أحد أخطر وأجدى أنواع التجسس هو التجسس الإلكتروني، ذاك التجسس الذي طغى بإمكانياته الهائلة ودقة نتائجه على أساليب التجسس المعهودة في السابق.
دولة الاحتلال الإسرائيلي، واحدة من أهم الدول التي أدركت أهمية هذا النوع من التجسس، لن تخصص إمكانيتها المتميزة في هذا النطاق بالتجسس إلكترونيًّا على الفلسطينيين فقط، بل تجسست إلكترونيًّا على دول عربية وحتى على الحلفاء كالأمريكيين والغرب، وبذلك امتد ذراع التجسس الإلكتروني الإسرائيلي إلى أقصى حد ممكن يخدم مصلحة الاحتلال الإسرائيلي.
ونشر موقع “ساسة بوست” تقريراً أوضح فيه أهم وسائل التجسس الالكتروني لدى كيان الاحتلال. جاء فيه:
ماذا تعرف عن ذراع التجسس الإلكتروني “سرب نخشون”؟
كشفت دولة الاحتلال الإسرائيلي عن وحدة “سرب نخشون”، وقالت بأنه ذراعها للتجسس الإلكتروني، يغطي العالم العربي، ويستخدم السرب طائرات “غولفستريم” الأمريكية، التي تحمل في داخلها منظومات تجسس، ومراقبة، وقيادة، وسيطرة، وهي طائرات في قمة التطور والتقدم.
ويشكل السرب الجوي وحدة قيادة ومراقبة محمولة، حيث تمتلك دولة الاحتلال سربين من هذا الطراز، الأول ينتشر شمال دولة الاحتلال، والثاني يتخذ من المنطقة الجنوبية قاعدة له.
وتستهدف وحدة “سرب نخشون” مصر على وجه الخصوص، حيث تولي دولة الاحتلال التجسس على مصر أهمية كبيرة، فقد أكدت وسائل إعلام إسرائيلية أن الوحدة (٩٩٠٠) مسؤولة أيضًا عن مراقبة تحركات الجيش المصري في سيناء، وتقوم بإمداد قيادة جيش الاحتلال بأية تطورات في شبه جزيرة سيناء، وكان قائد “السرب الجوي الاستخباري الإسرائيلي قد كشف عن ارتفاع عدد المهام التي نفذها السرب مؤخرًا.
هل أدت الأقمار الصناعية الإسرائيلية دورًا في التجسس الإلكتروني؟
خلال الثلاث سنوات الماضية، اعتمد جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير على الأقمار الصناعية للتجسس على الدول العربية، فقد ارتفعت نسبة الاعتماد تلك من ١٥٠% إلى ٢٠٠ %، بهدف مراقبة ما يجري في المنطقة العربية، ويؤكد ضابط إسرائيلي من شعبة التنصت التابعة للمخابرات الحربية في دولة الاحتلال: “أن الاعتماد على الأقمار الصناعية في الحصول على المعلومات وعمليات الرصد, لن يتوقف بل سيزداد خلال السنوات القادمة, نظرًا لما تتعرض له المنطقة من أحداث”.
وتكشف صحيفة “إسرائيل اليوم” أنّ دولة الاحتلال تُسيطر على فضاء جميع الدول العربية بواسطة ٦ أقمار صناعية مهمتها تصوير كل صغيرة وكبيرة تحدث في الدول العربية وغير العربية، وتعرف الوحدة المسؤولة عن إدارة الأقمار الصناعية ذات أغراض التجسس في جيش الاحتلال، بمجموعة أقمار (عاموس)، حيث يقوم كل واحد من الأقمار الستة بتغطية الكرة الأرضية بأكملها كل ٩٠ دقيقة.
يذكر أن دولة الاحتلال بدأت تعتمد على الأقمار الصناعية عام ١٩٥٩، بالتوازي مع بداية البرنامج النووي لها، حيث دخلت إلى الفضاء عن طريق أقمار الاتصالات وعقب ذلك بسنوات قليلة أطلقت أول قمر للتجسس، ثم تطور الأمر مع تطوير “اللجنة القومية لأبحاث الفضاء” وإنشاء معهد بحوث الفضاء بجامعة تل أبيب.
ماذا تعرف عن الوحدة «٨٢٠٠»؟
الوحدة «٨٢٠٠» هي أكبر وحدات التجسس الإلكتروني في جيش الاحتلال الإسرائيلي، خصصت لجمع المعلومات وفك الشيفرات عبر وسائل الاتصال، هذه الوحدة التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية من أكثر الوحدات تطورًا من الناحية التقنية والتكنولوجية، فهي تعتمد في المجال الاستخباري على الرصد، والتصنت، والتصوير، والتشويش. ويتطلب هذا النوع من المهام مجالًا واسعًا من وسائل التقنية المتقدمة.
وتستخدم الوحدة «٨٢٠٠» طائرات بدون طيار تزود القيادات الأمنية والاستخبارية في دولة الاحتلال الإسرائيلي بالمعلومات خاصة المتعلقة بعمليات الاغتيال ضد الفلسطينيين، فهي مزودة بصواريخ تقوم بإطلاقها على الأشخاص الذين يراد اغتيالهم.
ويذكر تقرير ورد في مجلة (فورين ريبورت)، أنّ الوحدة زرعت أجهزة تنصت وكاميرات وألغامًا في مناطق حساسة ومختلفة من القطاع، وذلك لأن الاحتلال يعمل من أجل السيطرة على جميع خطوط الهاتف وأنظمة الاتصال في القطاع بشكل يمكن قوات الاحتلال من رصد أيّ تحرك في غزة.
وبعد ثورات الربيع العربي، طرأ تغير على عمل الوحدة، يقول المعلق العسكري الإسرائيلي «يوآف ليمور» إن: “الوحدة باتت تركز معظم اهتمامها وعملها على متابعة مواقع التواصل الاجتماعي التي يرتادها الشباب العربي، وبصفة خاصة فيسبوك وتويتر، وذلك لرصد التحولات السياسة والاجتماعية والنفسية التي طرأت على الشباب العربي مع هذه الثورات، وإعداد تصورات حول كيفية التعامل مع الشباب العربي في المراحل المقبلة، حتى لا تتعرض إسرائيل للمفاجأة كما حدث مع تفجر الثورات العربية”.
هل كُثف التجسس الإلكتروني الإسرائيلي على الأنشطة العسكرية العربية بعد توقيع الاتفاق النووي؟
رقابة شبه يومية تقوم بها الأقمار الصناعية الإسرائيلية للمناطق العسكرية في الدول العربية، ترسل هذه الأقمار التقارير الآنية لقيادة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال، حيث خصصت ثلاثة أقمار صناعية لمراقبة كل صغيرة وكبيرة في النطاق العسكري العربي.
بل تكشف مصادر إعلامية أن الهدف من إنشاء الوحدة السرية (٩٩٠٠)، – وهي وحدة تابعة لشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)- هو توجيه الأقمار الصناعية لالتقاط صور لمنشآت عسكرية لأيّ دولة في منطقة الشرق الأوسط، وتؤكد المصادر: “أن تلك الوحدة تُقدّم بشكل يوميّ أحدث الصور للمناطق العسكرية للجيوش العربية والتدريبات التي تجريها، وكل ما يدخل ويخرج إلى تلك الوحدات من الجيوش العربيّة، إلى مكتب وزير الأمن وكذلك رئيس هيئة الأركان، بالإضافة إلى رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)”.
أما التقرير الذي نشرته صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” فيكشف أن: “أجهزة المخابرات الإسرائيلية بمختلف مهامها أخذت تكثف من مراقبتها للأنشطة العسكرية للدول العربية خاصة السعودية، فهناك متابعة مستمرة لأنشطة المملكة العسكرية وصفقاتها التسليحية، حتى لا تفاجأ تل أبيب بأي مفاجأة فيما يتعلق بالقدرات العسكرية السعودية“.
وتشير الصحيفة إلى أن الاتفاق النووي الإيراني الموقع مؤخرًا والذي أشعل سباق تسلح في المنطقة، عزز جهد المخابرات الإسرائيلية في عمليات التجسس على البرنامج النووي المصري للوقوف على أي تطور أو تقدم تحرزه مصر وتقييم خطر هذا التطور على أمن الاحتلال، وسيطبق نفس الأمر أيضًا على السعودية التي ستخضع أيضًا لنفس القيود، حسب تقرير الصحيفة.
ماذا عن أجهزة الرصد والتنصت على أجهزة الاتصال السلكية؟
من أشكال التجسس الإلكتروني لدى دولة الاحتلال الإسرائيلي، الرصد والتنصت على أجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية، وتعد واحدة من أشهر تلك القضايا ما كشف حول قيام شركة موبينيل المصرية بإنشاء محطات تقوية بالقرب من حدود مصر مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ساهمت هذه المحطات بقوة في إيصال ترددات الاتصالات المصرية والتقاطها، فحسب تقرير النيابة المصرية فإن توجيه معظم الهوائيات الخاصة بشركة موبينيل في منطقة العوجة في جهة الجانب الإسرائيلي مكن من اختراق الشبكة المصرية وتمرير المكالمات الدولية، كما أنه سهل عمل شبكة التجسس في متابعة الاتصالات الدولية والتجسس على شبكات المحمول المصرية واختراق الأمن القومي.
وذكر تقرير نشرته جريدة الدستور المصرية “أن بعض محطات التقوية للشبكة موجهة بزاوية ٧٥ درجة داخل الحدود المصرية باتجاه منطقة صحراوية خالية من السكان وأن تلك الجهة تجعل إشارة الاتصالات المصرية تدخل إسرائيل بنسبة محدودة بنسبة ١٠ كليومترات داخل إسرائيل”.
هل صدرت دولة الاحتلال برامج تجسس إلكترونية إلى الدول العربية؟
تدرك دولة الاحتلال الإسرائيلي مدى أهمية التقنية في تعقب شبكات الهاتف ومزودي الانترنت، لذا تعمل شركات التجسس الإسرائيلية على تطوير إمكانياتها في مجال تقنية التجسس، وهي لا تكف عن عقد الصفقات التكنولوجية مع الدول الكبرى.
ويؤكد تقرير نشره الملحق الاقتصادي لصحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية أن تعاونًا وثيقًا يجري بين شركتي البرمجة الإسرائيلية (فارينت يسرائيل) و(نايس) وشركة البرمجة الإيطالية العملاقة (هاكينغ تييم) بهدف التعاون في تصدير برامج تجسس خبيثة، ويؤكد التقرير أن “شركات برمجة إسرائيلية قامت ببيع برامج تجسس خبيثة للكثير من مخابرات العالم ومن بينها مخابرات دول عربية بهدف التجسس على حواسيب وهواتف شعوبها”.
ويذكر التقرير أن صادرات هذه الشركات وبالتعاون مع الشركة الإيطالية هي: “برامج مثل برنامج (دي فينشي) وهو برنامج حصان طروادة يمكن مستخدميه من السيطرة عن بعد على مئات الآلاف من الحواسيب والهواتف وتشغيل الميكروفون والكاميرا فيها والسيطرة على كل حركة فيها بما في ذلك موقع الجهاز والمحادثات الصادرة والواردة”، كما أنه بإمكان هكذا برامج تجاوز أنظمة التشفير وجمع المعلومات من أي جهاز ومواصلة متابعة أهدافهم حتى لو كانت خارج نطاق عمل هذه الشركات.