حناجر غزيّة ترتل القرآن بصلاة التراويح في مساجد ماليزيا

صورة تجمع الأئمة الغزيين مع رفاقهم السوريين في ماليزيا
صورة تجمع الأئمة الغزيين مع رفاقهم السوريين في ماليزيا

الرسالة نت-عبدالرحمن الخالدي

قطعوا مسافات كبيرة بعد أن تم اختيارهم من بين عدد من القراء، ليمثلوا فلسطين وقطاع غزة بأفضل القراءات وأشذى الأصوات، في إمامة المصلين بدولة ماليزيا خلال شهر رمضان المبارك، بعد أن تمكنوا من مغادرة القطاع بصعوبة بالغة ومحاولات متكررة.

في صلاتي المغرب والعشاء، وركعات التراويح، تمتلئ المساجد بالمصلين يتقدمهم سبعة من الشبان الغزيين بحناجر ذهبية، عُرفوا بحفظهم لكتاب الله وإتقانهم لقراءة آياته بشكلٍ يطرب الآذان ويرقق القلوب، مؤكدين للعالم أن غزة لا يمكن حصارها مهما كان.

أربعة أيام فُتح فيها معبر رفح البري قبيل شهر رمضان، كانت مفاجأة للقراء المرشحين من غزة ليخرجوا منها، لتكون ماليزيا هذه المرة المستضيفة لهم، مع غيرهم من القراء العرب من دول مختلفة.

أحدهم القارئ مؤمن فلاح حوّس (23 عاما)، الذي وصف رحلة الوصول من غزة إلى ماليزيا برحلة "العناء والمشقة"، موضحا في الوقت نفسه أن أجواء الاستقبال الماليزي والاحتفاء الكبير بالمشايخ والقراء أنستهم همّ السفر وتعبه.

ويقول حوّس وهو إمام مسجد بلال بن رباح في غزة لـ "الرسالة": "تمكنا من الوصول إلى ماليزيا في اليوم الثاني من رمضان، وبفضل الله نؤمّ اليوم مئات المصلين في أكبر مساجد ماليزيا وبشتى الولايات".

ويشيد بحفاوة الاستقبال الماليزي الرسمي والشعبي، مضيفًا أن حجم المحبة التي يكنّها الماليزيون للفلسطينيين عامة وأهالي قطاع غزة بشكل خاص "لا يوصف"، معبرا عن إعجابه الشديد بالأجواء الرمضانية هناك وما يُقابل به القراء الغزّيون من ودٍّ واحترام.

وحول كفاءة هؤلاء القراء وتمثيلهم لفلسطين دوليا، قال حوّس إن "من خرج من أئمة معروفون بكفاءتهم وأنهم من أصحاب الأصوات الرائعة والندية، وقد مثلوا فلسطين في دولٍ عدة خلال السنوات الأخيرة، كان آخرها بريطانيا والمملكة العربية السعودية وغيرهم".

ويعدّ حوّس أن التمكن من الوصول إلى ماليزيا وغيرها من الدول بمثابة "فرصة لنصدح باسم فلسطين ونرفعه عاليا في شتى المحافل"، مشيرا إلى أن الحصار الإسرائيلي المفروض منذ عشر سنوات والإغلاق المستمر للمعابر، حرم عشرات الأئمة والقراء الغزيين من المشاركة في العديد من المسابقات السنوية التي تحصل في دول العالم.

صوت فلسطين

الأئمة السبعة الذين رشحهم المركز الفلسطيني للقراء في قطاع غزة، والتابع لجمعية الصحابة لتحفيظ القرآن الكريم والعلوم الشرعية، تستضيفهم إحدى المؤسسات الماليزية في منزل كبير ومُجهّز بكافة الخدمات، وقد خُصص لهم مرافقون لتسهيل مهامهم ويقومون بأعمال الترجمة وغيرها.

وبحسب القارئ محمود نبيل خلة (25 عاما)، فإن الأئمة السبعة لا يألون جهداً في إيصال صوت فلسطين ووصف معاناة غزة وأهلها في كل ما يتوفر لهم من محافل أو لقاءاتٍ أو دروس، حتى أن بعضهم استعان بصور ومقاطع فيديو تحاول اختصار أشكال الوجع الفلسطيني.

ويؤكد خلة أن هدف الشبان الغزيين هو إيصال رسالة وصوت فلسطين إلى كل مسجد ومنزل وولاية في ماليزيا والعالم أجمع، وهم اليوم يمثلون فلسطين ويرفعون اسمها، كما أنهم يقيمون الأمسيات والفعاليات الرمضانية ويؤمّ كلٌ منهم آلاف المصلين في الصلوات، وخاصة ركعات التراويح.

ويذكر القارئ خلة أن الأئمة هم: وليد مصطفى سالم (مسؤول البعثة)، ورائد أبو شعبان، ورامي السوسي، وإسماعيل سكيك، وعمار الرفاتي، ومؤمن حوّاس، مشيرا إلى أنهم جميعاً معروفون بإتقانهم علوم التجويد وأحكام تلاوة القرآن، وبرعوا فيه من خلال العديد من الدورات على أيدي مشايخ كبار في قطاع غزة من المُسندين والمُجازين.

ويبين أن في البرنامج اليومي لكل إمام درسا يتحدث فيه عن القضية الفلسطينية ويشرح مآسي الفلسطينيين ويستعرض صورا مما يعانوه، لافتا إلى حجم التضامن الكبير الذي يبديه الماليزيون مع القضية، واستعدادهم لتقديم المساعدة والعون بأي الأشكال، واصفا إياهم بأنهم "يشعرون بمعاناتنا أكثر من العرب الذين هم بجوارنا ولا يقدمون لنا شيئا".

ويذكر أن أئمة سابقين خرجوا إلى ماليزيا خلال السنوات السابقة، على أساس التبادل الثقافي والشبابي بين الشعبين الماليزي والفلسطيني، بالتعاون بين جمعيات مختصة في قطاع غزة وبين مؤسسات ماليزية معروفة على رأسها مؤسسة الأقصى الشريف، وأمان ماليزيا، ومؤسسة "مابيم".

وتجري عمليات اختيار الأئمة وفق معايير محددة بحيث يكون لديهم إلمام بعلوم القرآن والسنة ومقدرة على الوعظ والإرشاد، كما يخضعون لدورات علمية وثقافية بمساعدة بعض أساتذة الجامعات والمختصين.

ولم تكن ماليزيا الوحيدة التي طلبت أئمة فلسطينيين، فقد سبق أن طلبت جمعيات إسلامية في فرنسا وألمانيا والسويد وغيرها استضافة أئمة، إلا أن دولهم رفضت إصدار تأشيرات لهم لدخول تلك الدول وأُلغيت.

البث المباشر