في الوقت الذي كان يعكف فيه المصلون بالمسجد الأقصى على الراحة من اعتكاف أول ليالي العشر الأواخر من رمضان، اقتحم العشرات من أفراد شرطة الاحتلال والمستوطنين باحاته من باب المغاربة واندلعت مواجهات مع الحراس والمصلين.
اقتحام المسجد الأقصى والمواجهات العنيفة داخل ساحاته، أعاد للذاكرة مشاهد التوتر والاشتباك المباشر والاعتداء على المصلين والمرابطات في المسجد، التي كانت سبباً في اندلاع انتفاضة القدس المستمرة.
وأصيب خلال المواجهات، 7 مصلين منهم 3 بالرصاص المطاطي أحدهم بالرأس، فيما تعاملت طواقم الهلال الأحمر مع 17 مصابا ميدانيا في المسجد.
"أبو بكر" أحد المعتكفين في المسجد الأقصى، قال في حديث لـ "الرسالة": إن أعداد المعتكفين بدأت بالازدياد منذ الليلة الأولى من العشر الأواخر من رمضان، موضحا أن قوات الشرطة الخاصة والمستوطنين استغلوا فترة نوم المصلين بعد شروق الشمس، ودخلوا باحاته بقوة مع أداء طقوس تلمودية.
حراس المسجد الأقصى تصدوا للاقتحام واعتداء الشرطة عليهم، وأيقظوا الشبان والمصلين المعتكفين فيه، لتبدأ المواجهات الأعنف منذ بدء الانتفاضة وفق وصف المعتكف أبو بكر.
وأظهرت المقاطع المصورة من مواجهات المسجد اعتداء قوات الاحتلال بالعشرات على مصلين بشكل فردي، وهاجم نحو عشرة جنود أحد المصلين وهو مدرج بدماء رأسه، حيث انهالوا عليه بالضرب المبرح قبل أن يتدخل مرابطون ومرابطات المسجد للتصدي لهم.
"المصلون اعتبروا الاقتحام والمواجهات تطورا خطيرا"، تابع أبو بكر مضيفاً أن استخدام القوة في الاعتداء على المصلين وضرب قنابل الغاز المسيل للدموع داخل المسجد وإيذاء كبار السن، زاد التوتر فيه.
وأكّد أبو بكر أنه فور اشتداد المواجهات بين المصلين والجنود، هرب قطعان المستوطنين من المسجد واتجهوا داخل البلدة القديمة في القدس، بحماية قوات الجيش. وقال إنه كلما ازدادت أعداد المصلين والمرابطين في المسجد، تقلّ وتيرة الاقتحامات ويخشى المستوطنون دخول باحات الأقصى.
وفور اشتداد المواجهات أغلقت قوات الاحتلال أبواب الأقصى، ومنعت المصلين من الدخول إليه، كما أخرجت بعض المصلين من داخله بالقوة، ومن ثم أعادت فتحها مجددًا خشية استفزاز المصلين.
وهذه المرة الأولى التي تسمح بها شرطة الاحتلال للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى خلال العشر الأواخر من رمضان، حيث كان لا يدخل المستوطنون المسجد في رمضان وتحديدا العشر الأواخر منه.
الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، كان قد حذّر في تصريح سابق لـ "الرسالة" من أن حكومة الاحتلال الإسرائيلية تقف خلف الاقتحامات الكبيرة للمسجد الأقصى، وأنها تسعى لتقليل التواجد الفلسطيني فيه.
ودعا الفلسطينيين لتكثيف تواجدهم في المسجد من كل الأراضي المحتلة؛ لمنع الاعتداء عليه، كما حصل مساء أمس.
من جهته، أكد الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى، أن اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين المتطرفين على المعتكفين داخل الأقصى، "مجزرة يجب وضع حد لها بصورة عاجلة".
وقال صبري، في تصريح لـ "الرسالة"، إنّ الاحتلال يحاول تغيير الأوضاع داخل المدينة المقدسة، وخلق حالة من التوتر والمواجهات مع الفلسطينيين والمرابطين، بهدف خلق وضع جديد يتماشى مع مخططاته في السيطرة على المدينة المقدسة".
أما حركة حماس فاعتبرت على لسان فوزي برهوم الناطق باسمها، أن تجرؤ الاحتلال الخطير على حرمة شعبنا ومقدساته، شجعه عليها استمرار التنسيق الأمني والاستهداف المزدوج لانتفاضة القدس وقمع المقاومة والمدافعين عن المسجد الأقصى.
وقال برهوم إن ما جرى في الأقصى استمرار للعدوان الإسرائيلي والحرب الدينية الصهيونية المتواصلة على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا.
معتكفون من المسجد الأقصى وجهوا نداءات لكل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، خاصة في آخر أيام شهر رمضان، للحيلولة دون تجرؤ المستوطنين على اقتحامه وانتهاك حرمته.