يبدو أن حكومة الاحتلال بدأت بتحريك المياه الراكدة في ملف جنودها المفقودين، من خلال تشكيلها لجنة مختصة للبحث عن وسائل ضغط لتسريع الإفراج عن "الأسرى والجثث" لدى المقاومة في قطاع غزة.
وتدلل تلك الخطوة على بداية خضوع الاحتلال الذي كان يرفض بشكل قاطع الحديث عن جنوده المفقودين ويعتبرهم في عداد الموتى، ويصر على التكتم في قضيتهم.
وأعلن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والامنية (الكابينيت)، عن تشكيل لجنة لدراسة خطوات ضغط لتسريع الإفراج عن جنوده الأسرى في قطاع غزة. ويسعى الكابينيت من وراء هذا القرار إلى إحداث تقدم في مسألة جنوده المفقودين في قطاع غزة.
وذكرت مصادر عبرية أن الكابينيت ناقش أيضاً خلال جلسته الأربعاء الماضي، التضييق على أسرى حماس المعتقلين في السجون طالما بقي الجنود (الإسرائيليون) في الأسر بغزة.
لن نستجيب للضغوط
بدوره قال القيادي في حركة حماس الدكتور صلاح البردويل، إن هذه الضغوط لن تفلح في تحقيق أي نتائج، وإن ملف الجنود لن يفتح إلا بتلبية شروط حماس.
وأضاف ردا على سؤال حول إن كانت ضغوط الاحتلال ستدفع الحركة لتقديم تنازلات، قائلاً: "(إسرائيل) تمارس الضغط على حركة حماس منذ سنوات، ولم ولن تفلح في كسر إرادتنا".
وأكد البردويل في حديثه لصحيفة القدس العربي اللندنية، أن الضغط الذي يمارس من قبل الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين لم ينقطع، وأنهم -أي الأسرى- يطالبون بالحرية ولا يهمهم الضغوط.
وأشار إلى أن الضغط الممارس على حماس كان حتى قبل الحرب الأخيرة على قطاع غزة، وعاد وقلل من أهمية القرار، وقال إنه جاء من أجل "إرضاء الإسرائيليين".
وشدد على أن أيا من طرق حكومة الاحتلال لن تنجح في "ابتزاز حماس"، وأنها لن تخضع للضغوط مهما بلغت.
بداية الطريق
ويرجح الكاتب والمختص في الشأن "الإسرائيلي" حاتم أبو زايدة، أن تشكيل الاحتلال لتلك اللجنة قد يكون بداية الطريق ويمهد لعملية تفاوض طويلة وشاقة بين حماس و(إسرائيل).
ويؤكد أبو زايدة في حديثه لـ"الرسالة نت" أن حكومة الاحتلال معنية بمعرفة مصير جنودها المفقودين في غزة، مبيناً أن هذه الخطوة تأتي في إطار الضغط للحصول على معلومات.
وأوضح أن المقاومة يقظة لمراوغة الاحتلال عبر تجربتها السابقة في ملف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، مستبعداً أن تُبدي الأولى - أي المقاومة-تنازلات في هذا المضمار، موضحاً أن "المقاومة ليست طرفا عربيا أو السلطة لكي يتم ابتزازها أو الالتفاف على مطالبها".
** تعاطي مختلف
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون مع سابقه، مشيراً إلى أن الاحتلال بدأ بخطوات نحو التعاطي مع هذا الموضوع، سيما وأن تعامله السابق في ملف جنوده المفقودين يكتنفه السرية التامة.
وقال المدهون لـ"الرسالة نت" إن الاحتلال لا يملك أدوات للضغط على المقاومة الفلسطينية، لكنه سيحاول المراوغة واستغلال الظروف للضغط بشتى الطرق من أجل تقزيم شروط المقاومة والهروب من دفع الثمن.
واستبعد أن يشكل ضغط الاحتلال على الأسرى الفلسطينيين أي ضغط على المقاومة، لا سيما وأن الاحتلال يضيق على الأسرى بشكل يومي، وأن الأخيرين يدركون مكر العدو ولن يكونوا جسما ضاغطا على المقاومة.
وأخيراً يمكن القول إن الاحتلال بدأ يستجيب لضغط المقاومة عليه، ولن ينجح في إقصاء المقاومة عن شروطها تجاه أي صفقة تبادل مقبلة.