تباينت المواقف الرسمية لحركة فتح حول اجراء الانتخابات البلدية، فمنهم من رأى أن العملية استحقاق انتخابي وضرورة، بينما ذهب آخرون للتشكيك في اهدافها وشرعيتها، ما تشير الى حالة التخبط داخل القيادة الفتحاوية من قضية الانتخابات، خاصة في ظل تصاعد الخلاف الداخلي .
واختلفت قيادات الحركة في توصيف العملية الانتخابية ومشاركة حماس فيها، واتهم بعضهم الحركة بالانتهازية لأنها وافقت على دخول الانتخابات، واعتبر البعض موافقتها على اجراء العملية الانتخابية بأنها تعزيز لعملية الانقسام.
وتصاعدت دعوات قيادة فتح لتأجيل العملية الانتخابية ، في ظل احتدام الخلاف الداخلي الذي وصل الى ذروته مع قرارات فصل قيادات بفتح، وتشكيل لجنة لاجراء تحقيقات شاملة عن كافة اعضاء الحركة، " وستتخذ قرارات فصل بحق أي كادر يخرج عن قرارات اللجنة المركزية".
مسؤولون فتحاويون انتقدوا الحمد الله لإقراره اجراء الانتخابات
الانتخابات مؤامرة
النائب عن حركة فتح جمال الطيراوي، صوب بسهامه تجاه حركة حماس واتهمها بالانتهازية لـ"أنها وافقت على اجراء الانتخابات البلدية"!، على حد تعبيره.
ورأى الطيراوي في حديث خاص بـ"الرسالة نت"، أن الانتخابات هي جزء من مؤامرة اوروبية واقليمية، بمشاركة اطراف محلية بهدف تغيير النظام السياسي الفلسطيني.
وانتقد الطيراوي موافقة حكومة رامي الحمد الله وترتيبها، وقال "كان أولى على الفصائل أن تحدد هي من رئيس الوزراء وسياسات الحكومة، بدلا من أن تعطي الضوء الأخضر لغير جهات الاختصاص كي تحدد التوجهات السياسية والتنظيمية".
ورأى أن الانتخابات جاءت نتيجة ضغط سياسي اوروبي على السلطة، من أجل تغيير النظام السياسي " وكان رئيس الوزراء صاحب الفكرة وهو من قدم توصية اجراء الانتخابات"، وفق قوله.
الطيراوي: الانتخابات مؤامرة أوروبية واقليمية ومشاركة حماس فيها انتهازية
وأضاف الطيراوي "ينبغي على الفصائل أن تحدد مسارات الحكومة لا أن تكون تابعة لتوصيات جهات سيادية أو رسمية، وأن تناقش قرار المشاركة مع الرئيس، وأن تعلن رفضها لإجرائها".
وأشار الطيراوي إلى أن بعض الأطراف الإقليمية التي تدعي صداقتها للشعب الفلسطيني، تسعى لتجهيز محمد دحلان لقيادة المشهد في المرحلة المقبلة، مضيفًا " هناك أجندة لدى بعض الدول التي تدعي صداقتنا وهي في الحقيقة تكن العداء لنا، تريد تغير المنظومة السياسية الراهنة".
ورأى ضرورة تأجيل الانتخابات في هذه المرحلة نظرًا لـ "حساسيتها"، معتبرًا أن اقرارها هو محاولة للهروب من الازمات الوطنية والسياسية الكبرى، مشيراً إلى أن المجتمع الدولي سيتجاهل بقية الشرعيات الاخرى وسيتعامل فقط مع الانتخابات وفقاً للمخطط الرامي لتجاهل النظام السياسي الراهن.
وردًا على سؤال يتعلق باتهام فتح لحماس بالتهرب من الانتخابات في حال رفضها، أجاب الطيراوي "لا يجوز أن نعلق كل شيء على شماعة الانقسام، التأجيل مصلحة وطنية وقرار وطني، وكان أولى أن تنفذ المصالحة لأنها أقدس من الانتخابات".
الانتخابات تعزيز للانقسام
وأيده في الرأي بسام زكارنة عضو المجلس الثوري لفتح، والذي قال إن موافقة حماس على اجراء الانتخابات تعزيز لعملية الانقسام، ورأى أن إجراء الانتخابات البلدية، جاءت مدخلا لتكريس الانقسام، وأن موافقة حماس عليها عزز هذه العملية ولن يعود بالفائدة لا عليها ولا على حركة فتح، وفق قوله.
وأضاف زكارنة لـ"الرسالة نت"، أن "موافقة حماس على الانتخابات عززت استمرار الانقسام"، معتبرًا أن الهدف من إجراء الانتخابات هي ضرب الشرعيات واستحداث شرعيات بديلة عبر توظيف النتائج لإنهاء شرعية منظمة التحرير وتحويل الحكم خلال عامين للإدارة المدنية "الإسرائيلية" والبلديات.
وقال إن "خطة القضاء على حماس جاهزة فالعالم لن يعترف بها ولن يتعامل معها، ولا يوجد ضامن للتعامل معها بالضفة، وستعمل وفق سياسة السلطة".
وتابع زكارنة أن "هناك خطة من الأوروبيين والولايات المتحدة لتوظيف نتائج الانتخابات في أغراض سياسية من أهدافها تجاوز الشرعية السياسية والوطنية".
زكارنة: دخول حماس الانتخابات عزز الانقسام وانصحها بالانسحاب
ودعا حركتي حماس وفتح للانسحاب من الانتخابات، وتأجيلها لحين إنهاء ملف المصالحة "والرئيس سيوافق على ذلك لو اتفق الطرفان"، معتبرًا أن قرار إجراء الانتخابات أصبح قرار فصائلي وليس قرار الرئيس وحده حتى لو صدر منه.
وأضاف زكارنة أن الرئيس سيوافق على تأجيل الانتخابات لو علم أن حماس ستوافق على برنامجه السياسي الذي يضمن عدم عزل المنظمة والسلطة سياسيًا.
وقال إن "حماس لن تستفيد من اضعاف القيادة الفلسطينية في حال فوزها، لأن المجتمع الدولي لن يعترف بالتعامل معها اصلا، وقد لا يتعامل مع فتح في غزة لأن من يسيطر على الاوضاع هي حماس".
وطالب بتشكيل قوائم موحدة – ولو شكليًا- وفق اهداف خدماتية فقط، "لكي لا تحقق الأطراف الدولية اهدافها في توظيف نتائج الانتخابات".
الانتخابات ضرورة
من جهته، رفض يحيى رباح عضو المجلس الاستشاري لحركة فتح، هذه الآراء، وقال إن هذه التصريحات تعبر عن اصحابها وليس موقفًا رسميًا من الحركة، وقال " إن مشاركة حماس بالانتخابات امر ايجابي".
رباح: الانتخابات ضرورة ومشاركة حماس امر ايجابي
وأضاف رباح لـ"الرسالة نت"، "الانتخابات مدخل سليم لترتيب الاوضاع الداخلية، والحديث عن مؤامرة بشأن الانتخابات أمر لا معنى له".
وأشار رباح إلى الانتخابات كانت استحقاقًا وطنيًا وجاءت بموعدها بناء على قرار الرئيس عباس.
ورأى المختصون في الشأن السياسي أن تناقض التصريحات الفتحاوية حول ارجاء موعد الانتخابات، هي تعبير عن الأزمة داخل الحركة التي تعاني من اشكاليات وصراعات داخلية، وصلت الى حد الاشتباكات المسلحة كما جرى في مخيم طولكرم.