حذر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق الدكتور عبد الله الأشعل، من خطورة وجود مخطط إقليمي دولي، يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتطويع المقاومة، على ضوء التحركات الأخيرة في القاهرة والرامية لإعادة إحياء عملية التسوية وتعديل المبادرة العربية للسلام.
وقال الأشعل لـ "الرسالة"، من القاهرة، إن التعاون الإسرائيلي مع الجهود المصرية التي جاءت بشكل مفاجئ، أمر يثير الشكوك، موضحًا أن الهدف من وراء التحركات الفرنسية والعربية الأخيرة هي ترتيب الأوضاع في القضية الفلسطينية بشكل نهائي وضمن برنامج زمني يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية.
واستغرب أن تتبنى إسرائيل وتؤيد المبادرة المصرية رغم رفضها للمبادرة الفرنسية من قبل، محذراً من أن المخطط يهدف لمقايضة أراضي من سيناء مقابل أن تؤخذ مصر أراضي بمنطقة رأس النقب، وفقًا لما نشرته وسربته وسائل اعلام عبرية ولم تنفها المصادر الرسمية المصرية.
وأضاف الأشعل أن المخطط بحسب ما نشر يتبنى منطق تبادل الأراضي المصرية ونقل سكان من الضفة إليها، عدا عن الحاق مناطق (أ) بالضفة إلى الأردن، وصولاً لإنهاء القضية الفلسطينية.
وأكدّ أن هذه الأنباء بحاجة لرد رسمي من مصر والأردن، خاصة وأن هذا المخطط يتنافى مع رغبة الشعب الفلسطيني، موضحاً أن الهدف من اختيار دحلان عربيًا، مواجهة حركة حماس وتقزيمها، وصولا لتطويعها وسحبها نحو خيار المفاوضات.
وأكدّ أن مبدأ مقايضة الأراضي المصرية مرفوض، خاصة وأن رأس النقب التي تطرح "إسرائيل" تبادلها هي أرض مصرية، مبيناً أن المخطط يشمل ضم مستوطنات الضفة والقدس إلى الأراضي المحتلة، وبدء مرحلة جديدة من المفاوضات تنسف حق العودة وتؤدي إلى تفريغ الأراضي المحتلة من سكانها.
وأضاف أن العالم العربي يعيش شهر عسل مع "إسرائيل"، ولديه رغبة في فعل أي شيء ينهي القضية الفلسطينية. وبشأن مصير قطاع غزة، فأكدّ أن المركز الأمني الاستخباري الإسرائيلي أوصى بـتطويع حركة حماس ومحاربتها من خلال الاستعانة بمصر، " ولا نعرف إن كانت مصر ستشارك أم لا ؟!"، وفق قوله.
المصالحة ودحلان
وبشأن المبادرة المصرية في ملف المصالحة، فقد أعرب عن تشكيكه في توقيت وزمان عملية طرحها، وتساءل "لماذا تطرح القضية في هذه المرحلة تحديدًا بعد هذا الخمول في الدور المصري، ولماذا تزامنت قضية المصالحة مع تعديل مبادرة السلام العربية ومبادرة فرنسا لعملية السلام؟!".
وأضاف إن كان الهدف من المصالحة هو الاعتراف بشرعية المقاومة ودعمها وتعزيز صمودها، فهي لا شك خطوة مقدرة، ولكن يبدو أن هناك محاولة لتطويع حماس وإنهاء فكرة المقاومة.
وأكدّ أن توقيت طرح المبادرات الثلاثة وترحيب "إسرائيل" ببعضها، يثير الشبهة تجاه ما يتم عرضه، متابعا " أتمنى أن لا تساهم مصر في إنهاء القضية الفلسطينية ولدينا أمل كبير بأنها ستحافظ عليها وستحميها كما كان دورها التاريخي".
ورأى أن الهدف من وراء طرح مبادرة باريس الأخيرة انشاء دولة فلسطينية منزوعة السيادة، ولا عاصمة لها، ولا سكان فيها.
وكان وزراء الخارجية العرب قد اجتمعوا في القاهرة، لبحث مبادرة فرنسا لعملية التسوية، فيما أعلنت مصر ترحيبها بإعادة رعاية المصالحة مجددًا.
وأكدّ الأشعل أن العلاقة المصرية الإسرائيلية تثير شكوكا عميقة حول الدور المصري تجاه القضايا المطروحة على صعيد عملية التسوية وحتى على صعيد مبادرة المصالحة. وأشار إلى أن حركة حماس ليست في وارد قبول أي مبادرة لا تتسق ورؤية حفاظها على المقاومة، مبيناً أن المؤامرة التي تصاغ إقليميا هدفها تدمير المشروع وانهاءه.
وفيما يتعلق بالدور المصري تجاه تنصيب دحلان خليفة لعباس، فقال: "إن دحلان كان يعد منذ زمن حسني مبارك ليتولى قطاع غزة، في حال انفصلت "إسرائيل" عنه، لاسيما أن لديها موقف ثابت وتاريخي في دعمه ضد حماس".
وأشار إلى أن البحث عن خليفة عباس ووضع محمد دحلان محله، يأتي ضمن ترتيبات المرحلة، رغم خشية عباس ورغبته في الاستمرار. وبيّن أن قوة دحلان الحالية تكمن فقط في قربه من الامارات التي تعد ممولا للعملية برمتها.
وأضاف أن دحلان هو الخيار الأمثل للنظام العربي في مواجهة حماس، ويريدون تقويته لصالح مشروع المواجهة معها مجددا. وبيّن أن عباس لا يرغب بترك المنصب، ويخشى على وجوده، ولكن يبدو أن ثمة ضغوط كبيرة تبذل عليها، ليس بمقدوره مواجهتها.
ورغم ذلك، فقد جدد الأشعل ثقته بأن الشعب المصري لا يمكن أن يسجل على نفسه أي خطوة تجاه تصفية القضية الفلسطينية، وهو كفيل بأن يمنع أي مبادرة ضد الفلسطينيين.
وفيما يخص بوضع حركة حماس، قال الأشعل" إن حصول الحركة على الدعم من أي جهة كانت، لا يعني أنها ستفقد بوصلتها في المنطقة التي تمزقها آفة المحاور"، مبيناً أن الحركة بحاجة إلى التمسك بمواقفها دون أن تستنزف طاقاتها المحدودة.
وجدد تأكيده ضرورة أن تبقي حماس أملها في العلاقة مع مصر، وألا تفقد ذلك رغم كل شيء، مشددًا على ضرورة توضيح مواقفها بشكل دائم للرأي العام المصري بشأن أي اتهام ينسب لها. وعزا ذلك بالقول "الاسرائيلي في مرحلة رهان بتشويه الرأي العام، وتوضيح الصورة بشكل دائم يعتبر الصد الأقوى ضد أي اختراق".