مقال: لا تتوقعوا جديدا في ملف المصالحة

مصطفى الصواف

الحديث يدور عن لقاء ثالث في العاصمة القطرية الدوحة بين وفدي فتح وحماس حول المصالحة الفلسطينية الفلسطينية من اجل إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني وتحقيق وحدة الصف والتي غابت عن الساحة الفلسطينية منذ سنوات طوال، اللقاء يعود الى الدوحة مجددا رغم الحديث عن مبادرة مصرية للمصالحة مشروطة من الجانب المصري بأن تكون هذه المصلحة مقدمة للدخول في عملية ما يسمى السلام مع (إسرائيل)، ويسبقها مصالحة فتحاوية فتحاوية بين محمود عباس ومحمد دحلان.

محمود عباس يبدو أنه رفض فكرة المصالحة مع محمد دحلان رغم الضغوط المصرية والاماراتية والاردنية، لأنه من حيث المبدأ يرفض محمد دحلان، ثم أنه أدرك أن هناك محاولة من هذه الدول من أجل تنحيته وجلب دحلان مكانه سواء بشكل مباشر أو عبر عدة خطوات تسبق تصدر دحلان من وجهة نظر الثلاثي سابق الذكر للمشهد الفلسطيني.

أما المصالحة مع حماس فيرى فيها محمود عباس أهون الشرين؛ ولكن لم يحن وقتها، وهو يماطل ويسوف ويؤجل ويشترط شروط مرفوضة ليس من حماس فقط بل من عدد من القوى والفصائل الفلسطينية، وعلى رأس هذه الشروط أن يكون البرنامج السياسي لحكومة الوحدة فيما لو جرى اتفاق المصالحة هو برنامج منظمة التحرير الفلسطينية القائم على الاعتراف بـ (إسرائيل).

وبناء على ما تقدم بدأ إرسال الرسائل إلى قطر وحماس بأن وفد من فتح يعد العدة من أجل استكمال جولات الحوار في الدوحة حول تطبيق اتفاق المصالحة بعد أن تبينت مساعي الجانب المصري والهدف من حديث السيسي عن المصالحة الفلسطينية ورفض محمود عباس شروط السيسي وثلاثي النكد العربي (مصر، الامارات-أولاد زايد- والاردن)، بعد (الهليلة) التي صنعتها فتح بعد حديث السيسي وسرعة الاستجابة لها وضرب لقاءات الدوحة بعرض الحائط على أمل أن ترفض حماس وتتشنج قطر وترفض الهرولة الى القاهرة رغم جولات الحوار التي جرت برعاية قطرية ودون أي شروط  كالشروط المصرية ووقفت قطر من الطرفين على مسافة واحدة دون أن يكون لها أي موقف أو مصلحة إلا إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني.

لا حماس رفضت الطرح المصري حول فكرة عقد جلسات المصالحة في القاهرة فقط من أجل تطبيق اتفاق المصالحة وليس أحد شروط المفاوضات مع (إسرائيل) التي ترفضها حماس من حيث المبدأ وترفض الطرح المصري حول تطبيع العلاقات العربية وتوسيعها مع (إسرائيل) وفق رؤية السيسي التي هرولت بعض الدول نحوها من خلال الموافقة على تعديل المبادرة العربية التي أعلن عباس رفضه أي تعديل عليها.

وقطر الدولة التي استضافت جلستي الحوار لم تغضب لمجرد طرح السيسي وهرولة فتح وقبول حماس بعقد جلسات الحوار في القاهرة؛ لأن قطر لا مصلحة لها إلا إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الفلسطينية كان ذلك في الدوحة أو في أي عاصمة عربية أو إسلامية القاهرة كانت أو انقرة على سبيل المثال.

عباس لايزال يراهن على الوقت ويعمل على استهلاك مزيد منه على أمل أن يحقق مؤتمر باريس بعض ما يحلم به رغم كل المؤشرات التي تقول أن مؤتمر باريس وهم كبير، وتخلي هذا المؤتمر عن جدولة أي مباحثات للسلام بين الفلسطينيين و(إسرائيل) في أول جلساته وبياناته يؤكد على الفشل وتبني وجهة النظر (الإسرائيلية) بعد أن تبنى البيان الصادر عن المؤتمر الموقف (الإسرائيلي).

وعليه عباس غير جاد في انهاء الانقسام وإن ذهب وفد حركة فتح إلى الدوحة من أجل استكمال جلسات الحوار، لأن غياب الإرادة السياسية لدى محمود عباس هو سيد الموقف، وأن المماطلة والتسويف منهج عباس المعتمد في حوارات المصالحة إضافة إلى استراط شروط مرفوضة ومحاولة جر الجميع الى اوسلو أي إلى مبدأ الاعتراف بـ (إسرائيل)، فلا تتوقعوا الكثير من عودة جلسات حوار المصالحة في الدوحة من جديد.

البث المباشر