من القطعي لدى حركة حماس أن إطلاق سراح معتقلي صفقة وفاء الأحرار الذين أعادت (إسرائيل) اختطافهم عام 2014 وجددت محاكمة بعضهم، شرط أساسي للدخول في أي صفقة مقبلة مع الكيان الاسرائيلي، وفقًا لما أعلنته قيادات بالحركة في أكثر من مناسبة.
وعلى ضوء مستجد المباحثات التركية - الاسرائيلية وتوصل الطرفان لاتفاق بينهما، تردد سؤال كبير في الشارع الاسرائيلي حول مدى إمكانية عقد صفقة مقبلة مع المقاومة، الامر الذي أجاب عليه نتنياهو سريعًا أن الأمر قد يكون مفيدًا ومساعدًا.
إجابة نتنياهو تزامنت مع قرارات اسرائيلية تقضي بزيادة الضغط على المقاومة وأسراها في سجون الاحتلال، لإجبارها على كشف معلومات عن مصير جنود الاحتلال المفقودين في غزة.
وبقي السؤال برسم الإجابة حول مدى نجاعة الاتفاق التركي-الاسرائيلي في فتح الصندوق الأسود أحد أكثر الملفات المرتبطة بالكيان تعقيدًا وسرية ولا يعرف مصيره سوى المقاومة.
مسؤولون أتراك تابعوا مسيرة المباحثات التي انطلقت بين الجانبين قبل عامين ونصف تقريبًا، كشفوا للرسالة، سعي الاحتلال الدائم لربط قضية الأسرى مع موضوع المباحثات حول قضايا رفع الحصار، الا انها جميعًا لم تنجح لسببين الأول يرتبط بـ"رفض الاحتلال الافراج عن محرري صفقة وفاء الاحرار"، والثاني مرتبط بـ"تدخل أطراف دولية أخرى كانت تتعامل مع الاسرى بملف منفصل".
وبحسب بعض المسؤولين الاتراك، فإن المقاومة فضلت ان تبقى قضية الأسرى منفصلة لطبيعة تعقيداتها الخاصة، مرحبة في الوقت ذاته بأي جهد تركي يحقق مطالبها وفي مقدمتها الافراج عن محرري الصفقة الماضية، والدخول في مباحثات تقضي بإطلاق سراح أسرى من ذوي الاحكام العالية، وتحقيق ما يرفع الحصار عن غزة.
وتضمن الاتفاق التركي مع (إسرائيل) حلًا عمليًا لإنهاء أزمتي الكهرباء والماء بحسب المسؤولين الاتراك، وحتى المعابر، ولكن بقي امر أساسي يتمثل في قضية الميناء، التي فضل الطرفان بحثها في وقت لاحق، ما يعني أن تحقيق هذه الاجزاء قد وفر مساحات من النقاش حول فتح ملف الصندوق الاسود.
وتفيد مصادر لـدى مسؤولين اتراك أن بعض الدول الاوروبية أبدت رغبتها في التعاون بفتح الملف، لكن قوبلت برفض وتعنت اسرائيلي، رغم التقاء عدة وفود مؤخرًا مع قيادة حركة حماس وطرحها قضية الاسرى دون أن تحمل معها اجوبة حول مطالب المقاومة.
وبحسب مصادر لـ"الرسالة نت"، فإن الملف لا يزال مغلقًا في الفترة الراهنة، لعدم وجود اجابات محددة حول مطالب المقاومة.
وكان القيادي في حركة حماس أسامة حمدان قد أكدّ في حديث سابق لـ"الرسالة نت"، أن بعض الاطراف الدولية جاءت وعرضت وساطتها في هذا الشأن، "والاحتلال يحاول التذاكي عبر إرسال أطراف دولية للحصول على أي معلومة عن جنوده المختطفين".
وشدد حمدان على أن حركته لن تخوض في مسألة أرقام وأعداد جنود الاحتلال المأسورين لديها، مشيرًا إلى أن (إسرائيل) أنكرت وجود أسرى لها في البداية ومن ثم تحدثت عن أعداد محددة.
وقال حمدان إن "الصمت الذي التزمت به حماس، دفع الاحتلال للإقرار بالخسائر البشرية بشكل دقيق، وحتى يكتمل الاعتراف الإسرائيلي بعدد الجنود المفقودين فإن الحركة لن تعلق على هذا الجانب".
وأوضح حمدان أن شروط حركته للدخول في أي مفاوضات حول الجنود المفقودين، تقديم إشارة واضحة باحترامه للمفاوضات، والتزامه بالصفقة السابقة وإطلاق سراح جميع الأسرى الذين تم اعتقالهم من محرري صفقة وفاء الأحرار.
وأكدّ أن "الإسرائيليين" يحاولون خلط الأوراق من خلال إثارة موضوع الأسرى، وهي محاولة بائسة، يسعون من خلالها إلى التقليل من قيمة الأوراق التي تملكها المقاومة، لافتًا إلى أنّ ما يذكره الاعلام "الإسرائيلي" حول الأسرى "يأتي في إطار المراوغة التي من شأنها تعقيد الأمور لا حلها".
وأشار إلى أن البحث في مفاوضات الأسرى منفصل عن مسار اتفاق التهدئة، الذي تصر الحركة على حسمه بشكل نهائي عبر تطبيق الاتفاق الذي جرى بعد المعركة الأخيرة، عبر الوسيط المصري.
النائب عن حزب العدالة والتنمية روسول طوسون، فأشار إلى أن الاتفاق السياسي بين بلاده والاحتلال كان أوليًا، وفيه عديد النقاط والقضايا التي تحتاج الى تفاصيل من بينها مسائل تتعلق بقضية إنهاء الاسرى.
وقال طوسون لـ"الرسالة نت"، إن الاشكالية تكمن في رؤية الاحتلال لملف التبادل، وهي مسألة مرتبطة بشكل جوهري واساسي في اصراره على الحصول على معلومات دون ثمن وهي قضية غير مقبولة حتى عند الوسيط التركي.