في ظل صراعاتها الداخلية الحادة

"فتح" مرتبكة من المشاركة في الانتخابات المحلية

خاص الرسالة "رسمة مجد الهسي"
خاص الرسالة "رسمة مجد الهسي"

الرسالة نت- فايز أيوب الشيخ

لم تتوقع حركة فتح ذلك الإجماع الفصائلي شبه الكامل على المشاركة في الانتخابات المحلية بما فيها خصمها السياسي الأكبر حركة حماس، الأمر الذي أحدث لديها إرباكاً في مجاراة عاملي الوقت والمكان وخاصة في قطاع غزة، الذي فازت فيه حركة حماس بمعظم المجالس المحلية.

وكانت حماس أكدت على ضرورة وأهمية إجراء الانتخابات المحلية بالضفة وغزة، وتجديد هيئاتها استناداً إلى الإرادة الشعبية الحرة عبر صناديق الاقتراع، بما يؤدي إلى تطوير وتحسين الخدمات المقدمة لشعبنا الفلسطيني، مشيرة إلى أنها ستعمل على إنجاح الانتخابات وتسهيل إجرائها بما يخدم مصلحة شعبنا وقضيتنا وعلى أساس توفير ضمانات النزاهة وتكافؤ الفرص لهذه الانتخابات واحترام نتائجها.

يذكر أن مجلس الوزراء قرر مؤخراً تحديد يوم السبت 8 أكتوبر 2016 موعداً لإجراء انتخابات المجالس والهيئات المحلية، وتكليف لجنة الانتخابات المركزية بالبدء في إجراء كافة التحضيرات والترتيبات اللازمة، لتنظيم الانتخابات في موعدها.

صراعات حادة

ومما يستدعي الإرباك والقلق الحاصل لدى حركة فتح من إجراء الانتخابات المحلية، أن الحركة تعاني صراعات وانقسامات حادة بين تياراتها المختلفة، وهو الأمر الذي كان قد عبر قيادي بارز في حركة فتح بقطاع غزة في حديث سابق لـ "الرسالة"، بمقاطعة الحركة رسمياً للانتخابات المحلية، مؤكداً أن الحركة لا يمكن لها أن تخوض أو تشارك في الانتخابات المحلية المقبلة، دون تنظيم كامل لصفوفها وحل كل الخلافات الداخلية التي تعاني منها.

وأرجع القيادي الذي فضل ذكر اسمه، السبب إلى أن قيادة الحركة في الضفة الغربية المحتلة، لا تزال تتبع أسلوب "التهميش" للحركة وعناصرها في غزة، وهذا الأمر فاقم من الخلافات الداخلية بشكل كبير، وقد يجبر الحركة على عدم المشاركة في أي انتخابات مقبلة، متوقعاً بأن أوضاع الحركة والخلافات القائمة وعدم التوحد والتنسيق بملف الانتخابات، قد يساهم في خسارة أي مرشح لحركة فتح.

غير أن عبد الله أبو سمهدانة عضو الهيئة القيادية لحركة فتح، عبر عن جهوزية حركته لخوض الانتخابات المحلية في قطاع غزة قائلاً " نحن جاهزون للانتخابات المحلية في كل البلديات من شمال القطاع لجنوبه".

وزعم أبو سمهدانة في حديثه لـ "الرسالة نت" أن الخلافات الداخلية التي تُسيطر على حركته لن تكون عائقاً أمام خوضها الانتخابات المحلية، معرباً عن اعتقاده أن ذلك لن يؤثر على فوز حركته في هذه الانتخابات!

وأوضح أبو سمهدانة أن حركة فتح ستدخل هذه الانتخابات "بنفسية كاملة"، ولكنه أبقى الباب موارباً للمشاركة الموحدة كباقي الفصائل الأخرى قائلاً " كل فصيل له صندوقه، ومن نرغب أن نكون له صندوقاً، فلا مانع أن نكون له صندوق حسب النظام والدستور"، على حد تعبيره. 

وأضاف " كل ما علينا في فتح أن نعلن عن مرشحينا للانتخابات وأن نذهب لصناديق الانتخابات"، مشددا على أن حركته ستسعى بكل ما تستطيع لترشيح القوائم التي يرضى عنها جمهورها في كل البلديات.

محاذير فتحاوية

ومن المحاذير الفتحاوية لهذه الانتخابات المحلية، ما كان قد وجهه النائب الفتحاوي ماجد أبو شمالة لقيادة اللجنة المركزية لحركته بالسعي لتوحيد الحركة ولملمة صفوفها قبل المشاركة في الانتخابات المحلية، مشدداً على أنه إذا لم يتم اختيار المرشحين وفق قاعدة تكافؤ الفرص وبعيداً عن أي نوع من أنواع التصنيف والتفصيل وفق أهواء بعض القيادات والشخصيات، وإلا فان على اللجنة المركزية والرئيس تحمل مسؤولية نتائج هذه الانتخابات والتي قد تكون تسليم حركة حماس بعض البلديات في الضفة والقطاع.

أما النائب الفتحاوي عبد الله عبد الله، فقد حاول الابتعاد عن الولوج في طبيعة وتفاصيل مشاركة حركته في الانتخابات المحلية، معتبرا أن خوضهم لهذه الانتخابات يأتي لتكريس مبدأ الديمقراطية في التعامل مع القضايا الخدمية.

وذكر عبد الله لـ "الرسالة نت" أنه من السابق لأوانه الحديث عن الترتيبات الفعلية لحركته لخوض هذه الانتخابات، علماً أن مثل هذه الانتخابات لها قوانينها وإجراءاتها التي يجب أن تسبق عملية الاقتراع.

ويرى عبد الله أن إجراء الانتخابات المحلية فرصة لتجديد نشاط العاملين في الشأن المحلي وتقييم طريقة أدائهم في تقديم الخدمة للمجتمع المحلي، مشيرا إلى أن الديمقراطية تستدعي التجديد في كل فترة زمنية محددة وعلى الجميع أن يتنافس لتقديم الأفضل.

ورفض عبد الله ما قال عنه الفهم الخاطئ للانتخابات المحلية واعتبارها تحدياً بين الفصائل والأحزاب للفوز بها، مؤكداً أن هذه الانتخابات لها بُعد خدماتي فقط وليس لها أي بعد سياسي، وبالتالي من عنده استعداد لتقديم خدمات أكثر وأفضل سوف ينتخبه المواطن، على حد تعبيره.

القبول بالنتائج

ومن ناحية تحليلية، فقد اعتبر المحلل السياسي أسعد أبو شرخ، أن موافقة الجميع عن الانتخابات المحلية "خطوة في الاتجاه السليم ويجب النظر إليها بنوايا صادقة لإنجاحها"، معربا عن اعتقاده بأن الشعب الفلسطيني وصل إلى درجة لأن يعيد فيها اللحمة الفلسطينية من جديد.

ويرى أبو شرخ أن حركة فتح حرة في خلافاتها ومتروكٌ لها شأن ترتيب صفوفها وأوضاعها الداخلية، ولكنه شدد في نفس الوقت على ضرورة ألا تؤثر هذه الخلافات على سير الانتخابات المحلية والعملية الديمقراطية بشكل عام.

وقال أبو شرخ "لا شك أن حركة فتح فيها خلل، ولكن طالما هناك اتجاه داخلها يريد أن يُجري هذه الانتخابات، فلا نريد أن نعطي حجة لأي طرف أو أحد لتعطيلها"، لافتاً إلى أن نجاح هذه الخطوة ستمهد لنجاح خطوة انتخابات أخرى. وأضاف "على الجميع المشاركة ومن ينجح ينجح ومن لا ينجح نأمل أن يقبل بالنتائج".

من جهته، فقد رأى الكاتب ناصر عبد الرحمن أن الموقف الإيجابي لحركة حماس في المشاركة بالانتخابات المحلية، أدخل حركة فتح في معضلة حقيقية ورهان على مستقبلها، متسائلاً "هل حركة فتح قادرة على إعادة صفوفها من جديد والدخول بقائمة موحدة في هذه الانتخابات والفوز بها وتكون مؤشرا للانتخابات التشريعية القادمة، أو تبقي الأمور على حالها وبالتالي سوف تكون الهزيمة حتمية للحركة ومرشحيها؟".

وأوضح أن الواقع يقول حتى هذه اللحظة وفي ظل الأوضاع الحالية التي تعيشها حركة فتح من ترهلات وانقسامات وتجاذبات حادة من الصعب عليها الذهاب بقائمة موحدة أو قائمة تصالحية، إلا في حالة واحدة يتحقق هذا الأمر وهي توافر الوعي العام عند الجميع وإدراك لدي القيادة الفتحاوية بخطورة المرحلة التي تمر بها القضية وحركة فتح.

البث المباشر