العملية التي نفذها مجاهدان في "تل أبيب"، والتي أدت إلى مقتل خمسة صهاينة وجرح تسعة آخرين، أحدثت دويا سياسيا في الكيان الصهيوني والمنطقة ككل.
فرئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، الذي وقف قبل أسابيع في الجولان، ليطالب بحصته من "كعكعة" تقسيم سورية، يتحسس رأسه في "تل أبيب"، ووزير حربه أفيغدور ليبرمان، الذي كان يهدد باغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية، عليه أن يُفكر بعد العملية الأخيرة كيف يحصّن مبنى وزارته الذي اقترب الرصاص منه.
فور وقوع العملية عقد المجلس الوزاريّ المصغّر للشؤون الأمنيّة (الكابينيت)، جلسة خاصّة في مقرّ قيادة الجيش الصهيوني، وقرر إغلاق مدينة "يطا" بالكامل.
وعلى إثر ذلك أمر منسّق سلطات الاحتلال في الضّفّة الغربيّة المحتلّة، بتجميد 83 ألف تصريح للفلسطينيّين، كان من المفترض أن تمنح لهم خلال شهر رمضان الجاري، في عقاب جماعيّ اعتادت عليه السّلطات الصهيونية.
وجمّدت سلطات الاحتلال 204 من التّصاريح التي كانت قد استصدرت لأقارب منفّذي العملية، موسى مخامرة وخالد محمد موسى مخامرة، كما منعت زيارات الغزيّين إلى الأقصى المبارك.
رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو حاول تهدئة الشارع الصهيوني بالقول إن "إسرائيل ستتخذ سلسلة من الإجراءات الهجومية والدفاعية لمحاربة ظاهرة الاعتداءات بإطلاق النار"، مضيفا إن "إسرائيل تعيش فترة غير سهلة".
أما وزير حربه أفيغدور ليبرمان، والذي كان يتهكم من ضعف أسلافه، فقال إن "إسرائيل سترد بمنتهى الصرامة، ولن تذعن للأمر الواقع"، كما قرر عدم تسليم جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين يهاجمون "إسرائيليين" إلى عائلاتهم. وأعلنت سلطة المياه الفلسطينية أن شركة "ميكروت الإسرائيلية" قطعت بدون سابق إنذار المياه، عن معظم مناطق شمال الضفة الغربية المحتلة.
"ما باليد حيلة"
الصحافة الإسرائيلية، وكبار الكتاب والمراسلين، كانوا أكثر واقعية؛ فأثناء انعقاد المجلس الوزاري المصغر صرح مراسل القناة العاشرة أوري هيلر بالقول "إن القيادة الأمنية والعسكرية الصهيونية مجتمعة، وأغلب التقديرات أنه ما باليد حيلة!".
من جانبه أشار المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هرئيل، إلى أن التقديرات لدى الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) هي أنه "تتشكل في الضفة خلايا أخرى، ستنفذ عمليات مشابهة لتلك التي وقعت في سارونا".
الخبير العسكري في صحيفة "إسرائيل اليوم" يوآف ليمور قلل من أهمية ردود الفعل الإسرائيلية الرسمية، وأشار إلى أنه "ما ستقوم به "إسرائيل" في الأيام القادمة هو نسخة مكررة عما قامت به سابقاً من أجل محاولة وقف العمليات الفلسطينية القادمة".
من جهته، قال الكاتب في موقع "نيوز ون" ناحوم برنياع إن "إسرائيل" لا تملك سبيلا واضحا للقضاء على الهجمات الفلسطينية، وإن تل أبيب باتت تعاني من ذات الواقع الصعب الذي تعانيه مدينة "سديروت" على حدود غزة بفعل تواصل إطلاق الصواريخ الفلسطينية.
أما الخبير العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت رون بن يشاي فقال إن شهر رمضان يلهب مشاعر المسلمين، وإن عملية تل أبيب الأخيرة قد تتكرر في الأسابيع القريبة، وتبقى الأسئلة الصعبة: كيف نجح المنفذان في دخول "إسرائيل"، ومن ساعدهما؟!
وأضاف أن العملية تتسم بالتخطيط والمهنية الواضحة أكثر من سابقاتها رغم أن المنفذيْن قاما بها من دون توجيه من أحد، وهما لا يتبعان لتنظيم معين، ولم يعلن أي تنظيم مسؤوليته عنها.
وأوضح بن يشاي أن المكان الذي وقعت فيه العملية ربما كان يعلمه المنفذان مسبقاً، وكان لوجود مقر "وزارة الدفاع" الإسرائيلية بالقرب منه مغزى من قِبَلهما، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية تلقت بلاغا عن اختفائهما من بيتيهما قبل أيام، وكانت لديها مخاوف من أنهما يريدان تنفيذ عملية مسلحة.
وختم بأن "التوصية المهمة من عملية تل أبيب أن قوات الأمن الإسرائيلية يجب أن تبقى في كامل جاهزيتها واستعدادها خلال شهر رمضان، لأن ما حصل في تل أبيب قابل للتكرار قريبا".