السبب المباشر الذي دفع الاحتلال لتغيير مسمى جنوده من أموات لمفقودين هو ضغوط أهالي الجنود وخاصة هدار غولدن وشاؤول ارون على الحكومة الاسرائيلية، فلم تكن الرواية الاسرائيلية الرسمية مقنعة لهم، فمن اللحظة الأولى ولديهم شكوك تتعاظم يوما بعد يوم أن هدار أسر حيا، وتعززت قناعة أن القسام لديه ما يقوله بغض النظر عن كذب نتنياهو وحكومته، فمارس الأهالي ضغوطا أدت لتسريع تغيير التصنيف.
أما السبب غير المباشر فهو مرور ملف المفقودين بمرحلة جديدة فبعد عامين يئس الاحتلال من انطلاء عملية الإنكار والتجاهل على المقاومة، وأدرك نتنياهو فشل جدوى التجاهل وإهمال الحديث والتطرق لملف المفقودين الصهاينة، بل ان سلوكه قد يجلب نتائج عكسية ويضرب الثقة في الحكومة واحترام الجيش لأفراده، فكان لزاما ان تبدأ مراحل جديدة تفتح الباب لتحريك هذا الملف من جديد.
لا شك أن الاحتلال الإسرائيلي سيضطر في النهاية للتفاوض والحديث الجدي عن الجنود المفقودين، وقد يدفع ثمنا مباشرا لمعرفة معلومات جديدة، إلا أن مثل هذه القضايا تحتاج لوقت طويل، ومن المبكر البدء بجني ثمار هذا الملف في الوقت القريب نسبيا، إلا أن ما تمتلكه كتائب القسام وطريقة إدارتها للملف وقدرتها على الاحتفاظ بما لديها دون قلق، وصعوبة تسريب أي معلومة يعظم من الثمن الذي سيدفعه الاحتلال الإسرائيلي.
وتمنحنا تجربة شاليط التي استمرت خمس سنوات مؤشرا واضحا على تعقيد الملف وعلى مهنية وحرفية كتائب القسام في الوصول لأهدافها بتؤدة وصبر من غير استعجال أو تنازل، لهذا جاء اعلان الاحتلال الجديد في سياقه الطبيعي، في ظل احتفاظ كتائب القسام بمفاتيح الصناديق المغلقة الخاصة بالمفقودين الإسرائيليين، لا شك أن الاعلان الإسرائيلي يخدم في تحريك الملف وهو خطوة تجاه البدء بالمفاوضات، والجميع يدرك أن حكومة نتنياهو وليبرمان تدرك جيدا وأكثر من أي أحد آخر ان كلاما كثيرا يقال في موضوع هدار وشاؤول، فهذه قضية تحتاج وقت طويل ونفس ممتد، وكتائب القسام ليست في عجلة من أمرها إلا ان النتائج مضمونة لصالح خروج أسرانا وتنسمهم للحرية، وكما صدقت معنا ومع الاسرى، في صفقة وفاء الأحرار وسر شاليط فهي اكثر مهنية وحرفية وثقة في اسر الاربعة وما خفي اعظم.