تحاول سلطات الاحتلال "الاسرائيلي" شرعنة إجراءاتها المتعلقة بتسليم جثامين الشهداء إلى عائلاتهم، وذلك بعد ردها على المحكمة العليا قبل عدة أيام بأنها ستسمح بتسليم جثامين الشهداء المحتجزة وفق شروط جديدة.
وذكر المحامي محمد عليان أن هذه الشروط تتمثل في دراسة كل حالة على حدة، ودفنهم بمقابر تحددها شرطة الاحتلال دون سقف زمني للتطبيق وبموافقة المستوى السياسي، وهو ما وصفه بالرد "الغامض والمضلل".
فمن الواضح أن شرطة الاحتلال تسعى لتسييس قضية جثامين الشهداء، واعطاء نفسها غطاءً قانونياً بقرار من المحكمة العليا، للتصرف حسبما تريد.
رائد الأطرش المتحدث باسم لجنة أهالي شهداء الخليل، قال إن قرار شرطة الاحتلال يخيّم عليه الغموض، لكن من الواضح أنها تسعى لاتخاذ قرارٍ يسمح لها بدفن هؤلاء الشهداء في مقابر الأرقام.
ورأى الأطرش في حديث لـ "الرسالة"، أن الاحتلال يحاول ابتزاز أهالي الشهداء من خلال استمرار احتجاز جثامين أبنائهم، ووضع شروط تقلل من قيمة الشهداء، موضحاً أن الاحتلال يلجأ للمحكمة العليا، لمنحه حرية التصرف كيف ما شاء، من أجل تسويق نفسه أمام العالم بأنه يتعامل مع الفلسطينيين وفق القانون.
بدوره، اعتبر مأمون أبو عامر المختص في الشأن الاسرائيلي، أن هذا القرار يأتي في إطار "المزايدة السياسية"، مضيفاً " أن قادة الاحتلال السياسيين يحاولون توظيف هذه القضية وفق أجندات خاصة بهم أكثر تطرفاً".
وذكر أبو عامر لـ "الرسالة" أن قرار المحكمة يعتبر فوق كل القرارات، لذلك فهي أعطت الضوء الأخضر لقيادة الاحتلال السياسية لاتخاذ قرارها في هذا الشأن. وأوضح أن قرار المحكمة يعزز الرأي الموجود حالياً وهو توظيف قضية جثامين الشهداء كقضية سياسية، مشيراً إلى أنها أعطت السياسيين الغطاء القانوني للتصرف كيف ما يشاؤوا.
توصيل رسائل
وبالعودة إلى الأطرش، فإنه يعتقد أن القرار له علاقة بتولي افيغدور ليبرمان منصبه الجديد وزيراً للحرب، من خلال إيصال رسائل تهديد للشبان الفلسطينيين عقب عملية (تل أبيب) الأخيرة.
يشار إلى أن ليبرمان كان من أشد المعارضين لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، حينما قرر إعادة تسليم جميع جثامين الشهداء المحتجزة قبيل شهر رمضان.
وتثير مسألة تسليم جثامين الشهداء انقساماً داخل الساحة الاسرائيلية منذ أشهر، حيث كان ليبرمان يدفع نحو قرار عدم تسليم الجثامين، بزعم أن مراسم التشييع تتحول بشكل منهجي إلى تمجيد أعمال "العنف"، وفق تعبيره، لذلك فإنه يسعى جاهداً لمنع تسليمهم بعد تسلمه منصبه الجديد.
لكن الأطرش وصف ليبرمان بأنه "ذيل" لنتنياهو، ولا يملك زمام الأمور بشكل كامل. في حين أن أبو عامر، توّقع أن يكون لليبرمان دور فاعل في اتخاذ قرار "ظالم" من شأنه منع تسليم جثامين الشهداء.
ولا تزال تحتجز سلطات الاحتلال "الاسرائيلي" جثامين بعض الشهداء ممن نفذوا عمليات فدائية خلال انتفاضة القدس الجارية.