تشكل غزة دوما وأبدا عقدة أمنية عسكرية للكيان الصهيوني، ليس بسبب قربها المكاني فحسب؛ بل بسبب ما تمتلكه من صواريخ وأسلحة متطورة تزعج الكيان بسبب وجودها بالقرب من حدوده الواهية؛ كيف لا وقد تصدت غزة الباسلة لثلاثة حروب صهيونية متتالية دمرت الحجر والشجر ولم تدمر الإنسان والروح المعنوية لأبطال غزة .
ولا تزال الحرب الصهيونية الأخيرة على غزة عام 2014م تشكل لعنة تطارد الكيان الإسرائيلي، الدولة الغاصبة التي تعتبر نفسها أكثر دول (الشرق الأوسط ) قوة عسكريا، وجيشها يحتل مرتبة متقدمة بين جيوش العالم؛ وقد كشفت الصحافة العبرية حديثا أن مكتب المراقب العام (الإسرائيلي) أعد تقريرا مفصلا عن الحرب الصهيونية الأخيرة على غزة، جاء فيها كثير من الإخفاقات، وذكرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية أن المراقب العام للدولة القاضي المتقاعد " يوسيف شابيرا " حذر رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) من التعتيم على تفاصيل التقرير، ويتوقع أن يوجه التقرير انتقادات حادة إلى المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، ولا سيما تجاه تقصيره في موضوع تدمير الأنفاق، حيث نقلت صحيفة (معاريف) العبرية عن وزير المالية الصهيوني السابق ( يائير لابيد ) أنه لم تكن نقاشات وزارية وحكومية عن تهديد الأنفاق التي تخترق الحدود الإسرائيلية قبل اندلاع حرب غزة 2014، مؤكدا عدم صحة ما يعلنه (نتنياهو) بشأن ما قيل إنها حيثيات قدمها أمام الحكومة تتعلق بالأنفاق، مشيرا إلى أن الكيان الصهيوني خاض حرب غزة وليس لديه أي عقيدة قتالية واضحة، ولا سيما أن الأنفاق اتضح خطرها حسب المصادر العبرية منذ الحرب (الإسرائيلية) الأولى على غزة أواخر 2008م، ومع ذلك لم تجر مناقشات جوهرية في المجلس (الإسرائيلي) المصغر حول الأنفاق التي تخترق بلدات الكيان، وتم اخفاء جزء من المعلومات الأمنية عن الوزراء (الإسرائيليين).
ويرى كاتب السطور أن إخفاقات الحرب الصهيونية الأخيرة على القطاع إضافة إلى فضائح الفساد المالي التي تلاحق (نتنياهو) تؤكد الخطر المحدق بــــ( نتنياهو) والائتلاف الحكومي في الكيان؛ لكن ما يطيل نفس (نتنياهو) السياسي هو التشرذم داخل الأحزاب السياسية في الكيان والتخبط في القرارات الحكومية وسط الضجيج الكبير من قبل الجمهور الصهيوني والقصور في تلبية احتياجاته الأمنية الدائمة .
ولا تزال لعنة الحرب على غزة تطارد (نتنياهو) والمسؤولين في الكيان، لذلك فإن الاقدام على معركة عسكرية جديدة مع غزة سيكون لها حسابات أخرى بالنسبة للكيان، الذي يدرك تماما الاستعدادات العسكرية على جبهة غزة في حالة اندلاع حرب جديدة، كما يدرك أن سلاح الانفاق الاستراتيجي لدى المقاومة الفلسطينية في غزة يشكل ركيزة أساسية في أية معركة قادمة، لذا يعمل الكيان الصهيوني ووزير الدفاع المتطرف( افيغدور ليبرمان ) على إبقاء حالة الهدوء على جبهة غزة.
والقلق الآخر لدى الكيان الصهيوني في هذا الصيف هو مخيمات طلائع التحرير التي يشرف عليها الجناح العسكري لحركة حماس كتائب القسام- قلق كبير للصهاينة، و يشارك في هذه المخيمات في كل موسم أكثر من 20 ألف مشارك تبلغ أعمارهم بين( 15-21) عاما، ويتلقى الفتية والشباب في المخيمات تدريبات عسكرية مكثفة على الفنون القتالية بشتى أنواعها، وهناك مخيمات عسكرية مغلقة للتدريبات العسكرية الخاصة والمهارات القتالية الصعبة؛ و أعلنت كتائب القسام أن الهدف من المخيمات العسكرية تأهيل جيل التحرير من الشباب الفلسطيني روحيا وعقلياً وبدنياً وسلوكيا؛ من خلال كادرٍ مؤهل؛ ليكون قادرا ومستعدا لأداء دوره المنشود في معركة التحرير.
إن الكيان الصهيوني يشعر بالقلق الكبير والغضب الشديد من مخيمات طلائع التحرير، وقد تحدثت القناة العبرية الثانية قائلة " إن المشاركين في المخيمات يتلقون تدريبات في لعبة الكاراتيه، والدفاع عن النفس، والزحف على الأرض، وتدريبات بحرية، وتدريبات على اطلاق نيران من بنادق للقنص على تماثيل من الجنود الصهاينة، وتدريبات على دخول الانفاق وكيفية التحرك فيها واطلاق النيران على العدو، وعلقت القناة الصهيونية السابعة على مخيمات طلائع التحرير قولها " إن الفتيان، الذين يُشاركون في البرنامج قاموا بأوامر من المُرشدين بإعادة تمثيل قضية أسر الجنديّ الصهيوني، جلعاد شاليط ، كما أنّهم قاموا بعملية تفجير دبابّة صهيونية ، مصنوعة للتدريبات العسكرية من الكرتون، كما أنّ الكبار من الفتيان يقومون بحمل السلاح الحيّ خلال التدريبات، فيما يكتفي الصغار بحمل أسلحة الدمى، خشيةً على حياتهم."
ويشدد كاتب المقال على أن حركة المقاومة الإسلامية حماس، تولي أهمية كبيرة لمنهاج التربية والاعداد لهذه الأجيال قبل الالتحاق بصوف كتائب القسام، بل إن هناك دوائر تربوية متخصصة داخل الحركة يكون همها الكبير وشغلها الشاغل التركيز على اعداد الفتية والشباب اعدادا تربويا سليما يتفق مع مناهج الحركة ورؤيتها الإسلامية في المقاومة والتحرير، كما تولي حماس أهمية كبيرة للاهتمام بالنشء والجيل وسط مغريات الحياة والحديثة ووسط الأمواج المتلاطمة التي قد يغرق فيها الشباب ولا يجدون الطريق الصحيح المرشد له.
ستبقى غزة شوكة في عنق الكيان الصهيوني، وستبقى مصنع الأبطال والرجال، ولن تخدعها قرارات الكيان بتخفيف الحصار أو تصريحات المسؤولين الصهاينة بفتح المعابر (الإسرائيلية)، وستبقى وسائل الاعداد والاستعداد لأية معركة عسكرية قادمة على رأس أولويات برامج المقاومة في غزة.