أبو حرب، مدير دائرة الشؤون الرقابية والقانونية في جهاز المباحث، فإن الجهاز أطلق مؤخرا حملة هي الأولى من نوعها لإنهاء مظاهر التسول في محافظات قطاع غزة كافة، بعد عمليات رصدٍ وتحر لكل ما يتعلق بهذه الفئة.

وقال أبو حرب إن الحملة انطلقت بالتعاون مع مختلف الوزارات وعلى رأسها وزارة الشؤون الاجتماعية والثقافة والتعليم والأوقاف، موضحا أن فترة كافية أُعطيت لكل الجهات السابقة لعمل برامج وحملات توعوية بخطورة التسول ونبذ المجتمع الفلسطيني لها، قبل البدء بأي إجراءات تنفيذية أو عقابية تجاههم على أرض الواقع.

وبحسب أبو حرب فإن جهاز المباحث رصد ما يربو من 120 متسولاً على مستوى قطاع غزة، معروفين بالأسماء والبيانات التي تملأ الاستمارات الخاصة بكل واحد منهم لدى المباحث، مؤكدا أن 90% من ممارسي التسول يتواجدون في مدينة غزة وتحديدا في وسطها.

وأصرّ أبو حرب خلال حديثه مع "الرسالة" على إطلاق اسم "جريمة التسول" على الحالة الموجودة في قطاع غزة، مؤكدا أن المادة 193 من قانون العقوبات الفلسطيني تجرّم ممارسة التسول أو محاولات الكسب غير المشروع، وتضع المتسولين أمام استحقاقات قانونية وقضائية تدينهم.

وعن نتائج الأيام الأولى للحملة التي ستستمر لعدة أشهر، قال أبو حرب: "في اليوم الأول للحملة، والذي شمل كل المفترقات والنقاط الرئيسية في مدينة غزة، جمعنا 27 طفلا من الذكور تحت سن الثامنة عشر، وطفلتان من الإناث، بالإضافة إلى 23 شخصا بالغا من الذكور تتراوح أعمارهم ما بين 30-75 عاماً، وامرأتان"، موضحا أن الأطفال تم تحويلهم إلى مؤسسة الربيع التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية لساعات، وأن البالغين خضعوا للتحقيق في جهاز المباحث العامة.

وأضاف: "ألزمنا كل من تم إلقاء القبض عليهم بالتوقيع على تعهدات بعدم ممارسة التسول أو النزول إلى الشارع مجددا واحترام القانون، حيث تعتبر بمثابة إقرار بما كانوا يرتكبونه من جريمة، وقطعا لأي مبررات لممارستها مرة أخرى".

أما فيما يخص الأطفال، فأشار المقدم أبو حرب إلى أن تعهدات شبيهة وقّع عليها أولياء أمورهم بعدم السماح لأبنائهم بالنزول إلى الشارع أو ممارسة التسول بأيٍ من أشكاله، ومنع إجبار الآباء لأبنائهم على ذلك.

وبيّن أن وزارة الشؤون الاجتماعية قامت بتعبئة استمارات لعدد ممن تبينت حاجتهم الفعلية للمساعدة من هؤلاء المتسولين، وهي بدورها أدرجتهم في كشوفاتها وستسعى بناء على الخطة المتفق عليها إلى تحسين أوضاعهم الاقتصادية بمختلف الطرق.

في الوقت ذاته، شدد أبو حرب على أن التحقيقات كشفت أن الغالبية العظمى من هؤلاء المتسولين يتقاضون أصلا مساعدات من وزارة الشؤون الاجتماعية ومؤسسات أخرى محلية ودولية، إلا أنهم يتحججون بأن جميع تلك المساعدات ليست كافية.

وفي السياق قال: "رغم العلم بخطورة التسول وآثاره السلبية على المجتمع، إلا أننا وبحكم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها القطاع والحصار والظروف الاستثنائية، نعمل بروح القانون وليس بنصه"، مشددا على وجود قوانين واضحة في "قانون العقوبات" الفلسطيني تجرّم ممارسة التسول.

وشدد على أن جهاز المباحث مستمر في حملته في مختلف محافظات قطاع غزة، وينفذ جولات تفقدية بشكلٍ دوري، موضحا أن من يصرّ على ممارسة التسول والنزول إلى الشارع سيتم تحويله إلى النيابة العامة، لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقه دون أي تهاون.

جهات أمنية ومختصة: 120 متسولا ينتشرون في كامل قطاع غزة، ويومية بعضهم وصلت إلى 400 شيكل 

جولة صغيرة رافق خلالها معدّ التحقيق إحدى دوريات المباحث العامة بعد أسبوع من بدء الحملة، كانت كفيلة بملاحظة انخفاضٍ كبير على أعداد المتسولين واختفاء بعضهم من الأماكن الدائمة لتواجدهم، إلا بعض الحالات التي وعد القائمون على الحملة بإعادة النظر فيها والنزول مرة أخرى بقوة القانون إلى الشارع إن لزم الأمر.

ونفى المقدم حرب ما تم تداوله مؤخرا حول التوصل إلى "شبكات تسول" في قطاع غزة، مشيراً لوجود مجموعات "عمل منظم" تقتصر على بعض الإخوة أو الأب مع بعض أبنائه يمارسون التسول في ذات المحيط.

وفي ذات السياق، أبدى مدير دائرة الشؤون الرقابية والقانونية في المباحث العامة استعداد جهازه التام للتعاون مع أي جهة لمحاربة التسول أو أي جرائم مجتمعية أخرى، موضحا أن الجهاز يتلقى اتصالات من جهات عدة ويقوم بواجباته ومسؤولياته تجاههم، مؤكدا في ذات الوقت أن غياب موازنات الوزارات من حكومة التوافق فاقم العديد من أزمات القطاع وعرقل حلّ قضايا عدّة.

المباحث: 120 متسولا ينتشرون في قطاع غزة، و90% منهم يتركزون في وسط مدينة غزة

تحريم شرعي

تجريم التسول لم يقتصر على القوانين الوضعية المعمول بها فحسب، بل إنه ووفقاً لشكري الطويل، مدير دائرة الوعظ والإرشاد في وزارة الأوقاف بغزة "حرام شرعاً ومن الكبائر"، مشددا على خطورة امتهان التسول، أو حتى تعاطف الجمهور معهم ومساعدتهم بإعطاء الصدقات لهم.

وقال الطويل لـ"الرسالة": إن "التسول حرام شرعا ومن كبائر الذنوب، وعلى أهل التشريع أن يحددوا عقوبة له في الدنيا بالحبس أو غيره"، مشددا في الوقت ذاته على أن الصدقة على المتسولين وإعطائهم من زكاة المال أو الفطر تعدّ "صدقة لم تقع في موقعها الصحيح"، كونهم ليسوا من أهل الاحتياج الذين أمرنا الله ورسوله أن نُعطيهم.

وأضاف: "أجزم أنه لا يوجد شخص متسول واحد في الشارع، قد وصلت به الحالة إلى الفقر المدقع الذي يجبره على سؤال الناس"، مؤكدا أن لجان الزكاة التابعة لوزارة الأوقاف والمنتشرة في قطاع غزة تعمل على توفير مستلزمات الحياة الأساسية لكل الفقراء، بالإضافة إلى ما قد يتلقونه من مساعدات من وزارة الشؤون الاجتماعية أو المؤسسات المحلية والدولية العاملة في القطاع.

حالات عدة تتلقى مساعدات دورية من وزارة الشؤون الاجتماعية وتتذرع بأنها "غير كافية"

المتسول خبير نفسي

د. درداح الشاعر، أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى، أكد أن التسول يعدّ فعلا ممقوتا ومرفوضا قديما وحديثا، وأن من يمدّ يده للناس هو شخص "دنيء ومُهان وسلبي"، وإنسان عاجز لا يتمتع بالحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.

وقال الشاعر إن المتسول يعتبر ما يقوم به أفضل طريقٍ لتحقيق الكسب غير المشروع، كما أنه يستخدم لغة يستدرّ من خلالها عطف المواطنين، كون نمط شخصية الإنسان الفلسطيني عاطفية وتتأثر بالعوامل الدينية والإنسانية ويسهل التأثير عليها -وفق قوله-.

وشدد على ضرورة محاربة هذه التصرفات ووضع حدٍ لها، موضحا أن معظم دول العالم حاربت التسول بحبس المتسول أولا، ثم حبس والده إن كان هو السبب في امتهانه لهذه المهنة نتيجة تخليه عن مسؤولياته والتزاماته تجاه أبنائه، مشيرا في الوقت ذاته إلى ضرورة أن تتحمل السلطات مسؤولياتها تجاه المواطنين أولا، وأن توفر لهم الحد الأدنى من مقومات المعيشة.

وعن الطبيعة النفسية لممارسي التسول، قال الشاعر: "هي شخصية تتمتع بالمراوغة والكذب، تتبع أساليب وحيل مختلفة للحصول على المال، بل إنه خبير نفسي يعرف كيف يؤثر على الناس لاستعطاف جيوبهم".

وأشار في الوقت ذاته إلى الآثار السلبية الخطيرة للتسول، خاصة على فئة الأطفال الذين يكبرون بنفسية كارهة للمجتمع، دون أن غاية أو وجهة مستقبلية لهم، مؤكدا أن على السلطات أن تقف موقفا حازما تجاه التسول والمتسولين كونه يسيء بشكلٍ كبير للمجتمع الفلسطيني المحافظ والمقاوم.

في ضوء ما عُرض خلال التحقيق، يمكن القول إن إنهاء مظاهر التسول التي تُعتبر مسيئة لثقافة المجتمع الفلسطيني وخصوصيته، يتطلب تضافرا للجهود من أكثر من جهة، ويحتاج تعاونا من مؤسساتٍ عدة، من شأنه أن يقطع الحُجة ويمنع كل مبررات وجود متسولين في الشارع، أثبتت الوقائع كذب مزاعم حاجة الكثير منهم.

اخبار ذات صلة
مكتوب: متسولون أغنياء
2018-11-01T07:52:33+02:00