في زاوية من زوايا المسجد يجلس الطفل محمد الحلو (13 عاماً)، مُمسكاً كتاب الله بين يديه ليحفظ ما تيسر له من القرآن، وينافس أقرانه من المشتركين معه في حلقة التحفيظ التي جمعتهم منذ بدء الإجازة المدرسية.
ويقول الطفل الحلو لـ "الرسالة": "أرسلني والدي للمسجد عندما بدأت الإجازة الصيفية من أجل حفظ القرآن الكريم، وفي كل يوم أذهب بعد صلاة العصر وأمكث في المسجد أحفظ ما أستطيع حفظه، وأتلوه أمام المُحفّظ".
وتنتشر في مساجد قطاع غزة بشكل بارز حلقات تحفيظ القرآن، والتي يشارك فيها الآلاف من الأطفال والشباب مُقبلين على حفظ كتاب الله في محاولة منهم لاستغلال هذه الإجازة الاستغلال الأمثل، وأصبح التنافس بين المساجد في تخريج حفظة كتاب الله ميزةً يشتهر بها القطاع المُحاصر.
التحفيظ ودروس الدين
حلقات القرآن والتي باتت تُسمى بأسماء الصحابة والتابعين، لا تهدف فقط إلى حفظ كتاب الله وإن كان هذا هو الهدف الأسمى والأبرز، بل تسعى لنشر الثقافة الإسلامية، ودروس الفقه والعقيدة، وتنشئة الجيل على موائد الإسلام.
ويقول المُحفظ يوسف حمادة: "حلقات تحفيظ القرآن عليها إقبال رائع من الأطفال والشباب، وخاصة في فترات الإجازة وشهر رمضان المُبارك، ونحاول استغلال هذه الأمور في أن نجمع بين تحفيظ القرآن والدروس الإسلامية التي تهم هذا الجيل في حياتهم".
ويضيف: "وأصبح التنافس ليس بين كل مسجد ومسجد في تخريج حفظة كتاب الله فحسب، بل أصبح بين الحلقة والأخرى داخل المسجد الواحد، وهذا تنافس طيب في الخير".
ويدعو حمادة أولياء الأمور إلى إرسال أبنائهم إلى حلقات التحفيظ المنتشرة في كل مساجد قطاع غزة، ليتعلموا كتاب الله ويتدارسوه، بدلاً من إبقائهم في الشارع الأمر الذي سيؤثر سلباً على سلوكهم وأخلاقهم، وفق قوله.
إقبال رائع
بدوره، أكد مسؤول مراكز تحفيظ القرآن في شمال غزة مريد القانوع وجود إقبال رائع من الشباب والطلاب على مراكز التحفيظ المنتشرة في المساجد، وأن الإقبال ارتفع مع بدء الإجازة الصيفية وشهر رمضان المبارك.
وقال القانوع لـ"الرسالة: "الإقبال رائع، ومستوى حفظ الطلاب وتجاوبهم أيضاً جيد، ولكن هذه الأمور تعود أيضاً إلى كفاءة الطلاب واهتمامه بحفظ كتاب الله وتدارسه".
وأوضح أن الحلقات القرآنية لا تقتصر على مسألة حفظ القرآن فحسب، بل تتعداها لتشمل الأيام المفتوحة والرحلات الترفيهية والمسابقات ودروس العلم والدين والتي تُفيد الطلاب والشباب، وتعمل على تشجيعهم للالتزام بالمساجد وحلقات القرآن.
وأشار إلى أن مستوى حفظ الطلاب للقرآن مستوى جيد، لكنه يختلف من طالب لطالب، وأن هذا الأمر قد يتطلب جهداً إضافياً من المُحفظين، كما أن مواعيد حلقات القرآن تختلف فمنها ما يتم ظهراً أو عصراً أو ليلاً حتى تتناسب مع الجميع حسب وقته.
ويتميز قطاع غزة بكثافة تخريجه لحفظة كتاب الله في كل عام حتى بات يُطلق عليه "قطاع حفظة القرآن"، فقد بلغ عدد حفاظ القرآن الآلاف في داخل القطاع المحاصر، والذين تخرجوا في مخيمات وحلقات تحفيظ القرآن المنتشرة.